وفي بعض الدول العربية، لا يجوز أن يكون المحكم قاضياً على رأس عمله، أو يجوز ذلك وفق شروط معينة، مثل الحصول على موافقة مجلس القضاء قبل تعيينه محكماً . والرأي الذي نميل إليه، أنه لو تم تعيين قاض كمحكم خلافاً لمتطلبات القانون، فإن ذلك لا يؤثر على إجراءات التحكيم ولا على الحكم الذي يصدره، غاية ما في الأمر، أن هذا القاضي قد يعرض نفسه للمساءلة حسب ما ينص عليه القانون، بما في ذلك المساءلة التأديبية .
ويجب توفر الشروط القانونية في المحكم عنـد بـدء العملية التحكيمية، وأن تستمر هذه الشروط إلى حين صدور حكم التحكيم. وكل إجراء يقوم به محكم تخلفت فيه أحد الشروط عند اتخاذ الإجراء يكون باطلاً . ونرى أن البطلان من النظام العام يجوز للمحكمة أن تقرره من تلقاء نفسها، ولا يجوز للطرفين أو أحدهما التنازل عنه. ولكن، كما نرى فإن اتفاق التحكيم بحد ذاته يبقى صحيحاً، حتى لو لم يتوفر في المحكم الشروط المطلوبة، بخلاف الاتفاق على تعيين محكم فاقد لأحد هذه الشروط حيث يكون باطلاً أيضاً. وبمعنى آخر، تجدر التفرقة بين الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم، والاتفاق اللاحق المتضمن تعيين محكم لا تتوفر فيه الشروط المذكورة. ففي حين يكون الأول صحيحاً وملزماً لطرفيه، يكون الثاني باطلاً.
ومع الأخذ بالاعتبار لما ورد في القانون السعودي، فإنه لا يشترط في المحكم أي شرط خاص آخر، مثل السن أو الجنسية أو الجنس أو الدين أو المؤهلات، أو غير ذلك من شروط وصفات. إذ يجوز كقاعدة عامة، تعيين أي شخص محكماً، بصرف النظر عن كفاءته وخبرته وعلمه ودينه وجنسيته وما إلى ذلك. حتى في القوانين التي تشترط في القاضي أن يكون من جنس أو من جنسية معينة، أي أن يكون ذكرا أو من جنسية الدولة، بحيث لا يجوز تولي القضاء من قبل أنثى، أو من قبل شخص لا يحمل جنسية الدولة، نرى بأن هذا الشرط لا يطبق على المحكم، حتى لو كان التحكيم وطنياً بحتاً. فالمحكم غير القاضي الرسمي وليس بالضرورة أن تتوفر فيه شروط القاضي. وعلى سبيل المثال، يجوز أن يكون المحكم، في ظروف معينة، وكيل أحد الطرفين، محاميه مثلاً، أو الشخص الذي سبق وتوسط بالنزاع وأبدى رأيه فيه، ما دام أن كلاً من الطرفين، يعلم بهذه الظروف وقت التعيين، وقبل به بالرغم من علمه بذلك .