يستبدل المحكم بغيره، عند الحكم برده أو عند تنحيه أو عزله أو موته أو لأي سبب آخر مما يستوجب تعيين محكم بديل عنه بنفس الطريقة التي تم أو كان يجب فيها تعيين المحكم الأصيل. فإذا كان المحكم الذي انتهت ولايته قد تم اختياره من قبل أحد الطرفين فإنه يتوجب أن يختار هذا الطرف المحكم البديل، وإذا كان معين من المحكمة أو الجهة المناط بها تنظيم عملية التحكيم فيتم تعيين المحكم البديل من قبلها أي بذات الطريقة التي تم فيها تعيين المحكم الأصيل الذي انتهت ولايته قبل انتهاء إجراءات التحكيم وإصدار الحكم المنهي للخصومة كلها.
وعندما يجري التحكيم لدى مؤسسات التحكيم وبموجب القواعد المعتمدة لديها، فإن الإجراء المتبع عادة عند تعيين محكم بديل، يكون نفس الإجراء الذي اتبع عند تعيين المحكم الأصيل المنتهية ولايته.
لكن في حالات التحكيم الخاص Ad hoc تنشأ الكثير من المشكلات عند تعيين المحكم البديل، حيث يجب على الأطراف حينئذ حل هذه المشكلات عن طريق اتفاق جديد لأن اتفاق التحكيم في الغالب لا يتضمن معالجة مثل هذا الأمر، مما يتطلب تدخل من الأطراف والاتفاق على تعيين المحكم البديل أو على أقل تقدير الاتفاق على الطريقة التي يمكن من خلالها يتم التعيين، أما في حالة عدم الاتفاق فإنه لابد من لجوء الأطراف أو أحدهما إلى المحكمة المختصة لتتولى هذا التعيين.
تعيين المحكم البديل في النصوص القانونية :
تصدت قوانين التحكيم محل البحث لهذه المسألة، حيث تضمنت أحكاماً قصد بها معالجة أمر تعيين محكم بديل عن المحكم الذي انتهت ولايته نتيجة رده أو عزله أو تنحيه أو لأي سبب آخر. وقد تطابقت نصوص قوانين التحكيم العربية في هذه المسألة والتي قضت بأنه إذا انتهت مهمة المحكم بوفاته، أو برده، أو عزله، أو تنحيه، أو عجزه، أو لأي آخر، وجب تعيين بديل له طبقاً للإجراءات التي اتبعت في اختيار المحكّم الذي انتهت مهمته. أما القانون النموذجي للتحكيم.
فقد نص بأن يعين المحكم البديل وفقا للقواعد التي كانت واجبة التطبيق على تعيين المحكم الجاري تبديله.
ويظهر الاختلاف بين قوانين التحكيم العربية التي أوجبت بأن يعين المحكم البديل بنفس الإجراءات التي اتبعت عند اختيار المحكم الذي انتهت ولايته وبين القانون النموذجي للتحكيم الذي يوجب بأن يكون تعيين المحكم البديل طبقاً للقواعد التي كانت واجبة التطبيق، أي القواعد التي كان يفترض أن تطبق على تعيين المحكم الجاري تبديله .
الإشكالية هنا أن قوانين التحكيم العربية لم تمنح الأطراف أو الطرف فرصة لتعيين المحكم البديل إذا كان يفترض أن يقوم هو بتعيين المحكم الذي انتهت مهمته لكنه استنكف عن تعيينه وقامت المحكمة بهذا التعيين نيابة عنه. فقد يصادف أن أحد الأطراف لم يمارس حقه أثناء إجراءات تعيين المحكم الذي انتهت مهمته... وقد يصادف كذلك أن المحكمين المختارين من الأطراف لم يتوصلا إلى اتفاق تعيين المحكم المرجح وتم تعيينه من قبل المحكمة ، لكن الآن ذلك الطرف الذي لم بيمارس حقه فيما سبق يود ممارسة هذا الحق فما الذي يمنعه من ذلك؟ كذلك المحكمان المختاران وبعد أن بنيت بينهما جسور الثقة باستطاعتهما الآن التوصل إلى اتفاق لتعيين المحكم الثالث إذا كان هو من انتهت مهمته فما الذي يمنع من ذلك ؟.
في الواقع العملي تحدث مثل هذه الافتراضات ويفترض أن تكون الأولوية في مواجهة هذا الافتراض متروكاً لإرادة الأطراف... لكن قوانين التحكيم محل الدراسة كما نلاحظ لم تواجه مثل هذا الأمر وهو في اعتقادنا قصور واضح في التشريع .
ونحن نتفق مع الاتجاه الذي يرى أنه لو أن تعيين المحكم الأصيل، كان يجب أن يتم أساساً باتفاق الطرفين، ولم يتفقا على ذلك، أو بإرادة أحدهما المنفردة إلا أنه أستنكف عن تعيين المحكم بحيث عينته المحكمة حسب القانون، نرى أن يعطى الطرفان أو الطرف المعني، حسب الأحوال، الفرصة لذلك. فإذا لم يتم تعيين المحكم على هذا النحو، عندئذ تقوم المحكمة بتعيينه .