الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة المحكمة المختصة بالنزاع / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد18 / كيفية تعيين المحكمين بواسطة القضاء المغربي

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد18
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    181

التفاصيل طباعة نسخ

   نظراً للتحولات الإجتماعية والإقتصادية التي يعرفها عالمنا المعاصر، ونظراً لإرتفاع عدد القضايا المطروحة على القضاء، تدعو كل دولة الى توسيع المنظور الى العدالة وتعميق الدراسة حول مستقبلها. فرغم وجود المزايا المعهودة في القضاء من سيادة القانون وإشاعة الثقة، والكل يعلم مكانة الثقة في عالم الأعمال والمال، تدعو جل الدول الى تشجيع الوسائل البديلة.

    في هذا الصدد، حضت السلطات المغربية، مراراً على مواصلة الجهود لعصرنة القضاء بعقلنة العمل وتبسيط المساطر وتعميم المعلومات، مع تنويع مساطر التسوية لما ينشأ من منازعات بين التجار. واستجابة لهذا الغرض تقوم الآن لجنة عليا لإصلاح المنظومة القضائية بدراسة كل الإختلالات، مع اقتراح كل التعديلات التي من شأنها جعل المنظومة القضائية تساير العصر، وتضمن الثقة والأمن القضائي الضروري لتحفيز الإستثمار والتنمية. وضمن النصوص المقترحة في إطار ورش الإصلاح، يتعلق الأمر بتأهيل الطرق البديلة من وساطة وتحكيم حتى تكون في المستوى المطلوب.

 

أهمية دعم الجهاز القضائي:

   لقد تبين من كل التجارب المدروسة انه من دون مساندة الجهاز القضائي نفسه فإن ارادة الأطراف لفض النزاع عن طريق الطرق البديلة لا يمكن ان تؤدي مفعولها. لتفعيل هذه الإرادة يجب ان يشترك الطرفان في تحقيقها. فيكون دور القاضي هنا أساسيا في حالة امتناع أحد الطرفين عن التصرف بنية حسنة لإتمام المسلسل التحكيمي.

   ضمن المناورات لإعاقة مسطرة التحكيم والخرق المقصود لإلتزام الموقع تعتبر عملية امتناع احد الطرفين عن المساهمة في تشكيل المحكمة التحكيمية المنصوص عليها بمقتضى الإتفاق بعدم تعيين محكمه الشخصي او بتعيين محكم غير جدير بالثقة.   

   في القانون المدني الكل يعلم ان رفض طرف الالتزام بعمل يواجه بالحق في التعويض وتفعيل هذا الحل يعني موت الإتفاقية او على الأقل عدم فعاليتها على ارض الواقع. 

    واذا كانت الدراسات الفقهية تعتبر التحكيم وسيلة بديلة لقضاء الدولة، فإنه طرح محدود النطاق، من حيث الفصل في موضوع الخصومة، اذ لا محيد عن الرجوع الى قضاء الدولة في نهاية المطاف، ليعاين حدود اختصاص الهيئة التحكيمية، وعدم خرق أحد المبادئ الكبرى التي من شأنها ان تعدم الحكم التحكيمي وتفتح المجال للجوء الى قضاء الدولة من جديد.

 

أهمية تدخل النيابة العامة في قائمة المحكمين:

   يجب على الأشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتيادياً او في إطار المهنة بمهمات المحكم، اما بصورة منفردة او في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد اغراضه الإجتماعية، ان يصرحوا بذلك الى الوكيل العام لدى محكمة الإستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل اقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين او المقر الإجتماعي للشخص المعنوي.

   يسلم الوكيل العام وصلاً بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الإستئناف المعنية، وذلك بعد دراسة وضعيتهم.

   لقد اعترض ممثلو عالم الأعمال المتشبث بمبدأ استقلالية القرار واللجوء الى القضاء، الا في حالة الضرورة على الزامية التصريح الى الوكيل وقررت وزارة العدل المغربية ان تقبل الأحكام التحكيمية الصادرة عن محكمين تختارهم الأطراف بدون أن يكونوا مسجلين في لائحة النيابة العامة.

 

أهمية تدخل القاضي في تعيين المحكم:

   يتم في القانون المغربي اللجوء الى القاضي من اجل إجبار الطرف الممتنع على احترام الإتفاق وعند الإقتضاء يعين القاضي المحكمة التحكيمية التي ستبت الطلب وينص القانون المغربي للتحكيم على تدخل القاضي من أجل:

 

1- تفعيل مبدأ الوترية في تشكيل المحكمة التحكيمية في حالتين:

  • تنصيص الأطراف على عدد زوجي من المحكمين.

    اذا عين الأطراف عدداً مزدوجاً من المحكمين، وجب إكمال تشكيل الهيئة التحكيمية بمحكم يتم اختياره، اما طبقاً لما اتفق عليه الأطراف، واما من لدن المحكمين المعينين في حالة عدم حصول هذا الإتفاق، وإما من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل للطعن ان لم يحصل اتفاق بين المحكمين المذكورين.

 • في حالة عدم اتفاقهم على تعيين المحكم الإضافي:

    اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين يعين كل طرف محكما ويتفق المحكمان المعينان على تعيين المحكم الثالث، فاذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال 15 يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، او اذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال 15 يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما، يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب اي من الطرفين، وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان او الذي عينه رئيس المحكمة.

2- اختيار المحكم او المحكمين الناقصين في حالة تخلف هذا الطرف او ذاك.

3- عدم تنصيص اتفاقية التحكيم على الإختيار بالمرة: اذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين.

4- بت الصعوبات المتعلقة بالتجريح او عزل المحكم.

5- بت صعوبات تعويض المحكم.

6- بت طلب تمديد الأجل.

   وكما نرى لا يرجع الى محكمة الرئيس الا في حالة نشوب نزاع بين الأطراف، وقد تم اختيار التحكيم لحل النزاعات الناجمة عنهم، اذ لا يختص الرئيس لتصحيح ما اعترى الشرط التحكيمي من عيوب تفسد أعماله.

   ولا نميل الى صلاحية الرئيس في تقدير قابلية النزاع للتحكيم من عدمه، لأن مثل هذا التقدير مما تستقل به المحكمة التحكيمية، والذي يخضع لاحقا لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى الطعن بالبطلان.

   ولا يختص الرئيس الا اذا تحققت الشروط التشريعية التي تمنحه الإختصاص للتدخل لإنشاء الهيئة التحكيمية. ويفهم من هذا المقتضى استثنائية الإختصاص القضائي في التحكيم، ولن يمد الإختصاص الى سماع الأمر ببطلان اتفاق التحكيم او اقرار مسؤولية المحكم الذي لم يستمر في التحكيم الى نهايته.

   وتتحدد الخاصية الإحتياطية لتدخل محكمة الرئيس في مجال التحكيم في صلاحية الهيئة المختارة في اتفاق التحكيم قصد حل الصعوبات التي تتعلق بتشكيل الهيئة التحكيمية. وفي هذه الحالة تتعطل صلاحية الرئيس من اجل المساهمة في انشاء هذه الأخيرة.

    ولا نعتقد بصلاحية الرئيس لتقدير صحة اتفاق التحكيم وتحديد مداه ونطاقه، وذلك في غياب تنصيص صريح يمكن رئيس المحكمة من تقدير البطلان البين لاتفاق التحكيم، كما هو الأمر بالنسبة الى القانون الفرنسي.

    ويختص رئيس المحكمة المختصة بتشكيلة الهيئة التحكيمية في جميع المراحل بدءاً بتأسيسها وبعد تأسيسها، في حالة حصول المانع بسبب الوفاة او تغيير الأهلية او الإستقالة، وهذا ما يستفاد من الفصل 327-5 من قانون المسطرة المدنية.

   ويتدخل رئيس المحكمة المختصة لتعيين محكم ثان، اذا تقاعس الطرف الآخر عن اختياره في الأجل المقرر له قانوناً او اتفاقاً، او تعيين محكم ثالث اذا لم يتفق المحكمان على اختيار محكم ثالث، او استبدال محكم بآخر في حالة قبول التجريح.

   ويتم تعيين المحكم من طرف الرئيس وفق المسطرة الحضورية وبصفته قاضياً للمستعجلات وبنص خاص. ويقدم اليه طلب بالتعيين من قبل الأطراف دون النص على هذه المكنة بالنسبة الى المحكمين، وهو ما سمح به القضاء. ويكون الأمر القاضي بتعيين المحكم غير قابل لأي طريقة من طرق الطعن.

 

أهمية تدخل القاضي المغربي في التحكيم الدولي:

    وبالنسبة الى التحكيم الدولي يتدخل قاضي الدعم المغربي من اجل سد الثغرات المتعلقة بصعوبات تشغيل المحكمة التحكيمية مع اختلاف في هوية قاضي الدعم بحسب ما اذا كان التحكيم جارياً بالمغرب أم بالخارج. فإذا كان التحكيم جارياً بالمغرب، فإن الرئيس المختص في هذه الحالة هو رئيس محكمة مقر التحكيم، اما اذا كان جارياً بالخارج، فإنه في هذه الحالة يكون قاضي الدعم هو رئيس المحكمة التجارية بالرباط، شريطة ان ينص الأطراف على تطبيق قانون المسطرة المغربي.

   واخيراً يكون تدخل القاضي استثنائياً في حالة التحكيم المؤسساتي، بحيث ينص القانون الداخلي للمؤسسة المشرفة على التحكيم على الوسائل المتخذة في حالة رفض احد الطرفين الإلتزام بتعيين المحكم.