المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة المحكمة المختصة بالنزاع / الكتب / دور القضاء في منازعات التحكيم في القانونين اللبناني والعراقي (دراسة مقارنة) / التدخل القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية في القانون اللبناني:
التدخل القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية في القانون اللبناني:
تنص المادة (٧٦٤ ) أ. م. م اللبناني: "اذا حصل بعد نشوء النزاع ان قامت عقبه في سبيل تعيين المحكم أو المحكمين بفعل أحد الخصوم، أو لدى تطبيق طريقة تعيينهم . فيتطلب تعيينهم من رئيس الغرفة الابتدائية". يلاحظ ان هذا النص قد قرر حكما عاما يتعلق بإمكانية الخصوم الالتجاء إلى القضاء عند حدوث خصام بين الأطراف حول تشكيل هيئة التحكيم، فعلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع تولي مهمة تعيين المحكم أو المحكمين وهذه المحكمة في لبنان هي محكمة الغرفة الابتدائية. والعقبات امام تعيين المحكمين لها صورتان، الأولى عقبات راجعة إلى تصرف احد الخصوم، كما في حالة عدم اتفاقهم على اسم المحكم لوجود شكوك لاحد الأطراف على شخصه واستقلاله أو نزاهته، أو تخلف احد الأطراف عن تعيين المحكم من جانبه خلال الفترة المحددة، أو عدم الاتفاق أو الفشل في تعيين المحكم الثالث والثانية، عقبات راجعة إلى طريقة تعيين المحكمين .
وفي كل الأحوال فان القضاء لا يحل محل اطراف النزاع في تعيين المحكمين، وانما يقتصر دوره على تقديم المساعدة لهم في تحقيق ارادتهم في الاختيار، وعدم إعطاء مبرر وذريعة لاحد الأطراف للتنصل من اتفاق التحكيم باعتبار ان تدخله من تلقاء نفسه سيؤدي إلى نتائج وشكوك حول حياده .
وتطبيقا لذلك قضت الغرفة الابتدائية في بيروت: "ان المادة ٧٦٢ أ م م اللبناني تتضمن قاعدة آمرة من خلال تحديدها المرجع القضائي المختص بتعيين المحكم وحصره برئيس الغرفة الابتدائية دون سواه، بحيث ان الصلاحية المنصوص عنها في هذه المادة هي صلاحية نوعية وحصرية والزامية. لئن كان طلب تعيين المحكم قد رفع من الجهة المستدعية إلى المحكمة إلا انه يتبين من خلال التطبيقات الواردة فيه انه موجه إلى رئيس المحكمة. ولئن كان البند التحكيمي قد نص على قيام كل من الطرفين بتسمية محكم عنه دون ان يحدد ما اذا الاتفاق قد حصل بين الطرفين على تعيين محكم ثالث، باعتبار أنه في جميع الاحوال يجب ان يكون عدد المحكمين وترا وفقا للمادة ۱/۷۷۱ أ م م ، إلا انه عملا بالمادة ٣٦٧ موجبات وعقود يجب تفسير نص الاتفاق التحكيمي من خلال اعطائه المعنى الذي يجعل هذا النص ذا مفعول واستبعاد المعنى الذي يبقى معه النص بلا مفعول.
اضحى بإمكان المحكم عند التذرع بعدم صحة العقد الاساسي ان ينظر بالاستناد إلى البند التحكيمي في المنازعة المثارة حول ولايته، بحيث يكون هذا الأمر خارجا عن اختصاص رئيس هذه المحكمة ان الاجتهاد اعتبر ان تدخل جهة غير موقعة على الاتفاق في المفاوضة شانه أو في تنفيذه من شأنه ان يشكل قرينة على انصراف نية المتعاقدين الحقيقية إلى اعتبار الجهة غير الموقعة للاتفاق طرفا حقيقيا فيه وبالتالي ملزمة بهذا الاتفاق.
يستنتج من صراحة نص المادة ٧٦٣ أ م .م. أن بيان الطريقة التي يعين بها المحكم، اذا ما ورد في البند التحكيمي، كونه كافيا لاعتبار البند التحكيمي صحيحا من هذه الزاوية، فبيان الطريقة وحده كاف دون ان يكون ضروريا تعيين المحكمين بالأشخاص أو الصفات. لذلك يقرر: 1- رد كافة الدفوع المدلى بها من قبل المستدعى بوجهه. 2- تعيين المحامية الدكتورة ريان عساف محكما عن المستدعى ضده السيد جواد هاشم وذلك إعمالا للبند التحكيمي الوارد في المادة ۱۰ من العقد المبرم بينه وبين المستدعية شركة المركز الدولي ش. م. م، ومع تدوين تسمية الاستاذ فؤاد محمد الحجار محكما من قبل هذه الاخيرة، وابلاغ ذلك ممن يلزم 3- تكليف المحكمين المعينين بتسمية المحكم الثالث خلال مهلة اسبوع من تاريخ تبلغهما هذا القرار وقبولهما المهمة، والا يصار إلى تعينه من قبلنا بناء على الطلب .
والملاحظ هنا : - أن تطور التحكيم في الوقت الحالي نتج عنه تولي مراكز تحكيمية بل مؤسسات تحكيمية لها القدرة والكفاءة على تعيين المحكمين الأكفاء وحل المشاكل العالقة والعراقيل التي تواجه تشكيل هيئة التحكيم، الا ان المشرع اللبناني لم يلتفت لذلك وقصر الأمر في رئيس الفرقة الابتدائية .