الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة هيئات ومنظمات التحكيم الدائمة / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / تشكيل هيئة التحكيم بواسطة مراكز التحكيم

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    375

التفاصيل طباعة نسخ

 

تشكيل هيئة التحكيم بواسطة مراكز التحكيم

  حيث أنه قد تتجه إرادة الأطراف إلى تخويل مركز من هذه المراكز سلطة الفصل في النزاع بينهما سواء أكان نزاع متوقع الحصول أو كان النزاع دائرا بينهما، فهم يخولون هذا المركز أو المنظمة الفصل في النزاع وفقا للوائحه وأنظمته.

  وفيما يتعلق بتشكيل هيئة التحكيم وفقاً لنظم ولوائح هذه المراكز، فإننا نجدها تختلف من مركز إلى آخر ، ولكنها غالبا ما تندرج تحت إطار إحدى الطرق التالية : 

1- ترك الحرية للأطراف لتشكيل هيئة التحكيم في حالة اتفاقهم.

2- ترك حرية اختيار الهيئة للأطراف لكن من ضمن قوائم المحكمين المدرجة بالمركز . 

3 - اقتراح الأطراف لعدد من الأسماء على أن يختار المركز المحكمين من بينهم. 

4- تعيين كل طرف المحكم وترك المحكم الثالث للمركز.

5- إسناد اختيار المحكمين إجمالا للمركز أو للمؤسسة التحكيمية. 

   وفي أطار مؤسسات التحكيم المصرفي فإننا نجد أن اتحاد المصارف العربية والبنك المركزي المصري قد حددا في اللوائح المنظمة للتحكيم فيهما آلية تشكيل هيئة التحكيم.

   حيث تناولت المادة ١٣ من نظام مركز الوساطة والتحكيم لدى اتحاد المصارف العربية تشكيل هيئة التحكيم فقد أسندت لمجلس إدارة اتحاد المصارف أو اللجنة المختارة من قبله بناء على ترشيح الأمين العام للاتحاد تعيين هيئة التحكيم. وقد حددت اللائحة القواعد الخاصة بهذا الاختيار حيث أشارت إلى أنه في حالة اتفاق المدعي والمدعى عليه على اختيار محكم واحد للفصل في النزاع، فلهما أن يعيناه خطيا باتفاق يتم إبلاغ الأمانة العامة للاتحاد به ، وفي حالة إذا لم يتفق الطرفان على تعيين المحكم خلال المهلة التي حددتها اللائحة بثلاثين يوما من تاريخ إبلاغ المدعي عليه طلب التحكيم، فإن الجهة المختصة بتعيين المحكم هي مجلس الإدارة أو اللجنة المختارة من قبل المجلس.

 كما أشارت الفقرة (ب) من ذات المادة إلى أنه إذا لم يتفق الطرفان على أن يكون المحكم ،فردا ففي هذه الحالة فإن اللائحة تجعل نصاب الهيئة ثلاثة محكمين، ويقوم كل طرف بتعين محكم عنه، ويحق للطرفين منح المحكمين سلطة اختيار المحكم الثالث خلال فترة محددة، فإذا لم يتفق الطرفان على ذلك أو لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث فإن الأمانة العامة للاتحاد تقوم برفع ملف القضية إلى مجلس الإدارة أو اللجنة، والتي بدورها تقوم بتعيين المحكم الثالث وهو من تسند إليه رئاسة هيئة التحكيم . وفي حالة امتناع أحد الأطراف عن تعيين المحكم في حالة الهيئة الثلاثية فإن مجلس الإدارة أو اللجنة تقوم مقامه بتعيين المحكم. 

 وقد وضعت اللائحة شرطاً يتعلق بجنسية المحكم الواحد ورئيس هيئة التحكيم، حيث نصت من خلال الفقرة (د) من م۱۳ على أنه " يتم اختيار المحكم الواحد أو رئيس هيئة التحكيم من دولة عربية غير التي ينتمي إليها الفريقين، غير أنه يجوز بصورة استثنائية اختيار المحكم الواحد أو رئيس هيئة التحكيم من إحدى الدول التي ينتمي إليها أحد الفريقين، إذا اقتضت الظروف ذلك ولم يعترض على هذا الأمر أحد الفريقين. فهي ترى أن يكون المحكم الواحد أو رئيس الهيئة من دولة عربية لا ينتمي لها طرفا النزاع، والواضح أن هدف واضعي اللائحة من ذلك هو ضمان حيادية المحكم الواحد أو رئيس الهيئة، بحيث لا يؤثر الانتماء عليه في إصدار حكمه، وهذه الحيادية تمثل مصدر اطمئنان لطرفي النزاع، ونتفق مع هذا الاتجاه الذي تبنته اللائحة فيما يتعلق بجنسية رئيس الهيئة، كون النزاع له حساسيته الاقتصادية وكما اشرنا فيما سبق أن البنوك تمثل قوة اقتصادية هائلة لأي دوله من الدول، وبالتالي فقد أحسن صنعا واضعو اللائحة عندما نصوا على حيادية رئيس الهيئة. وان كنا نتفق مع أن تكون الهيئة عربيه وفقا للنص إلا أننا نرى بأنه لا يوجد ما يمنع أن يكون رئيس هيئة التحكيم أجنبيا طالما تم اختياره . 

   وقد وضعت اللائحة استثناءاً لهذه القاعدة يتمثل هذا الاستثناء، انه بالإمكان أن يكون المحكم الواحد أو رئيس الهيئة من إحدى الدول التي ينتمي إليها أحد الطرفين، إذا اقتضت الظروف ذلك ولم يعترض أحد من الطرفين .

  أما فيما يتعلق بقرار مجلس إدارة البنك المركزي المصري رقم ٢١١٩لسنة ٤ . ٢٠٠٤ بتاريخ ۲۰۰٤/٩/٢٨ بشأن الديون المتعثرة في وحدات الجهاز المصرفي والذي على ضوئه صدر القرار رقم ۲۰۲ بتاريخ ١٨ يناير ٢٠٠٥ في جلسته رقم ۲۰۰٥/٢ والمتعلق بشأن قواعد التوفيق والتحكيم الاختياري السريع بين البنوك وعملائها المتعثرين فقد جاء في المادة السابعة ما يلي".. يقوم التحكيم السريع على حسم النزاع والفصل في شروط التسوية بواسطة ثلاثة محكمين تتوفر فيهم الخبرة القانونية والمصرفية والمالية اللازمة، وذلك ما لم يتفق الطرفان أو ترى أمانة التوفيق والتحكيم بالبنك المركزي أفضلية تعين خمسة محكمين". نجد أن هذا النص كشف عن جانب هام في شخصية المحكم يتمثل في أن يكون ذا دراية بالجوانب القانونية والمصرفية حتى يتسنى له الفصل في النزاع وفقاً لخبرته، وأراد البنك المركزي من هذا النص تحقيق أكثر من هدف أهمها صدور أحكام التحكيم من أشخاص ملمين بموضوع النزاع، مما يساهم في الوصول إلى الهدف الأساسي من التحكيم في مثل هذا النوع من النزاعات، وهو الفصل في النزاع في وقت قياسي ومن أشخاص لهم دراية كامله بطبيعة موضوع النزاع. 

   وقد فتح النص الباب أمام إمكانية زيادة عدد الهيئة إلى خمسة محكمين متى ما اتفق أطراف النزاع على ذلك أو كان لأمانة التوفيق والتحكيم في البنك المركزي رأي في ذلك.

  وقد نظمت المادة الثامنة من هذا القرار آلية اختيار هيئة التحكيم فجاء فيها "يتم اختيار المحكمين وفقا لقواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي (اليونسترال) المعمول بها أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي خلال أسبوع من تاريخ الإحالة إلى التحكيم .. فمن خلال هذا النص نرى بأن القرار قد أحال ما يتعلق باختيار الهيئة إلى قواعد اليونسترال وقد تناولنا هذه القواعد فيما سبق.

  و تناولت المادة الثامنة في شقها الأخير آلية التعامل مع حالات الامتناع من قبل الطرف الآخر عن تعيين محكم أو في حالة الفشل في اختيار محكم رئيس، حيث جاء فيها أنه في حالة امتناع طرف عن تسمية محكمه بعد إطلاعه بأسبوع أو في حالة فشل الاتفاق على اختيار المحكم الرئيسي خلال الأسبوع من تاريخ تعيين المحكم الأخير، فإنه يتم إسناد ذلك لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي لتعين محكم وفقا لقواعده خلال أسبوع من قوائم المحكمين في البنك المركزي، ويتجلى هنا أن البنك المركزي قد سعى إلى تحقيق الهدف من التحكيم وهو السرعة في الإجراءات، فنجده قد حدد مدداً محددة، وذلك لكي يتسنى البدء في إجراءات التحكيم في أسرع وقت نظرا لما يمثله أطراف النزاع ومحله من أهمية اقتصادية كبرى.

 وان كانت مراكز التحكيم العربية لا تختلف في إطار تشكيلها لهيئات التحكيم عن ما سبق فإننا سنشير بشكل مقتضب لبعض هذه المراكز وآلية تشكيل هيئة التحكيم فيها :

مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري 

 نظمت م۱/۱۲ من لائحة مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري إجراءات تشكيل هيئة التحكيم حيث نصت على أنه "يتم تشكيل هيئات التوفيق والتحكيم وفقاً لاشتراطات الأطراف واتفاقاتهم وفي حال إغفال الأطراف، لأصول تشكيل أو تسمية أعضاء هذه الهيئات أو عدم إيرادهم لأسماء أفراد الهيئات المذكورة، يقوم مدير عام المركز بعد مشاورة الأطراف باقتراح تشكيل هذه الهيئات، ويعلن الأطراف بهذا الاقتراح للرد عليه خلال أسبوع من تاريخ هذا الإعلان..." فمن خلال هذا النص نجد أن اللائحة قد نصت في البدء على منح صلاحية الاختيار لأطراف العملية التحكيمية، وفي حال ظهور عائق حال دون تسمية الهيئة، فإن واضعي اللائحة قد أعطوا مدير المركز صلاحية تتمثل في اختيار الهيئة التحكيمية والتشاور مع أطراف النزاع في ذلك، وقد تم أعطاء الأفراد مهلة أسبوع للرد من خلال إعلانهم من قبل مدير المركز بأسماء الهيئة المقترحة .

   و نظمت الفقرة الثانية من ذات المادة الإجراء المتبع في حالة عدم وصول رد لمدير المركز من أطراف العملية التحكيمية أو أحدهما، حيث اعتبرت أن الاقتراح يعد مقبولا ونافذا ولا يجوز لأي طرف من الأطراف الاعتراض على ذلك إلا في حالة وجود سبب من أسباب رد الهيئة التي نظمتها اللائحة . فنصت الفقرة ٢ على أنه" وإذا لم يرد إلى مدير عام المركز، أي اعتراض خلال المدة المذكورة في البند (۱) السابق، فيعتبر اقتراح مدير عام المركز بتشكيل الهيئة أو تسمية أعضائها مقبولاً من الأطراف ولا يجوز لأي طرف الاعتراض على هذا التشكيل أو التسمية إلا إذا طرأت أسباب تجيز له رد الهيئات المذكورة وفق حكم المادة (۱۳)." 

   وحددت اللائحة الإجراء المتبع في حالة اعتراض أحد أطراف العملية التحكيمية على تشكيل الهيئة حيث أسندت للجنة العرف والتحكيم بالغرفة الفصل في إشكالية تشكيل الهيئة ويعتبر قراراها ملزما للأطراف حيث نصت على ذلك الفقرة الثالثة من م۱۲ من اللائحة بقولها. وإذا أعترض أي طرف على تشكيل الهيئة خلال المدة المحددة في البند (۱) السابق فيصار إلى رفع هذا الاعتراض إلى لجنة العرف والتحكيم لدى غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي للفصل فيها بقرار نهائي وملزم للأطراف. وفي جميع الأحوال يختص مدير عام المركز بإعادة اقتراح تشكيل الهيئة على ضوء قرار لجنة العرف والتحكيم التجاري وفق الإجراءات السابقة". 

مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم

 نهج واضعو لائحة مركز قطر للتحكيم ذات النهج الذي تبنته التشريعات والفقه ولوائح مركز التحكيم، حيث أعطى الحرية ابتداء لأطراف العملية التحكيمية لاختيار هيئة التحكيم شريطة أن يكون العدد وترا، وقد حددت لهم اللائحة خطوطاً عريضة للاختيار حيث أنها وضعت قائمة من الاختيارات الأولية تتجلي في الاختيار إما من لجنة التحكيم بالغرفة أو أن يكون الأمين العام سواء في حالة المحكم الفرد أو أحد أعضاء الهيئة أو أن يتم الاختيار من قائمة المحكمين المعتمدين لدى الغرفة، فإذا لم يرغب الأطراف بذلك فأنه يحق لهم اختيار الهيئة التي يرغبون بها. حيث نصت م18 من اللائحة على ذلك بقولها "١. يختار أطراف النزاع محكما فرداً أو هيئة من ثلاث محكمين أو أكثر وذلك من أعضاء اللجنة أو الأمين العام أو من قائمة المحكمين المعتمدة بالغرفة أو وفقاً لما يتفقون عليه من محكمين إذا اتفقا على عدم الخضوع لهذا النظام ." 

  وهنا لنا وجهة نظر حول صياغة هذا النص ومحاولة تحديد المسار من قبل اللائحة لأطراف العملية التحكيمية، حيث أننا نرى أنه كان من الأفضل أن يكون النص عاما بحيث يواكب روح التحكيم من خلال جعل مجال حرية الأطراف في تحديد المسار كبيرا بعيدا عن الإملاء المسبق .

   وتناولت الفقرة الثانية من ذات المادة مساحة الحرية للجنة في اختيار المحكم الفرد في حالة عدم تسميته من قبل الأطراف حيث أعطت اللجنة الحق في ذلك

بعد أن يتقدم إليها أحد الأطراف بطلب بتعين المحكم الفرد حيث أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية "بقولها إذا كان الاتفاق على محكم فرد ولم يتفق الأطراف على تسميته تقوم اللجنة بتعيينه بطلب من أحد الأطراف ".

   ونظمت الفقرة الثالثة من ذات المادة آلية تشكيل الهيئة في حالة كانت أكثر من محكم حيث نصت على أن يتقدم كل طرف بتسمية محكمه ،وتتم هذه التسمية في طلب التحكيم أو في حالة الرد عليه. 

  وفي حالة الامتناع عن تسمية محكم من قبل أحد الأطراف، فإن اللجنة في الجهة المختصة بتسمية المحكم عن الطرف الممتنع في هذه الحالة، حيث أشارت الفقرة الثالثة من المادة إلى ذلك بقولها إذا كان الاتفاق على هيئة من أكثر من محكم فعلي كل طرف أن يسمي محكماً فإن لم يتم ذلك في طلب التحكيم أو في الرد على الطلب تقوم اللجنة بطلب من أحد الأطراف بتعيين المحكم نيابة عن الطرف الذي لم يفعل ذلك ".

   و نظمت الفقرة الرابعة من ذات المادة الإجراء المتبع في اختيار رئيس الهيئة، حيث أعطت الأطراف الحرية في اختيار رئيس الهيئة سواء بواسطتهم بشكل مباشر أو بواسطة المحكمين المختارين من قبلهم، فإذا حدث ولم يتفق الأطراف على ذلك فإن اللجنة تكون هي الجهة المختصة بذلك، فقد نصت الفقرة الرابعة على أن تختار الأطراف مباشرة رئيساً لهيئة التحكيم أو تطلب من المحكمين اختياره، فإذا لم يتفق الأطراف أو المحكمون على ذلك قامت اللجنة بتعيين رئيس الهيئة".

   وحددت الفقرة السادسة من ذات المادة كيفية اختيار اللجنة للمحكم حيث حددت ذلك كإجراء أولي على أن يكون من ضمن أعضاء الهيئة أو من قوائم المحكمين لدى الغرفة، وجعلت فكرة الاختيار من خارج هذه القوائم في حالة الاقتضاء فقط ، ويعد قرار اللجنة ملزما للأطراف ولا يقبل أي اعتراض إلا وفقا للحالات التي نظمتها اللائحة لرد المحكم ، حيث نصت على ذلك الفقرة السادسة بقولها "تعين اللجنة المحكم / المحكمين أو رئيس الهيئة من ضمن أعضاء اللجنة أو من قوائم المحكمين لدى الغرفة أو من خارجها إذا اقتضى الأمر ذلك، ويكون قرارها في هذا الشأن نهائياً ولا يقبل أي اعتراض بشأنه للأسباب المتعلقة المحكمين في هذا النظام".