يملك القضاء عند إنهاء مهمة المحكم استبداله بذات شروط ومؤهلات المحكم الأصلي . عند فشل الأطراف أو إمتناع أحدهم عن تعيينه، وذلك وفقا لنص المادة "٢١" التى أجازت القضاء اختيار محكم بديل عند إنتهاء مهمة المحكم برده أو عزله أو تنحيه أو لأى سبب أخر . ومن ثم ليس هناك ما يحول دون الاستمرار في إجراءات التحكيم وطلب تعيين المحكم من قبل القضاء، وفي تصورنا أنه ليس هناك ما يحول من الناحية القانونية دون الجمع بين طلب انهاء مهمة المحكـــم وطلب تعيين محكم بديل توفيراً للوقت والإجراءات.
أما بالنسبة لما يعرف بهيئات التحكيم الناقصة أو المختصرة truncated tribunis ومدى جواز استمرار ما تبقى من الهيئة في نظر الدعوى والفصل فيها دون تعيين محكم بديل، فهو فرض لم يتناوله التشريع المصرى بنص صريح. لذلك نرى عدم جواز استمرار الهيئة فى نظر النزاع والفصل فيه دون تعيين محكم بديل إذ إن ذلك يخالف مبدأ وجوب اشراك جميع المحكمين في إجراءات التحكيم، ومبدأ أن يكون عدد المحكمين وتراً؛ لذلك يجب دائماً تعيين محكم وجوب بديل وفقا للقواعد المعمول بها في المادة ۲۱ من القانون المصرى.
وينطبق الحكم السابق إذا كان التحكيم يجرى وفقاً لأحكام القانون المصرى، ولكن ماذا يكون الحكم لو اتفق الأطراف على غير ذلك إما بشكل مباشر أو من خلال الإحالة إلى قواعد أحد مراكز أو مؤسسات التحكيم التي تسمح باستمرار الهيئة فى نظر التحكيم والفصل فيه دون حاجة إلى تعيين محكم بديل. هل يعتبر الحكم الصادر في هذه الحالة صحيحاً ويجب على المحاكم المصرية الاعتراف به وتنفيذه، أم أنها تحكم ببطلانه لعدم مراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي ؟
قضت محكمة استئناف القاهرة بأن حكم التحكيم يجب أن يصدر من نفس الهيئة التي سمعت المرافعات التي سبقته وانتهت به إذ إن هذه قاعدة تعتبر من القواعد الآمرة فى قانون المرافعات المصرى بما يلزم وجوب إعمالها في جميع الأحوال حتى لو كانت القواعد الإجرائية واجبة التطبيق على التحكيم تقضى بغير ذلك. فهذه القاعدة لها الغلبة حتى لو اتفق الأطراف على غير ذلك.
(محكمة استئناف القاهرة فى الدعويين رقما ۱۲۳ ، ١٢٤ لسنة ۱۲۱ ق جلسة ٢٠٠٦/١٢/٢٧)
ونرى مع ذلك اعتماد ذات الرأى الذى قلنا به سابقاً حتى في هذا الفرض الذي يخضع فيه التحكيم لغير قواعد القانون المصرى، حيث يستوجب الأمر التفرقة بين فرضين. الفرض الأول أن يكون المحكم الذى انتهت مهمته قد تنحى أو تم عزله بعد قفل باب المرافعة وتمام المداولة، إذ لا حاجة إلى تعيين محكــم بديل في هذه الحالة لأن عدم مشاركة المحكم في إصدار الحكم قد يكون الغرض منه عرقلة صدور الحكم أو أنه اعتراض ضمنى على ما ذهبت إليه أغلبية هيئة التحكيم. يضاف إلى ذلك أنه إذا كان الأطراف قد اتفقوا على جواز صدور حكم التحكيم بأغلبية الآراء، جاز لباقى المحكمين إصدار الحكم شريطة إثبات أسباب عدم مشاركة المحكم الممتنع وذلك وفقا لنص المادة ١/٤٣ من قانون التحكيم. ويعتبر الحكم صحيحاً في هذه الحالة لصدوره بعد مشاركة جميع أعضاء الهيئة وسماعهم للمرافعات وتمام المداولة بينهم.