المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة المحكمة المختصة بالنزاع / الكتب / دور القضاء في منازعات التحكيم في القانونين اللبناني والعراقي (دراسة مقارنة) / دور القضاء في تشكيل هيئة التحكيم واجراءاتها
لاريب ان نجاح العملية التحكيمية برمتها مرتبط باختيار الهيئة التحكيمية بدقة، من حيث الكفاءة في إدارة موضوع النزاع والتوصل إلى قرار تحكيم عادل. وتمارس هيئة التحكيم سلطات موضوعية أثناء سير الاجراءات واستمراريتها في المواعيد المحددة وتفرض رقابة مستمرة على الاطراف لتنفيذها والسير فيها ابتداءا من الجلسة الاجرائية الاولى وتقديم صحيفة الدعوى والاعتراضات ثم المرافعات وتقديم المستندات وادارة الجلسات واجراء التحقيقات وسماع شهادة الشهود والاستعانة بالخبراء ثم انهاء الاجراءات باصدار قرار التحكيم المنهي للخصومة.
وهيئة التحكيم لا تقف سلطاتها باختيار شكل الاجراءات وانما تمارس مهامها أثناء سير الاجراءات انطلاقا من الطابع القضائي لمهامها من خلال فرض الرقابة المستمرة لإجبار الخصوم على الالتزام بالمراحل الاجرائية الواجبة الاتباع ملتزمة بالنصوص القانونية التي تقرر صحة الاجراءات التي تختلف نوعا ما عن اجراءات الدعوى التي ترفع امام المحكم العادية، فقوام مسيرتها رهن بما أتفق عليه الاطراف في اتفاق التحكيم التي يتوجب على هيئة التحكيم اتباعها. وفي حال لم يوجد اتفاق بشأن الاجراءات الواجب اتباعها فأن هيئة التحكيم هي التي تحدد الاجراءات الملائمة بما لا يعاض قواعد النظام العام والنصوص القانونية.
وتبدأ المرحلة الاولى لإجراءات التحكيم باتخاذ أي إجراء سواء بحضور الخصوم أنفسهم أمام هيئة التحكيم أو بإعلان أيا كانت صورته يقوم به أحد الاطراف في مواجهة الطرف الآخر. فالمشرعان اللبناني والعراقي أجازا للخصوم الاتفاق على عرض نزاعهما على هيئة تحكيم للفصل فيه، وحددا الإجراءات التي يستند عليها في تشكيل هذه الهيئة وحرية اطراف النزاع في اختيار وتعيين أعضاء الهيئة.
وبعد عزم الخصوم الالتجاء إلى التحكيم بعيدا عن القضاء الرسمي لفض النزاع على هيئة التحكيم المباشرة في إجراءات التحكيم وانجازها وصولا إلى قرار التحكيم المفضي إلى حل النزاع متخذة شرعيتها من اتفاق الخصوم وتأييد القضاء لهذا الاتفاق. وفي مرحلة لاحقة يباشر القضاء الرسمي ممثلا بالمحكمة المختصة بنظر النزاع رقابته على اعمال الهيئة التحكيمية من حيث صحة تعيين المحكمين أو ردهم أو عزلهم أو اعدادهم أو الالتزام بمهلة التحكيم أو تمديدها عند الضرورة.