المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكمين بواسطة أطراف التحكيم أنفسهم / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / تعيين هيئة التحكيم عن طريق المحكمة
من المتصور أن يتفق طرفي التحكيم على مبدأ اللجوء إلى التحكيم، دون التطرق لبعض المسائل، وقد يكون منها ما هو متعلق بتشكيل هيئة التحكيم، كعدد المحكمين، وكيفية اختيارهم، وقد يتفقا على ذلك، ومن ثم يقوم أحدهم بمخالفة هذا الاتفاق أو يتقاعس عن تنفيذه عند نشوء النزاع، فلا يبادر إلى تعيين المحكم الواجب اختياره من قبله، كما يمكن أن يعجز المحكمان عن اختيار المحكم الثالث، وفقا لاتفاق الأطراف، لذا ورغبة في التغلب على أي صعوبات يمكن أن تعترض تشكيل هيئة التحكيم، أناط المشرع المصري بالمحكمة المختصة مسؤولية التدخل للقيام بأي عمل أو إجراء عند تقاعس أحد الأطراف، أو المحكمين المختارين، أو الغير المكلف بذلك من القيام به .
ويتبين من ذلك ، بأن تدخل المحكمة في هذه الحالات هو تدخل احتياطي، وليس تلقائي، بمعنى أن المحكمة لا تتدخل في أي حال من الأحوال - إلا بناء على طلب يقدم إليها من أحد الطرفين، وهذا يتمشى مع مبدأ سلطان الإرادة الذي يسود مجال التحكيم.
وتمشياً أيضاً مع هذا المبدأ في مجال التحكيم، يشترط أن يكون عدد المحكمين الذين تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين أطراف اتفاق التحكيم أو مكملا له.
وقد بين قانون التحكيم المصري وبشكل واضح، الإجراءات المتبعة في اختيار هيئة التحكيم، وفي حال عدم اتفاق الأطراف على اختيارها، أو امتنع أحدهم عن الاختيار، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على إختيار المحكم الثالث، أو إذا تخلف الغير عن أداء المهمة التي عهد بها إليه في هذا الشأن.
وقد أعطى - أيضاً - قانون التحكيم الأردني المحكمة المختصة سلطة تعيين هيئة التحكيم، بناء على طلب أحد الطرفين في حال حدوث أي عارض، قد يعترض تشكيل هيئة التحكيم، ونظم – أيضا – الإجراءات الواجب اتباعها للتغلب على الصعوبات التي يمكن أن تعترض تشكيل هيئة التحكيم، وقد نصت على ذلك المادة (16) من هذا القانون.
التحكيم المصري - لم يمنحا المحكمين المعينين من قبل طرفي التحكيم، حق تقديم طلب إلى المحكمة المختصة لطلب تعيين المحكم الثالث ، وفي حال عدم اتفاقهم على هذا المحكم، إذ اقتصر حق تقديم هذا الطلب على طرفين التحكيم.
كما نلاحظ أيضاً إن قانون التحكيم المصري قد أخذ بنظام تعدد المحكمين ، وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على العدد الذي تشكل منه هيئة التحكيم، حيث أوجب على المحكمة المختصة، وفي حال عدم اتفاق الأطراف على عدد أعضاء هيئة التحكيم، أن تشكل الهيئة من ثلاثة محكمين.
وفي هذا المضمار نجد أن المشرع الكويتي قد أعطى المحكمة - المختصة أصلاً بنظر النزاع لولا وجود التحكيم - أن تتدخل بناء على طلب أحد الأطراف، وتعين من يلزم من المحكمين.
وفي حال كان هناك اتفاق بين الأطراف على عدد أعضاء هيئة التحكيم، فإنه يتوجب على المحكمة المختصة أن تلتزم بحدود الاتفاق.
كما أعطى المشرع الفرنسي لأحد المحكمين حق تقديم طلب إلى المحكمة المختصة، يطلب فيه تعيين المحكم الثالث، في حال عدم اتفاق الأطراف على اختياره، أو تعذر اتفاق المحكمين عليه، وهذا على خلاف موقف المشرع المصري وكذلك الأردني - كما أوضحنا - وخلافاً - أيضاً - الموقف المشرع الكويتي الذي لم يجز لأحد المحكمين حق اللجوء إلى المحكمة المختصة، لطلب تعيين المحكم الثالث، وفي حالة عدم اتفاق الأطراف عليه، أو عدم اتفاقهم عليه.