أولا:- اختيار المحكم الفرد أو هيئة التحكيم
The choice of the sole arbitrator or the arbitration committee
اختيار الأطراف لمحكم فرد حق مكفول لهم تضمنه اتفاقيات وقواعد التحكيم الدولي والوطني دونمًا قيود عدا تلك الضوابط التي تنظمها اتفاقيات وقواعد دولية ووطنية في حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكم وبما لا يؤثر على إرادتهم.
فقواعد الأونيسترال تقرر صراحة حرية الأطراف في اختيار المحكم الفرد الذي يتفقون فيه ويتفقون عليه، ولم تكتف بذلك بل وفرت الحماية الكافية لاتفاق الأطراف من الانهيار فقررت أنه في حالة ما إذا كان التحكيم بمحكم فرد ولم يستطع الطرفان الاتفاق على اختياره فإن الجهة المختصة التي حددتها المادة (6) تتولى تعيين المحكم الفرد بناء على طلب أحد الأطراف.
ونصت قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عام ١٩٨٤م على أنه عندما يتعلق الأمر بتعيين محكم واحد فيجوز لأحد الطرفين أن يقترح على الآخر إما أن يكون التحكيم خاصًا "Ad Hoc". وفي هذه الحالة يقترح عليه اسم شخص واحد ليكون المحكم الوحيد، أو أسماء مجموعة أشخاص يمكن اختيار المحكم الواحد من بينهم. أما عندما يكون التحكيم تحكيمًا مؤسسيًا ففي هذه الحالة يقترح عليه اسم مؤسسة واحدة أو عدة مؤسسات لتكون الجهة التي تعين المحكم في حالة عدم اتفاقهما عليه، وذلك خلال فترة ثلاثين يوما.
وإذا لم يتفق الطرفان على المحكم الواحد، أو إذا امتنعت سلطة التعيين التي حددها
الطرفان أو لم تتمكن من عملية تعيين المحكم خلال ستين يومًا من تاريخ تقديم الطلب الذي قدمه إليها أحد الطرفين، جاز لكلا الطرفين أن يطلب من الأمين العام لمحكمة التحكيم الدائمة في تسمية سلطة التعيين التي تقوم بتعيين محكم واحد بناء على طلب أحد الطرفين وفي أقرب وقت ممكن. متبعة في ذلك طريقة الاختيار من القوائم، وإذا تعذر عليها التعيين من القوائم لأي سبب كان فإن لها أن تمارس سلطتها التقديرية، أي أنها تقوم بتعيينه مباشرة دون الرجوع إلى الأطراف، مراعية الاعتبارات التي من شأنها ضمان اختيار محكم مستقل ومحايد.
وأعطى نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية "ICC" الحق الكامل للأطراف في اختيار المحكم الذي يرغبون فيه ليفصل في نزاعهم، كما نصت (المادة الثامنة، الفقرة 1):
ثانيا: موقف المشرع اليمني ومركز التحكيم
(۱) موقف مركز التوفيق والتحكيم اليمني:
أخذ مركز التوفيق والتحكيم اليمني بنظام التحكيم بمحكم واحد وبهيئة تحكيم مكونة من أكثر من فرد بشرط أن يكون العدد وترًا، فنص على أن تتكون الهيئة من محكم فرد أو من ثلاثة محكمين أو أكثر بحسب عدد أطراف النزاع شريطة أن يكون عدد الهيئة وترًا.
وقرر نظام المركز حق الأطراف في اختيار محكم واحد. إلا أنه قيدهم بأن يتم اختيار المحكم الفرد من جدول المحكمين المقيمين بالمركز. فنصت المادة (١/٢٤) على أنه "إذا اتفق الأطراف على أن يفصل في النزاع محكم فرد فيتم اختياره من قبلهم من الجدول، فإذا لم يتفقوا على تسميته قام الأمين العام بتعيين المحكم من الجدول خلال أسبوع من تاريخ تلقيه الرد على طلب التحكيم". وفي حالة أن يكون المحكم أكثر من واحد أو هيئة، فلم يقيد المركز الأطراف بعدد معين من المحكمين لتشكيل الهيئة فيمكن أن يكون العدد واحدًا أو ثلاثة أو أكثر حسب عدد أطراف النزاع.
أو رغبتهم وشرطه الوحيد أنه مهما تعدد المحكمون فيجب أن يكون عندهم وترًا فإذا كان الاتفاق على تعيين ثلاثة أو أكثر اتبعت الإجراءات الآتية:
1- يقوم كل طرف بتعيين محكم عنه في طلب التحكيم بالنسبة لطالب التحكيم. وفي الرد على الطلب بالنسبة للمحكم ضده وذلك خلال مدة يحددها الأمين العام لا تزيد عن عشرة أيام.
٢ إذا اختار الطرفان محكمًا لكل منهما فيتولى المحكمان المختاران تعيين المحكم الثلث خلال مدة أقصاها خمسة أيام من تاريخ تعيين آخرهما.
(۲) موقف التشريع اليمني:
وقد جاء موقف مركز التوفيق والتحكيم اليمني منسجمًا مع ما جاء في قانون
التحكيم اليمني رقم (٢٢) لسنة ١٩٩٢م المعدل بالقانون رقم (٣٢) لسنة ١٩٩١٧م
حيث نصت المادة (١7) منه على أنه "يجب تعيين شخص المحكم أو المحكمين في
اتفاق التحكيم، وفي ما عدا التحكيم بين الزوجين أو الحالات التي يتفق فيها الطرفان
على خلاف ذلك إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترًا وإلا كان التحكيم باطلًا.
كما نصت المادة (٢٢) من قانون التحكيم اليمني أيضا على أنه" مع مراعاة الأحكام الواردة بهذا القانون، فإنه يحق لأطراف التحكيم الاتفاق على وقت اختيار المحكم أو لجنة التحكيم وكيفية تعيين المحكم، أو المحكمين، وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك يتم اتباع الآتي:
- إذا كان لا بد من تشكيل لجنة التحكيم من محكم فرد، تقوم المحكمة المختصة بتعيينه بناءًا على طلب أحد الطرفين بعد سماع وملاحظة ما قد يكون لأي من الطرفين من اعتراض مبرر على المعين.
- إذا كان لابد من تشكيل لجنة التحكيم من محكمين اثنين، يقوم كل طرف باختيار محكم عنه.
- إذا كان لابد من تشكيل لجنة التحكيم من أكثر من محكمين، يقوم كل طرف
باختیار محكم عنه.
ثم يتفق المحكمان على المحكم الثالث، وفي حالة عدم اتفاق المحكمين على المحكم الثالث خلال مدة الثلاثين يومًا التالية لتعيين آخرهما، تتولى المحكمة المختصة تعيينه بناءًا على طلب أحد الطرفين.
ومع مراعاة ما ورد في الفقرة (أ) من هذه المادة. ويترأس لجنة التحكيم الذي اختاره محكمًا الطرفين أو الذي عينته المحكمة المختصة ".
فبموجب نص المادة (٢٢) من القانون اليمني بالإمكان أن يعهد بمهمة التحكيم إلى محكم فرد، وهذا أمر متروك لإرادة الأطراف الذين لهم حرية الاتفاق على عدد المحكمين. فإذا اتفقوا على محكم واحد فلهم أن يتفقوا أيضا على وقت اختياره بناء على طلب جاهزيتهما واستعدادهم للسير في إجراءات التحكيم. كما أعطى لهم حرية الاتفاق على الطريقة التي بموجبها يتم اختيار المحكم. ويمكن القول إن موقف المشرع اليمني كان إجمالًا على النحو الآتي:
أولا: تمسك بمبدأ سلطان الإرادة واحترام إرادة طرفي النزاع أو الخصومة حيث أعطاهما الحرية الكاملة في تحديد وقت اختيار المحكم وكيفية تعيين المحكم.
ثانيا: في حالة عدم اتفاق الأطراف على المحكم أو المحكمين فإن قانون التحكيم اليمني تعرض لحسم هذه المسألة على النحو التالي:
1- تقوم المحكمة المختصة بتعيين المحكم الفرد بناء على طلب من أحد الطرفين.
٢- في حالة تشكيل لجنة التحكيم من محكمين اثنين، فيقوم كل طرف باختيار محكم عنه.
3- في حالة تشكيل لجنة التحكيم من أكثر من محكمين، فإن كل طرف يختار محكمًا عنه، ثم يجتمع المحكمان لاختيار المحكم الثالث. وفي حالة عدم اتفاقهما على اختيار المحكم الثالث خلال مدة الثلاثين يوما التالية لتعيين آخرهما، تتولى المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب يقدم من أحد الطرفين.