إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد، يتم اختياره بوساطة طرفي النزاع، أو بالكيفية التي يتفقا عليها ، وإلا قامت المحكمة المختصة بتعيينه بناءً على طلب أحد طرفي النزاع.
لم يقتصر هذا النص على تعيين رئيس الهيئة فحسب بل امتد ليشمل كيفية تعيين المحكم الواحد أو عضوى هيئة التحكيم الآخرين ذلك ربما لأن تعيين رئيس الهيئة دائماً يأخذ أهمية قصوى لدوره البارز في إدارة العملية التحكيمية وترجيح الآراء في حالة الإختلاف
إن تعيين المحكّم أو المحكّمين متروك لحرية المتنازعين وفقاً لطبيعة النزاع والظروف المحيطة به وإن طريقة التعيين قد تكون منصوصاً عليها في العقد أو في الاتفاق اللاحق، وفى هذا الصدد هنالك طريقتان لاختيار المحكّمين وفقاً لنوعية التحكيم الذي إختاره الطرفان، تحكيم حر أو نظامي (مؤسسي) ووفقاً لما إذا كان التحكيم وطني أو دولي.
١. اتفاق الطرفين على أن يتم التحكيم اختيارياً أي اختيار المحكّمين دون اللجوء إلى هيئة أو مركز معنى بالتحكيم فإنه وفي الغالب يتم الاتفاق على محكم وحيد أو عدة محكّمين، يقوم كل طرف بتعيين محكم من جانبه و يتفقا على المحكّم الثالث (المرجح) أو يترك أمر اختياره للمحكمين المعينين أو قد يتم الاتفاق على ترك أمر اختياره لجهة عدلية أو قضائية أو أي مركز أو هيئة متخصصة في أعمال التحكيم .
لكن على الرغم من هذا الاتفاق فإنه في الواقع العملي تبرز عدة مشاكل في مسألة التعيين حيث يتباطأ المحتكم ضده أو يرفض تعيين المحكم أو قد يتعذر تعيين المحكّم الوحيد أو الثالث حسب الاتفاق، ونسبة لتكرار هذه المسألة في قضايا التحكيم المحلية والدولية فقد تم وضع علاج لها في التشريعات الوطنية وكذا في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم.
أما في التحكيم المحلى أو الوطني فقد نصت غالبية التشريعات على اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بتعيين ما يلزم من المحكمين وذلك بناءً على طلب من يهمه الأمر، ويتم ذلك في حضور الطرف الآخر أو في غيابه بعد إعلانه للحضور في جلسة خاصة تعقد لهذا الغرض، ويكون قرار القاضي بالتعيين نهائي غير قابل للطعن على أنه لا يجوز للمحكمة أن تخالف العدد الذي اتفق عليه اطراف النزاع والمحكمة عند تعيين محكم الطرف الرافض أو الغائب أو رئيس الهيئة قد يخاطب جهة ما كوزارة العدل ، نقابة المحامين ، المجلس الهندسي ، مركز تحكيم لترشيح المحكم المذكور وتقوم المحكمة بإعتماده بعد مثوله أمامها و إبداء موافقته كتابة
۲. اتفاق الطرفين على التحكيم عن طريق هيئة أو مؤسسة تحكيمية دائمة فانه يندر ظهور مشاكل كما في التحكيم الحر AD HOC ذلك لأن هذه المؤسسات لديها لوائح وقواعد تنظم سير إجراءات التحكيم وكيفية تعيين المحكمين إذا لم يتم تعيينهم بواسطة المتنازعين .
أما في التحكيم الدولي فإنه تثور عدة موضوعات خاصة بتنازع القوانين (تنازع الاختصاص) إذ من الصعوبة بمكان موافقة الأطراف على أي دور للقضاء الوطني في تعيين المحكّمين في حالة فشل تعيينهم بواسطة الخصمين، ومثل ما عملت التشريعات الوطنية على إيجاد علاج لمسألة تعذر تعيين المحكّمين في التحكيم على النطاق الداخلي، فقد تم وضع حل لهذه المعضلة أيضاً على صعيد أنظمة الهيئات الدائمة للتحكيم والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم.
فعلى صعيد أنظمة الهيئات الدائمة للتحكيم نجدها جميعها تنص على تدخل الهيئة أو المجلس أو المحكمة بحسب الحال في مسألة التعيين حال تعذر التعيين بواسطة الأطراف أو من يفوضونهم، أما الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم فلم تغفل وضع علاج لهذه المعضلة حيث نصت جميعها على كيفية تسمية المحكمين حال تعذر تسميتهم بواسطة الخصمين، حيث نصت اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى على سلطة رئيس المحكمة التحكيمية بالتعيين كما نصت اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري على سلطة المركز في تعيين المحكمين من القائمة.
أما القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي المعتمد من اليونسترال عام ١٩٨٥ فقد نص على التعيين بواسطة المحكمة التحكيمية في لاهاي، وعلى الرغم مما سبق فإن اتفاقية جنيف الأوربية لعام ١٩٦١ تحيل سلطة التعيين إلى رئيس غرفة تجارة البلد الذي فيه محل الإقامة المعتاد أو مركز المدعى عليه عند تقديم طلب التحكيم، كل هذه المسائل تتم بناءً على طلب من يهمه الأمر وغالباً ما يكون من المدعي، وقد يقدم الطلب من المدعى عليه في حال فشلهما معاً في تسمية المحكمين .
إن تعيين المحكمين يعد من أولى خطوات عملية التحكيم ككل لذلك في غالب الأحوال نجد أن الخطاب الأول الموجه من طالب التحكيم للطرف الآخر يتضمن الموافقة على بدء إجراءات التحكيم وتعيين المحكمين وكثيراً ما يتلكأ هذا الطرف في الموافقة على تنفيذ اتفاق التحكيم وبالتالي تعيين المحكم الأمر الذي يجعل الشاكى مضطراً للجوء لسلطة التعيين الذي اتفقا عليه في حالة تعذر التعيين أو المحكمة المختصة وذلك على نحو ما أشرنا إليه في قضية Revira Holding ضد الخطوط الجوية السودانية في معرض تعليقنا على نص المادة (۸) من هذا القانون ، هنالك مشكلة لم تعتنى به القوانين الوطنية وقواعد مراكز التحكيم وقواعد التحكيم الدولية وهى حالة تعدد أطراف النزاع كالشراكات او الورثة فاذا كان عدد أطراف النزاع ثلاثة ولم تتحد مصلحة اثنين منهم ففي حال وجود الإتفاق على التحكيم بالطبع يقوم كل منهم بتعين محكم فيصبح عدد المحكمين ثلاثة وبالطبع يتعذر تسمية احدهم رئيساً لهم فما هو الحل ؟
هنالك إجتهادات فقهية في تقديرى أنها صائبة لعلاج الأمر وهو إتفاق الأطراف على محكم واحد أو الإتفاق على تسمية محكمين آخرين وتحديد أحدهما رئيساً للهيئة ، وفى حالة تعذر الإتفاق على الخيارين يلجأ أحد الأطراف للمحكمة للتدخل حيث تقوم المحكمة بعمل الخيار الثانى وهو تعيين محكمين آخرين وتحديد أحدهما رئيساً للهيئة.