الأصل أن تشكيل هيئة التحكيم يعود لإرادة واتفاق الأطراف، فقد يتفقون على أن تكون الهيئة مشكلة من محكم واحد أو أكثر، فإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا، وذلك لغايات الترجيح عند الاختلاف في الرأي. وهذا الطريق في تشكيل هيئة التحكيم هو الأكثر تماشيا مع روح التحكيم والفلسفة التي يقوم عليها، والتي تحقق أهم الضمانات للمحتكمين في اختيار أشخاص المحكمين .
هذا وقد تناول المشرع المصري في قانون التحكيم طريقة تشكيل هيئة التحكيم وعدد المحكمين والكيفية التي يتم بها اختيار الهيئة، حيث نصت المادة (15) من قانون التحكيم على أنه : " تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين من محكم واحد أو أكثر، فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة وإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا وإلا كان التحكيم باطلاً.
هذا ونجد أن المشرع المصري قد أعطى الحرية الكاملة والواسعة للمحتكمين في اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم سواء أكان ذلك في شكل شرط في العقد أم مشارطة مستقلة، والشرط عادة يرد في وقت يسوده روح الرضاء حيث أن المنازعة تكون مستبعدة في ذهن كل طرف، لذلك من الممكن أن يكون الاتفاق أسهل بكثير منه في المشارطة عندما يكون النزاع موجودا، فالأسهل والأفضل هو صباغة اتفاق على التحكيم من جميع جوانبه، بحيث يتفق الأطراف على تعيين المحكمين وصفاتهم وعددهم أو الإشارة إلى كيفية تعينهم إذا كان ممكنا بل وأبعد من ذلك فبإمكانهم الاتفاق على مكان ولغة التحكيم وعلى اختيار القانون الواجب التطبيق على نزاعهم وإمكانية اختيار الإجراءات المناسبة بالإشارة إلى لائحة معينة وهذا يوفر الجهد والمال والوقت على المتنازعين في حال نشوء نزاع بينهم.
ولكن قد تتخلف هذه الإرادة، فقد لا يتفق الأطراف على تعيين المحكم لأي
سبب كان، ففي هذه الحالة بين قانون التحكيم المصري أنه في حالة إن كانت هيئة اتحكيم مشكلة من محكم واحد فإن المحكمة المختصة المشار إليها في المادة (9)() في التي تتولى تعيين المحكم في حالة طلب أحد الأطراف ذلك (المادة 1/17)، وذلك بتوافر ثلاثة شروط وهي: أن يتفق طرقا التحكيم على تشكيل الهيئة من محكم واحد لأن المادة (15) من قانون التحكيم نصت على أنه إذا لم يتفق الطرفان على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة. والشرط الثاني أن يتفق طرق التحكيم على تسمية المحكم الواحد أو على طريقة محددة لتعيينه والشرط الثالث أن يقدم أحد طرية التحكيم طلبا لتعيين المحكم الواحد لأن المحكمة لا تستطيع القيام بالتعيين من تلقاء نفسها.
ويلة حالة عدم تعيين أحد الطرفين محكمه أو محاولة أحد الأطراف التهرب من اختيار محكمه لمرقلة عملية التحكيم، أو لإطالة الأمد والمماطلة في ذلك، أو قد نجد أن المحكمين المعينين من قبل الأطراف لم يتفقا على اختيار المحكم الثالث الواجب اختياره من قبلهما، فقد تصدت لهذه الحالة المادة (1/17/ب) من قانون التحكيم المصري، حيث نصت على أنه: "إذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوما التالية لتسليمه طلبا بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التعظيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين ويكون قرار المحكمة المختصة باختيار المحكم الثالث على وجه السرعة ولا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن المادة 3/17) كما أنه في
حالة أن خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم ينفقا على إجراءات الاختيار أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه. أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن تولت المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع القيام بهذا الإجراء أو بالعمل المطلوب بناء على طلب أحد الطرفين ما لم يتفقا على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل (المادة 2/17) ويلاحظ هنا أن تدخل المحكمة في حالة تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة
محكمين يفترض وجود شرطين هما : إذا لم يتفق طرفا التحكيم على عمد المحكمين، والثاني إذا اتفق الطرفان على أن يكون العدد ثلاثة لكن أحدهما لم يقم باختيار محكمه، أو لم يقم المحكمان المعينان باختيار المحكم الثالث هذا وقد جاء قانون التحكيم الأردني الجديد ليطابق قانون التحكيم المصري بي حق الأطراف المحتكمين في اختيار تشكيل هيئة التحكيم بشكل صريح وهذا واضع من خلال نص المادة (116) من قانون التحكيم الأردني التي تنص على أن الطريقة التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وكيفية وتاريخ اختيارهم.
كما يلاحظ أن المادة (17) من قانون التحكيم المصري والمادة (16) من قانون التحكيم الأردني قد بينتا في الفقرة الأولى والثانية منهما أسباب تدخل القضاء في تشكيل هيئة التحكيم، فأعطت الفقرة الأولى الحق في التدخل بسبب عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكمين أو على كيفية ووقت اختيارهم، أما الفقرة الثانية فقد ذكرت سبباً آخر لهذا التدخل يتمثل في مخالفة إجراءات اختيار المحكمين. ويبدو أن المشرع المصري أراد أن يكون التدخل في صورة دعوى أمام المحكمة التي ذكرتها المادة (9) من قانون التحكيم وليس بموجب أمر على عريضة والمختص هنا هي المحكمة وليس رئيسها.
ويلة رأي الباحث أنه كان أجدر بالمشرع أن يكون الطلب أمرًا على عريضة وليس بموجب دعوى، وذلك لاختصار الوقت وعدم الإطالة حيث إن الدعوى في المحكمة تحتاج إلى وقت طويل مما لا يحقق الهدف السامي الذي يصبو إليه الأطراف من اللجوء إلى هذا النظام، وبالتالي يصبح عدم تعيين المحكم ملاذا للتهرب والمماطلة وإطالة أمد التحكيم.
هذا ونجد أن نظام التحكيم السعودي قد عالج موضوع اختيار هيئة التحكيم في حالة عدم اختيار الأطراف للهيئة فجعل الأصل في التعيين اتفاق المحتكمين في وثيقة التحكيم فقد نصت المادة (10) من النظام على أنه: "إذا لم يعين الخصوم المحكمين أو امتنع أحد الطرفين عن تعيين المحكم، أو المحكمين الذين يتفرد باختيارهم، أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين عن العمل أو اعتزله، أو قام به مانع من مباشرة التحكيم، أو عزله عنه ولم يكن بين الخصوم شرط خاص عينت الجهة المختصة
اصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب من يهمه التعجيل من الخصوم ويكون ذلك بحضور الخصم الآخر أو في غيبته بعد دعوته إلى جلسة تعقد
لهذا الغرض ويجب أن يكون عدد من يعينون مساويًا لعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له ويكون القرار في هذا الشأن نهائيا. ويلاحظ أنه في حالة عدم تعيين المحكمين من قبل الخصوم فإن النظام السعودي تكفل بذلك، حيث أعطى صلاحية التعيين للجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع في
الحالات التالية:
1. إذا لم يعين الخصوم المحكمين. 2 امتناع أحد الطرفين عن تعيين المحكم أو المحكمين الذين ينفرد باختيارهم. 3 امتناع واحد أو أكثر من المحكمين عن العمل أو اعتزاله أو قام به مانع من مباشرة التحكيم أو عزله عنه، ويتم التعيين وفقا للضوابط التالية : ا عدم وجود شرط خاص بين الخصوم على التعيين.
عبد أن يكون التعيين بناء على طلب من يهمه التعجيل من الخصوم ج أن يكون التعيين بحضور الخصم الآخر أو في غيبته بعد دعوته إلى
جلسة تعقد لهذا الغرض.
د أن يكون عدد من يعينون مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له.
هـ. أن يكون القرار بهذا الشأن نهائيا.
هذا وقد عالجت قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة
(UNICITRAL) تلك القواعد الخاصة بتشكيل هيئة التحكيم في المواد (3 - 8) حيث نصت المادة الخامسة من هذه القواعد على ترك تحديد عدد المحكمين لإرادة المحتكمين فإذا لم يكن هناك اتفاق مسبق ولم يتم الاتفاق خلال خمسة عشر يوما من تلقي المدعى عليه إخطار التحكيم على الا يكون هناك إلا محكم واحد فقط. وجب أن تشكل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين .
وعندما يتعلق الأمر بتعيين محكم واحد، فيجوز لكل من الطرفين أن يقترح
على الآخر ما يلي:
1. إما اسم شخص واحد ليكون الحكم الوحيد أو أسماء جملة أشخاص يكون اختيار المحكم من بينهم 2 أو اسم مؤسسة واحدة أو عدة أسماء المؤسسات يمكن اختيار سلطة التعيين من بينهما (المادة 1/1/6، ب).
فإذا انقضى ثلاثون يوما من تاريخ تسليم أحد المحكمين الاقتراح المقدم من الآخر دون أن يتفقا على تعيين المحكم الواحد، تولت تعيينه سلطة التعيين التي اتفق المحتكمان على تسميتها، فإذا لم يكن المحتكمان قد اتفقا على تسمية سلطة التعيين أو إذا امتنعت السلطة عن تعيين المحكم، أو إذا لم تتمكن من إتمام تعيينه خلال ستين يوما من تاريخ تسلم الطلب، جاز لكل طرف أن يطلب من الأمين العام
المحكمة التحكيم الدائمة بلاهاي تسمية سلطة التعيين (المادة 2/6).
ويتم هذا التعيين في اقرب وقت ممكن وفقا لنظام القوائم التي ترسل للمحتكمين متضمنة ثلاثة أسماء على الأقل المادة (1/3/6)، ولكل من المحتكمين خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم هذه القائمة أن يعيدها إلى سلطة التعيين مبديا اعتراضه أو تفضيله لأسماء القائمة المادة (3/6/ب). وبعد انقضاء المدة المذكورة تعين سلطة التعيين المحكم الواحد من بين الأسماء التي اعتمدها المحتكمان في القائمتين بمراعاة الأفضلية التي أوضحها الطرفان المادة (3/6/ج). وإذا تعذر لسبب ما تعيين المحكم الواحد، كان السلطة التعيين أن تمارس سلطتها التقديرية في تعيينه. (المادة 3/6/د). مراعية في ذلك استقلال وحياد المحكم، وأخذة بعين الاعتبار أن يكون المحكم من غير جنسية أحد أطراف النزاع. (المادة 4/6). أما في حالة اختيار ثلاثة محكمين، يختار كل طرف محكما واحدًا، ويختار المحكمان المعينان المحكم الثالث وهو الذي يتولى رئاسة هيئة التحكيم، فإذا تقاعس أي طرف خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسليم إخطار عن اختيار محكم فإنه يجوز لأي طرف أن يطلب من سلطة
التعيين تعيين المحكم الثاني إذا لم تسم سلطة التعيين أو امتنعت هذه السلطة أو لم تتمكن من إتمام التعيين خلال ثلاثين يوما من تسليم الطلب، جاز لأي طرف أن يطلب من الأمين العام لمحكمة التحكيم الدائمة تسمية سلطة التعيين، وله عندئذ أن يطلب من سلطة التعيين تعيين المحكم الثاني (المادة (2/7) ، وإذا لم يتمكن المحكمان المعينان من اختيار المحكم الثالث خلال ثلاثين يوما تولت سلطة التعيين اختيار هذا المحكم. (المادة 3/7)
وعندما يطلب من سلطة التعيين اختيار المحكم، يجب على الطرف مقدم الطلب أن يرفق صورة من إخطار التحكيم، وصورة من العقد الذي نشأ عنه النزاع أو صورة من اتفاق التحكيم، وللسلطة حق طلب أي معلومات ضرورية لذلك، وعند اسم أو أسماء لتعيينهم كمحكمين تذكر أسماؤهم كاملة وعناوينهم وجنسياتهم ومؤهلاتهم المادة 8/1،2)