الطريقة الأكثر انتشارا في الوقت الحاضر هو أن يقوم كل طرف بتسمية محكمه، ويتولى المحكمان المختاران اختيار المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة هيئة التحكيم، فقوانين التحكيم الحديثة ترسخ مبدأ سلطان إرادة الأطراف المعبر عنه في اتفاق التحكيم في مسألة الأولوية في اختيار المحكمين.
فقد ذهب القانون النموذجي للتحكيم في هذا الاتجاه حين نص بأنه للطرفين حرية الاتفاق على الإجراء الواجب إتباعه في تعيين المحكّم أو المحكمين . . فإن لم يكونا قد اتفقا على ذلك يتبع الإجراء التالي :
(أ) في حالة التحكيم بثلاثة محكمين، يعيّن كل من الطرفين محكماً ويقوم المحكمان المعينان على هذا النحو بتعيين المحكّم الثالث؛ وإذا لم يقم أحد الطرفين بتعيين المحكم خلال ثلاثين يوماً من تسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث خلال ثلاثين يوماً من تعيينهما وجب أن تقوم بتعيينه - بناء على طلب أحد الطرفين - المحكمة أو السلطة الأخرى المسماة في المادة (٦).
(ب) إذا كان التحكيم بمحكّم فرد ولم يستطع الطرفان الاتفاق على المحكم وجب أن تقوم بتعيينه - بناء على طلب أحد الطرفين - المحكمة أو السلطة الأخرى المسماة في المادة (٦).
وفي الاتجاه ذاته ذهبت قوانين التحكيم العربية الحديثة، حيث تنص قوانين التحكيم في كل من مصر والأردن بأنه لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم. وجاء في نظام التحكيم السعودي أنه لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين . . . وإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة مُحكمين اختار كل طرف محكماً عنه، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، نفس المبدأ تكرسه قوانين تحكيم اليمن وسوريا والعراق، التي أعطت الحق لأطراف التحكيم الاتفاق على وقت اختيار المحكمين وكيفية تعيينهم وإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً عنه ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث .
بالمقابل قضت اتفاقية نيويورك لعام ۱۹٥٨م على أنه : " لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه . . إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف . . ".
مما تقدم يتبين أن المبدأ الذي أخذت به القوانين محل البحث يجعل أمر تسمية المحكمين وتحديد عددهم ( واحد أو ثلاثة ) خاضعاً لإرادة أطراف التحكيم. وللأطراف وحدهم حرية الاتفاق على الإجراء الواجب إتباعه في تعيين المحكم أو المحكمين. أما إذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين فيكون عددهم ثلاثة.
والأصل في هذه الحالة أن يعين كل طرف محكمه ويختار المحكمان المعينان المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم. ومن الواضح أن هذه القوانين قد تعاملت بشكل مرن مع الأطراف في هذه المسألة، حين عهدت للأطراف وبحرية مطلقة اختيار المحكمين وتحديد عددهم، وبالشكل الذي يرسمونه وبالكيفية التي يقدرونها . . . وينطبق الحال لهذا المبدأ سواء في التحكيم الداخلي أو في التحكيم التجاري الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، وكامتداد الحرية الأطراف في اختيار المحكمين فإن أغلب هذه القوانين تضيف، ومنها القانون المصري للتحكيم، على سبيل المثال في المادة (٥) منه بأنه : " في الأحوال التي يجيز فيها هذا القانون لطرفي التحكيم اختيار الإجراء الواجب الإتباع في مسألة معينة تضمن ذلك حقهما في الترخيص للغير في اختيار هذا الإجراء . . . ويعتبر من الغير في هذا الشأن كل منظمة أو مركز للتحكيم في جمهورية مصر العربية أو في خارجها ". ويعد من الترخيص للغير هو التفويض لتعيين المحكمين.