الأصل كما تقدم أن يتم اختيار المحكم أو هيئة التحكيم عن طريق اتفاق الأطراف على شخص المحكم أو هيئة التحكيم التي يرتضونها وذلك عند تحرير اتفاق التحكيم ذاته أو في وقت متزامن معه.
والحق إن ابتناء التحكيم على الثقة التي يوليها الطرفان للمحكم لا يفرض أكثر من ترك الحرية الكاملة لهما فى اختيار المحكم أو المحكمين اللذين يرتضون حكمهم. فإذا لم يكن لهم خيار محدد فى هذا الشأن وكانوا مع ذلك راغبين فـــي الالتجاء إلى التحكيم فلا محل لإبطال اتفاق التحكيم إذا ما كان هناك طريق اخر بديل لاختيار هيئة التحكيم يرسمه الطرفان بنفسيهما أو برسمه القانون.
إن حرية الأطراف هذه فى اختيار هيئة التحكيم يرد عليها قيد جوهرى يتعلق بالنظام العام وهو ضرورة مراعاة المساواة بين الطرفين في عملية اختيار تشكيل هيئة التحكيم. ويترتب على ذلك بطلان كل شرط يقضى باستقلال أحدهما دون الآخر بالاختيار أو يقضى باختياره عدد من المحكمين يفوق العدد الذي يقوم الطرف الآخر باختياره أو يقضى باستقلال المحكم المختار من قبله بالفصل في النزاع في حالة تخلف الطرف الآخر عن اختيار محكمة.
ويلاحظ أنه ليس من السهل في الواقع العملى إعمال مبدأ المساواة فــــي حال التحكيم الذى يقوم بين أكثر من طرفين. فإذا تعلق الأمر مثلاً بعقد بين ثلاثة أطراف واشترط التحكيم فى المنازعات الناشئة عنه كما اشترط أن يتولى التحكيم هيئة مكونة من ثلاثة ثم قام نزاع أو أنزعة بين أحد الأطراف وبين الطرفين الآخرين فإن الخلاف يثور حول معرفة ما إذا كان من حق كـل طرف من الأطراف الثلاثة اختيار محكم من المحكمين الثلاثة أو ما إذا كان للطرف الأول اختيار محكم وللطرفين الآخرين الاتفاق على اختيار محكم واحد ويكون اختيار المحكم الثالث متروكاً للمحكمين المختارين من الأطراف.