الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة المحكمة المختصة بالنزاع / الكتب / قضاء التحكيم / اختيار هيئة التحكيم عن طريق قضاء الدولة تدخل القضاء بالمساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    700

التفاصيل طباعة نسخ

اختيار هيئة التحكيم عن طريق قضاء الدولة تدخل القضاء بالمساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم

قد يصادف تشكيل هيئة التحكيم باتفاق الأطراف مشاكل متعددة تحول دون قيام هذا التشكيل، وهنا فقد واجه القانون المصرى هذه المشاكل بنصوص المواد ۱۷، ۱۸، ۱۹ من قانون التحكيم المصرى الجديد.

     ويعتبر تدخل القضاء بالمساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم هو من قبيل الأثر الإيجابي لشرط التحكيم أن الأثر الإيجابى لشرط التحكيم يقضى بأن يلتزم الأطراف بعرض النزاع على التحكيم فهو التزام يقع عليهم، ومن ثم فإن تدخل القضاء بالمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم هو من قبيل مساعدة الأطراف على تنفيذ التزامهم باللجوء إلى التحكيم - تنفيذا عينيا وهو ما يساعد علـ تحقيق الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم.

    وعلى هذا فإن القضاء يتدخل بالمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم في الحالات الآتية:

أولاً: مخالفة أحد الأطراف للإجراءات والشروط المتفق عليها:

     تشمل هذه الحالة الصعوبات التى ترجع لفعل الخصوم كما في حالة عدم محكمة اتفاقهم على شخص المحكم الفرد أو تخلف أحدهما عن تعيين محكمة الذي ينبغي عليه تعيينه. ففي مثل هذه الأحوال يجوز لأى من الطرفين اللجوء إلى القضاء لتعيين المحكم بدلاً من خصمه. وتتعلق هذه الحالة بشكل أساسي بما تنص عليه المادة ۱/۱۷ (أ) و (ب) من قانون التحكيم المصرى.

    فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، أوجب المشرع المصرى على كل طرف القيام بتعيين محكمه خلال ثلاثين يوما من تسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر. فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوما المحددة، تولت المحكمة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين. وتقوم المحكمة باختيار المحكمين بالنظر إلى طبيعة النزاع ومتطلباته وذلك بمراعاة الشروط التي اتفق عليها الأطراف. ويعتبر ميعاد الثلاثين يوماً ميعاداً تكميلياً لا يتعلق بالنظام العام، فيجوز للأطراف الاتفاق على ميعاد أطول أو أقصر من ذلك. وفـ الأحوال لا يجب على المحكمة أن تقبل طلب تعيين المحكـم إلا إذا كان ميعاد جميع الثلاثين يوما قد انقضى دون اختيار المحكم.

كذلك لو اتفق الأطراف على أن يكون المحكم من جنسية معينة أو من ذوى الخبرة في مجال معين، كان على الأطراف الالتزام بهذه الشروط وإلا حق للطرف الآخر اللجوء إلى القضاء لتعيين محكم ممن تتوافر فيهم هذه الشروط.

ثانيا: تخلف الغير عن دوره فى تشكيل هيئة التحكيم :

    تشمل هذه الحالة جميع الفروض التى يتخلف فيها الغير، شخصاً كان أم مؤسسة، عن أداء المهمة المعهودة إليه لتعيين محكم وذلك سواء عن قصد أو لسبب خارج عن إرادته. فقد يتفق الأطراف على أن يتولى المحكمان المعينان من قبلهما مهمة تعيين المحكم الثالث، أو أن يتولى مركز تحكيم معين مهمة اختيار المحكمين . فإذا مفشل المحكمان المعينان في تعيين شخص المحكم الثالث، أو لــم يقم مركز التحكيم بأداء مهمته فى تشكيل هيئة التحكيم، أو إذا توفى الشخص الثالث المكلف بتشكيل هيئة التحكيم، أو إذا صار نظام مركز التحكيم غير معمول به أو غير كاف، كان لابد من تدخل القضاء للقيام بتلك المهمة بدلاً . من هذا لغير الذي تخلف عنها.

    واجهت المادة ۲/۱۷ من قانون التحكيم المصرى هذه الفروض صراحة حين قررت جوازا للجوء إلى القضاء في مثل هذه الحالات للقيام بالإجراء أو العمل المطلوب، وذلك حيث نصت على أنه ..... إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه فى هذا الشأن تولت المحكمة المشار إليها فى المادة (٩) من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفين، القيام بالإجراء، أو بالعمل المطلوب". وهو ما يعنى أنه يجوز للأطراف اللجوء إلى القضاء للقيام بالعمل أو الإجراء الذي كان يجب على الغير القيام به.

    كذلك قد يتفق الأطراف على وجوب انعقاد التحكيم أمام هيئة تقوم بتعيينها جهة محدده بعينها وليس على اللجوء إلى التحكيم بصفة عامة، بحيث إذا لم يتمكن هذه الجهة من القيام بتشكيل هيئة التحكيم كما هو متفق عليه، اعتبر اتفاق التحكيم لاغياً وغير منتج لآثاره؛ هل يجوز للمحكمة التدخل في مثل هذه الأحوال لتعيين المحكم أو القيام بالإجراء أو العمل المطلوب بدلاً من الجهة المنوط بها ذلك؟ أم يحظر عليها التدخل لصيرورة شرط التحكيم لاغياً ؟ إن اختيار المحكمين يتأسس في النهاية على الاعتبار الشخصى، وإذا كان القضاء له سلطة التدخل ليحل محل عليه. الخصم المتعنت فإنه فى النهاية لا يستطيع أن يجبر الخصوم على غير ما اتفق عليه .

    متى تبين أن إرادة أطراف التحكيم قد اتجهت إلى تعيين شخص معين كمحكم وأنه لولا اختيار هذا الشخص ما لجأ الأطراف إلى التحكيم كوسيلة لحل المنازعات فإن ذلك يعني أن اتفاق التحكيم معلق على شرط فاسخ مقتضاه فـــي حالة تعذر إسناد مهمة التحكيم لهذا الشخص فإن ذلك يؤدى إلى انفساخ شرط التحكيم ويعود الاختصاص مرة أخرى منعقداً للقضاء لكي يفصل في النزاع.

ثالثاً: خلو اتفاق التحكيم من أسلوب معين لتشكيل هيئة التحكيم:

    وصورة ذلك أن يأتى اتفاق التحكيم خالياً من بيان أية قواعد تحدد كيفية اختبار المحكمين أو عددهم أو وقت اخيتارهم وما إلى ذلك من أحكام يمكن الاتفاق عليها. وعلى هذا ولغياب الاتفاق بين الأطراف على آلية تعيين المحكمين وهو ما ينتج الباب أمام القضاء - بناء على طلب أحد أطراف النزاع – إلى التدخل بالمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم.

   ويتضح من نص المادة ۱/۱۷ تحكيم مصرى أن تدخل قضاء الدولة في تشكيل هيئة التحكيم مشروط بضرورة قيام النزاع ونشأته، وأن توجد مشكلة متعلقة بتشكيل هيئة التحكيم وأن تكون هذه المشكلة راجعة إلى أطراف اتفاق التحكيم أو غيرهم كما سبقت الإشارة وبدون هذه الشروط لا يوجد أي مبرر لتدخل قضاء الدولة فى تشكيل هيئة التحكيم.

     وسلطة القاضى عندما يتدخل فى تشكيل هيئة التحكيم يجب أن تأخذ في الاعتبار الشروط التي يتطلبها القانون فى هذا التشكيل؛ أو الشروط التي يتفق عليها الأطراف.

    كما يجب على المحكمة أن تصدر قرارها على وجه السرعة. وهذا القرار . لا يقبل الطعن عليه بأى طريق وفقا للمادة ۱۷ من قانون التحكيم المصرى

وهناك العديد من الاعتبارات التي يجب على القاضى مراعاتها عندما يأمر بتعيين المحكم مثال ذلك ما يلى: .

معرفة كافية لدى القاضي بطبيعة النزاع.

خلفية واسعة لديه بالعادات والأعراف التجارية.

معرفة الصفات الواجب توافرها فيمن يعين محكماً.

على القاضي التأكد من فوات مدة ٣٠ يوماً التي منحها المشرع للخـصوم والمحكمين لاستكمال تشكيل هيئة التحكيم (مادة ۱/۱۷ تحكيم .مصرى) ويصدر القاضي قراره على وجه السرعة. ويكون تدخل قضاء الدولة بناء على طلب يقدم إليه من صاحب الصفة والمصلحة الذى يجب أن يكون طرفاً في اتفاق التحكيم.

مبدأ أولوية اتباع الطريقة المتفق عليها:

      إذا كانت معظم النظم القانونية قد اعترفت للقضاء بسلطة التدخل للمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم، فإن ذلك لا يجب أن يخل في النهاية بإرادة الأطراف ورغباتهم الشخصية فاختيار المحكمين قائم على الاعتبار الشخصي وإذا كان للقضاء سلطة التدخل ليحل محل الخصم المتعنت، فإنه يجب عليه - بقدر المستطاع - أن يتبع إجراءات تعيين المحكمين التي اتفق عليها الأطراف، وأن يراعي في المحكم الذى يختاره الشروط التي اتفقوا عليها، وهو ما أطلق عليه البعض مبدأ أولوية اتباع الطريقة المتفق عليها.

تشكيل القضاء لهيئة تحكيم مكونة من محكم واحد :

     فقد أوضحت المادة ۱۷ من قانون التحكيم أنه إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد ، ولم يتفق الطرفان عليه، تولت المحكمة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين، وتقوم المحكمة بتعيين المحكم الواحد وفق شروط محدده حيث تدخل المحكمة عند اختلاف الأطراف على شخص المحكم بعد اتفاقهم على تشكيلها من محكم واحد وفقاً للمادة (١٥) من قانون التحكيم المصرى، وإذا لـــم يتفق الطرفان على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة، كذلك تتدخل المحكمة لتعيين المحكم الواحد عندما يختلف الأطراف على تسميته، أو على طريقة تعيينه، أو عهدوا باختياره لشخص من الغير، ولم يؤد الأخير المهمة، ولا يكون تدخل المحكمة صحيحاً إلا بعدما يتقدم أحد طرفي التحكيم إلى المحكمة بطلب لتعيين المحكم الواحد، فلا تقوم المحكمة بتعيين المحكم من تلقاء نفسها.

تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين أو أكثر (المادة ١/١٧/ب):

وتكون هيئة التحكيم مشكلة من هذا العدد في فرضين

(أ) إذا لم يتفق طرفا التحكيم على عدد المحكمين حيث تنص المادة (١٥) من قانون التحكيم المصرى على أنه إذا لم يتفق الأطراف علــى عـدد المحكمين كان العدد ثلاثة.

(ب) إذا اتفق الطرفان على أن العدد ثلاثة ولكنهما أو أحدهما لـم يختار محكمه، أو لم يختار المحكمان المعينان المحكم الثالث المرجح.

خلاصة القول أن:

     دور المحاكم الوطنية في تشكيل هيئة التحكيم هو دور احتياطي في المقام الأول لا يتم اللجوء إليه إلا في حالة عدم اتفاق الأطراف على تشكيل هيئة التحكيم. وهذا الدور منحه لها القانون الواجب التطبيق فى الدولة التي يجرى التحكيم على أرضها وذلك للتغلب على الصعوبات التي تواجه التحكيم حفاظا على اتفاق التحكيم ومصالح الأطراف من الإنهيار.

   ويشترط لتدخل المحاكم الوطنية فى مثل هذه الحالات أن يكون بعد نشوء نزاع حقيقى بين الأطراف على أن المحكمة المختصة تقدر ما إذا كان هناك نزاع قد ثار فعلاً أم لا. وأن يكون بناء على طلب أحد الخصوم فالقضاء لا يتدخل من تلقاء نفسه.

    ويقوم القضاء بهذا الدور الاحتياطى في كل حالة لا يستطيع الأطراف فيها التوصل إلى اتفاقه حول تشكيل هيئة التحكيم أو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشأن تشكيل هيئة التحكيم لا فرق فى ذلك بين أن تكون هيئة التحكيم  مشكلة من محكم فرد أو أكثر.

وتقتضى هذه الطريقة تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين يتم اختيارهم بالإجماع بحيث يختار المدعون محكماً مهما كان عددهم، ويختار المدعى عليهم محكما مهما تعددوا، ثم يختار المحكمان المختاران سلفا المحكم الثالث الذى قد يختلف دوره فى هذا التشكيل الثلاثى لهيئة التحكيم بين دور المحكــم الفاصل أو المحكم المرجح:

    فهو قد يقوم بدور المحكم الفاصل "Umprie" بمعنى المحكم صاحب القول الفصل في النزاع، وفى الفصل بين المحكمين ،المختلفين، فيصدر الحكم عنه وكأن هيئة التحكيم لم تكن مشكلة إلا منه وقراره وحده هو الذي يصبح ملزما، ويبدو المحكمان الآخران وكأنهما يعملان كمحاميين للأطراف الذين قاموا بتعيينهم. ويسود هذا الدور للمحكم الثالث التحكيم التجارى الانجليزي.

  وقد يقوما لمح الثالث بدور المحكم المرجح أو المحكم الثالث Third Arbitrator أي المحكم الذي يعمل على تكملة هيئة التحكيم من محكمين اثنين إلى ثلاثة ينظرون جميعاً فى النزاع، ويصدرون حكم التحكيم إما بالإجماع أو بأغلبية اثنين من ثلاثة عند مخالفة أحدهما فى الرأى. ويسود هذا الدور للمحكم الثالث في التحكم التجارى الأمريكي والفرنسي.

ولا شك أن تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين يعطى كل طرف حقه في تعيين محكم يتفهم وجهة نظره، ويعبر عن المعطيات القانونية والمهنية والعرفية السائدة فى بلده لينقلها إلى باقي أعضاء هيئة التحكيم دون ميل أو تحيز حتى يكون حكم التحكيم مرضيا للأطراف ومبقياً لمشاعر الصلح بنيهم، وهم الذين يجمعهم مجال تجارى مشترك وتعاملات تجارية كثيرة ومتعددة، وحتى يزول الشك والريبة في اللجوء إلى التحكيم.

     إن تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين يسهل لأطراف النزاع اختيار محكمين مختلفى الكفاءات والتخصصات كأن يكون أحدهم فنياً والثاني قانونيا والثالث تاجرا، حيث يتوافق الجمع بين التخصصات المختلفة للمحكمين مع طبيعة المنازعات التجارية، والتي تشتمل على رانب فنية وقانونية وتجارية، مما يوفر للأطراف تشكيل هيئة تحكيم قادرة على الفصل بكفاءة في النزاع، فضلاً توفير الطمأنينة للكافة من محكمين وأطراف، حيث يأخذ النزاع حقه فى النظـ والمناقشات والمداولات وتناول الأمور من وجهات نظر متعددة، وإلقاء الضوء جوا عن على جوانبها المختلفة قبل إصدار الحكم.

     بید أننا إذا كنا مع التشكيل الثلاثى لهيئة التحكيم، فإننا بداءة نفضل أن يقوم المحكم الثالث بدور المحكم المرجح وليس المحكم الفاصل، حيث يكون حكم التحكيم فى حالة المحكم الفاصل معبراً عن رأى هذا المحكم فقط مع خطورة احتمال ألا يكون هذا المحكم كفؤا أو أن يكون أقل كفاءة من المحكمين الآخرين. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يتم اختيار هذا المحكم الفاصل وحده توفيراً للوقت النفقات؟

    وبتطبيق هذا التشكيل الثلاثى لهيئة التحكيم على التحكيم متعدد الأطراف، كما في حالة تعدد المدعين أو تعدد المدعى عليهم أو تعدد المدعين والمدعى عليهم، سيكون الاختيار كالآتى: يعين المدعون محكما بالاتفاق فيما بينهم، يعين المدعى عليهم محكماً بالاتفاق فيما بينهم، ثم يقوم المحكمان المختاران بهذه الطريقة باختيار المحكم الثالث، وفى حالة عدم اتفاق المدعين أو المدعى عليهم أو المحكمين المختارين على تعيين المحكم، فإن الغير، سواء أكان مركز التحكيم النظامي أم هيئة التعيين المختارة سلفاً أم المحكمة القضائية، هو الذي سيقوم بهذا التعيين.