الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة المحكمة المختصة بالنزاع / الكتب / التحكيم التجاري دراسة قانونية مقارنة / التعيين من قبل المحكمة المختصة

  • الاسم

    شاهر مجاهد الصالحي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    101

التفاصيل طباعة نسخ

التعيين من قبل المحكمة المختصة  :

تشكيل هيئة التحكيم وتعيين المحكمين لا تسير دائماً بسلام . . . فهناك صعوبات تعترض تشكيل هيئة التحكيم. ولعل واحدة من نقاط الخلاف التي قد تنشأ بين الأطراف في اختيار وتعيين المحكمين عندما ينشأ النزاع . . . وذلك عندما يتخلف طرف عن تسمية محكمه، أو في حالة فشل الطرفان بشكل مباشر أو عبر محكميهم في تعيين المحكم الثالث . . . والمنطقي في تجاوز هذه الخلافات هو أن يكون الطرفان قد أحالا الأمر إلى سلطة تسمية المحكمين. هذه السلطة في التحكيمات النظامية عائدة لمركز التحكيم ذاته، إذا نص اتفاق التحكيم على سلطة تسمية، فإن المشكلة في هذه الحالة تحل بإحالة الخلافات المتعلقة بتسمية المحكمين إلى هذه السلطة لتعيين المحكمين.

لكن المشاكل تثور دائماً في تحكيمات الحالات الخاصة . . . ولا شك أن الأمر يزداد تعقيداً عندما يكون التحكيم دولياً . . . فمن هي سلطة تسمية المحكمين في هذه التحكيمات هل هي المحاكم القضائية ؟ وهل يتم وفقاً للقانون المطبق على موضوع النزاع أم على قانون مكان التحكيم ؟ وهنا يأتي تدخل القضاء لمد يد المساعدة للتحكيم لكي لا يتعثر تشكيل هيئة التحكيم . . . فعون القضاء يعتبر مطلوباً حتى لا يصبح التحكيم مشلولاً بسبب تعنت الطرف سيئ النية الذي ليس له مصلحة في استمرار التحكيم والفصل في النزاع لظروف تعود إلى موقف وحجة هذا الطرف.

في الأردن قالت محكمة استئناف عمان إن : " طلب تعيين محكم لحل الخلاف تستجيب له المحكمة عملاً بأحكام قانون التحكيم . . . ويبلغ القرار للمحكم للإجابة خطياً بالموافقة ".

التشكيل بموجب النصوص القانونية :

ورد في القانون النموذجي للتحكيم أنه في حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكمين وفي حالة التحكيم بثلاثة محكمين يعيّن كل من الطرفين محكماً ويقوم المحكمان المعينان على هذا النحو بتعيين المحكم الثالث؛ وإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه، أو إذا لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث وجب أن تقوم بتعيينه - بناء على طلب أحد الطرفين - المحكمة أو سلطة التعيين التي أتفق عليها الأطراف، وإذا كان التحكيم بمحكم فرد ولم يستطع الطرفان الاتفاق عليه تعينه المحكمة أو سلطة التعيين.

قانون التحكيم المصري أسند لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم. وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك أتبع ما يأتي :

(أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة (۹) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين.

(ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاث محكمين أختار كل طرف محكماً ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة (۹) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين.

كذلك نجد قانون التحكيم الأردني ونظام التحكيم السعودي، قد اتبعا نفس النهج للقانون المصري للتحكيم إلا أن الاختلاف يظهر في أن قانون التحكيم المصري قد أعطى مهلة ثلاثين يوماً للطرف الذي لم يعين محكماً عنه أو للمحكمان المختاران من الطرفين لاختيار المحكم الثالث، فإن لم يتم هذا الاختيار خلال هذه المدة يعين هذا المحكم من قبل المحكمة المختصة بناءً على طلب أحد الأطراف . . . في حين أن قانون التحكيم الأردني ومعه نظام التحكيم السعودي قد اختصرا هذه المهلة بخمسة عشر يوماً إعمالاً بمبدأ السرعة التي يتميز بها التحكيم التجاري.

أما قانون التحكيم السوري فقد تضمن حكماً لم يرد في باقي القوانين محل الدراسة حين نص على أنه يجب أن يكون عدد المحكمين الذين تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الطرفين.

كذلك ينص قانون التحكيم العراقي على أن القرار الصادر من المحكمة المختصة بتعيين المحكم عندما يطلب منها ذلك يكون هذا القرار غير قابل للطعن وهذا النص لم يرد في أغلب القوانين الأخرى. وهو حكم وجوبي الهدف منه الإسراع في اكتمال تشكيل هيئة التحكيم ومنع أي عراقيل من شأنها تأخير البدء في الإجراءات دون مبرر وحتى لا يصبح التحكيم مشلولاً بسبب تعنت الطرف سيئ النية.

وجاء في القانون اليمني للتحكيم بشأن تعيين المحكمين أنه : " إذا كان لا بد من تشكيل لجنة التحكيم من أكثر من محكمين يقوم كل طرف باختيار محكماً عنه ثم يتفق المحكمان على المحكم الثالث أو في حالة عدم اتفاق المحكمين على المحكم الثالث خلال مدة الثلاثين يوماً التالية لتعيين آخرهما تتولى المحكمة المختصة تعيينه بناءً على طلب أحد الطرفين ويترأس لجنة التحكيم المحكم الذي أختاره محكما الطرفين أو الذي عينته المحكمة المختصة ".

ما يعيب هذا النص هو أنه لم يعالج إشكالية فيما لو أن احد الطرفين لم يعين محكمه وهذا يحدث في حالات كثيرة . . . فالنص لم يحدد مدة لكل طرف بتعيين محكمه، وهذا القصور في التشريع يفسح المجال لأي طرف يستغل هذا الفراغ للمماطلة في الإجراءات وإطالة أمد التحكيم. هذا من جانب، ومن جانب آخر لم يعالج هذا النص ولا أي نص آخر في القانون حالة عدم تعيين أي طرف لمحكمه خلال تلك الفترة كأن يحيل إلى المحكمة المختصة تعيين هذا المحكم كما هو الحال عليه عندما يفشل المحكمان المختاران بتعيين المحكم الثالث الذي تتولى المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أحد الطرفين.

وقد لوحظ أثناء التطبيق العملي للقانون أن المحاكم التجارية تعاملت مع هذه النصوص بتباين واضح فالبعض منها رفضت الاستجابة لطلبات تعيين محكم للطرف الرافض تعيين محكماً عنه لعدم وجود نص في القانون يفوضها بهذا التعيين، في حين تولت بعض المحاكم هذا التعيين قياساً بالنص الذي يخول لها تعيين المحكم المرجح عند فشل المحكمان المعينان من الطرفين في الاتفاق على تعيينه.

والملاحظ أن قوانين التحكيم محل الدراسة أخضعت مسألة تعيين المحكمين لسلطان الإرادة . . . فأطراف التحكيم هم من يحدد الإجراء الذي يتوجب إتباعه في تعيين المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم وعددهم . . . وهذا الاتفاق عادة يتم النص عليه في اتفاق التحكيم.

لكن عندما يصعب على الأطراف تشكيل هيئة التحكيم في الوقت والكيفية المتفق عليها، وإذا لم يكن تنظيم التحكيم منوطاً بجهة معينة كمؤسسة تحكيمية على سبيل المثال، فإن الدور هنا يأتي على القضاء من خلال المحكمة المختصة التي حددها القانون، فهي من يتولى تعيين المحكم أو المحكمين الذين تعثر على الأطراف تعيينهم.

والمحكمة المختصة حين تقوم بتعيين المحكمين ليس من تلقاء نفسها وإنما بناءً على طلب أحد الأطراف . . . وهي عندما تقوم بهذا الإجراء، إنما تحل محل أطراف التحكيم أو أحدهما في اختيار المحكمين . . . والهدف من ذلك هو التعجيل بعملية التحكيم الذي أتفق الأطراف على اختياره لحل نزاعهم.

من جانب آخر نجد القوانين محل الدراسة صرحت بأن يكون التعيين من سلطة المحكمة المختصة وليس من رئيس المحكمة . . . ومقتضى ذلك، إنه لا يجوز تعيين هذا المحكم بأمر من رئيس المحكمة وإلا كان التعيين باطلاً مما يعرض حكم التحكيم للبطلان.

وربطاً بهذه المسألة، فإن المحكمة وهي بصدد تعيين المحكم لابد لها من مراعاة الشروط التي يوجبها القانون واتفاق الأطراف بهذا الشأن . . . بالإضافة إلى ذلك يكون لزاماً على المحكمة إصدار قرارها بتعيين المحكم على وجه السرعة. ولا يُقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .

في التطبيقات القضائية، وفي لبنان حيث يجيز القانون لرئيس المحكمة تعيين المحكمين قضت محكمة استئناف بيروت بأن : " القرار الصادر عن رئيس محكمة الدرجة الأولى بتعيين محكم غير قابل للطعن متى تحقق من وجود البند التحكيمي وصحته واحترام الآلية المتفق عليها من الفرقاء لتعيين المحكم ".

وفي الأردن، قضت محكمة التمييز بأن : " قرار تعيين محكم غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق المراجعة والطعن به مردود شكلاً ".

وفي الكويت، قضت محكمة الاستئناف إلى أن : " تعيين المحكم لا يقبل الطعن. سائر الأمور موضع النزاع المتعلقة بتعيين المحكم أو رفضه تقبل الطعن ".

(114)