اختلاف الأنظمة القانونية الوضعية بشأن مدى جوهرية تعيين هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان أم مشارطة - في الاتفاق على التحكيم :
إذا كان الأطراف المحتكمون يحرصون على الفصل في منازعاتهم من قبل أشخاص ذوي خبرة معينة ، أو محل ثقة ، يعهدون إليهم بعناية الفصل.
تختلف الأنظمة القانونية الوضعية بشأن ضرورة تعيين هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان أم مشارطة - في الاتفاق على التحكيم ذاته ، أو في اتفاق مستقل .
يجب أن يشتمل اتفاق التحكيم على تعيين المحكمين أو بيان بعددهم وطريقة تعيينهم " ، وذلك بالنسبة للصورة الأولى من صورتی الاتفاق علىالتحكيم ، ألا وهي مشارطة التحكيم . أما شرط التحكيم، فإن المادة (1444) من مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية قد خولت رئيس المحكمة الكلية ، أو رئيس المحكمة الكلية التجارية سلطة تعيين أعضاء هيئة التحكيم .
"ومع مراعاة ماتقضى به القوانين الخاصة يجب تعيين أشخاص المحكمين فى الاتفاق على التحكيم، أو في اتفاق مستقل ".
لطرفي الاتفاق على التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم ،
فإذا لم يتفقا إتبع ما يأتي .... ".
ولعل الحكمة من اشتراط تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا کان ، أم مشارطة - فی الاتفاق على التحكيم.
فبعض الأنظمة القانونية الوضعية توجب ضرورة قيام الأطراف المحتكمون بتعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - بأشخاصهم في وثيقة التحكيم ذاتها ، أو في اتفاق مستقل ، وعند نشأة النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم.
في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - حيث كانت المادة ( 3/501 ) منه تنص على أنه :
" ومع مراعاة ماتقضى به القوانين الخاصة ، يجب تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل ". ومن ثم ، كان لابد من الحكم ببطلان الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - إذا جاء خاليا من تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع .
أما قانون المرافعات المصرى السابق رقم (77) لسنة 1949 ، فلم يكنيشترط تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة .
ففي نظام التحكيم بالقضاء " التحكيم العادي "، كان يخول للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ام مشارطة .
كما أن هذا هو المسلك الذي اتخذه المشرع الوضعي الفرنسي في المادة (2/1448 ) من مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية ، والذي نص فيها على ضرورة أن يشتمل الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - على تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق .
ففي مثل هذه الأنظمة القانونية الوضعية توجب النصوص القانونية الوضعية المنظمة للتحكيم ضرورة قيام الأطراف المحتكمون بتعيين أشخاص أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم، أي تعيينهم بأشخاصهم في وثيقة التحكيم ذاتها ، أو في اتفاق مستقل ، عند نشأة النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، وإلا كان التحكيم باطلا.
بينما ذهبت بعض الأنظمة القانونية الوضعية الأخرى إلى منح المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - سلطة تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، إذا لم يكن الأطراف المحتكمون ".
أما إذا جاء الاتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - خاليا من تعيين أشخاص أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، فإنه يكون باطلا " المادة (1443) من مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية.
كما أخذ بهذا الإتجاه أيضا قانون التحكيم المصرى رقم ( 27) لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية ، حيث نصت المادة (17) منه على أنه :
"1- لطرفي الاتفاق على التحكيم ، إختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم ، فإذا لم يتفقا إتبع مايأتي :
2 - وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاق هما عليه ، أو إذا تخلف الغير عن أداء ماعهد به إليه في هذا الشأن .
3- وتراعي المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا | القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان ، وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة ، ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين (۱۸)، (۱۹).
وإذا كان لابد من تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم في الاتفاق على التحكيم - شرطا كان أما مشارطة - أو في اتفاق مستقل ، أو في دعوى قضائية مرفوعة إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم .
لدراسة ذلك بالتفصيل ، فإننا سوف نخصص المبحث الثاني لدراسة الشروط الواجب ا توافرها في أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق .