وعلى ذلك تنص المادة 15 من قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 على أن: «تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين من محكم واحد أو أكثر فإن لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة فإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً.
أما القانون البحريني للتحكيم التجاري الدولي فقد ترك الأطراف النزاع حرية تحديد عدد المحكمين فنصت المادة العاشرة منه على أن
1 - للطرفين حرية تحديد عدد المحكمين 2 - فإن لم يفعلا كان العدد ثلاثة ... فكان بذلك موافقاً لقانون اليونسترال النموذجي والقانون المصرى، وقانون التحكيم العمانى لسنة 1997 (المادة1/15 )
وذهبت محكمة النقض المصرية إلى وجوب أن يكون عدد المحكمين وتراً، وأن مخالفة ذلك أثره البطلان، وإلى وجوب تحديد أشخاص المحكمين بأسمائهم في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل
ولم يحدد نظام التحكيم السعودي عدد المحكمين وإنما أوجب أن يكون عددهم وتراً عند التعدد، حيث نصت المادة الرابعة منه على أن: «... وإذا تعدد المحتكمون وجب أن يكون عددهم وترأ» .. وبهذا فهو يلتقى مع قانون التحكيم المصرى.
فنصت لائحة إجراءات التحكيم لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى المادة الثامنة منها على أن : تشكل هيئة التحكيم من محكم واحد أو من ثلاثة محكمين بحسب اتفاق الطرفين فإذا لم يوجد اتفاق تشكل من محكم واحد ما لم تتطلب طبيعة النزاع تشكيلها من ثلاثة محكمين.
ونصت المادة (2/2) من نظام تحكيم المركز اللبناني للتحكيم التجاري على أن يفصل في المنازعات محكم واحد أو ثلاثة محكمين».
ونصت على مثل ذلك أيضاً المادة (8) من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية هيئة التحكيم الدولية وجاء بها: 1 - يفصل في الخلاف محكم منفرد أو ثلاثة محكمين. 2 - إذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين تعين الهيئة محكماً منفرداً إلا إذا تبين لها أن الخلاف يستدعى تعيين ثلاثة محكمين».
وهو نفس الحكم الذى جاءت به قواعد محكمة لندن للتحكيم (المادة (4/5).
وعلى هذا النحو جاء نظام التوفيق والتحكيم الغرفة تجارة وصناعة دبي (المادة (18)
ونصت المادة الخامسة من لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى على أن: «إذا لم يكن الطرفان قد اتفقا على عدد المحكمين أى محكم واحد أو ثلاثة ولم يتفقا خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلم المدعى عليه إخطار التحكيم على ألا يكون ثمة إلا محكم واحد فقط وجب أن تشكل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين».
باستقراء النصوص التي سبق إيرادها بشأن عدد المحكمين نخلص إلى أن التشريعات الوطنية والقانون النموذجي وقواعد مؤسسات التحكيم المختلفة قد جعلت الأصل فى تحديد عدد المحكمين من اختصاص الأطراف وفق إرادتهم. فإذا لم يتفق الأطراف على ذلك، فإن هيئة التحكيم تشكل من ثلاثة محكمين .
بينما ذهبت لوائح بعض هيئات التحكيم مثل قواعد غرفة التجارة الدولية ومحكمة لندن للتحكيم، ومركز تحكيم المنظمة العالمية للملكية الفكرية إلى أن الأصل هو أن تشكل المحكمة من محكم واحد إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك، أو في الظروف الاستثنائية، عندئذ يمكن أن تشكل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين، كذلك أكدت جميع التشريعات على وجوب أن يكون عدد المحكمين وتراً، بل أن بعض هذه التشريعات قد رتب البطلان على مخالفة ذلك.
جزاء مخالفة قاعدة الوترية :
ذكرنا فيما سبق أن القانون المصرى كان صريحاً في ترتيب البطلان على مخالفة قاعدة وترية عدد أعضاء هيئة التحكيم بلص المادة (15) - سالفة الذكر منه، ويصدق نفس القول على قانون التحكيم العماني المادة (15) ، أما القانون النمطي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، والمعمول به في مملكة البحرين، فإنه وإن لم ينص صراحة على جزاء البطلان فقد أوجب عند عدم اختيار الأطراف أن يكون عدد المحكمين ثلاثة المادة 2/10) منه .
وذهبت محكمة النقض المصرية إلى وجوب أن يكون عدد المحكمين وترأ، وأن مخالفة ذلك أثرها البطلان، وإلى وجوب تحديد أشخاص المحكمين بأسمائهم في الاتفاق عن التحكيم أو في اتفاق مستقل .
ولما كان هذا النص على وتربة عدد أعضاء هيئة التحكيم يرجع إلى اعتبارات تهدف إلى حسن آداء العدالة فإن البطلان في حالة المخالفة يكون متعلقاً بالنظام العام بحيث لا يجوز الاتفاق على مخالفة تلك القاعدة، فإذا صدر حكم تحكيم من هيئة مكونة من عدد زوجي كان الحكم باطلاً .
لأن الاتفاق على التحكيم هو كاى عقد تسرى عليه قواعد البطلان المقررة فى المادة 190) من القانون المدنى والتي تقرر أنه: «إذا لحق البطلان أو الإبطال شقا من العقد اقتصر عليه وحده دون باقي العقد». ويدل ذلك على أن المشرع قد أخذ بقاعدة تجزئة العقد وإنقاصه إذا لحقه البطلان أو الإبطال في جزء منه، وإعمالا لذك فإن البطلان أو الإبطال إنما يقتصر على شق العقد الذي لحقه العيب ما لم يتم تعييبه، فيستمر العقد ،قائماً، ويستثنى من ذلك عملاً بالفقرة الثانية من تلك المادة الحالة التي يثبت فيها أحد المتعاقدين أنه ما كان يرتضى العقد بغير الشق الذي انتزع منه نتيجة البطلان أو الإبطال فالعقد في هذه الحالة يبطل كله. ومن ثم إذا اتفق على التحكيم في أثر يخالف فى شق منه النظام العام بطل التحكيم في هذا الشق دون الشق الآخر، ما لم يكن الموضوع غير قابل للتجزئة، فإن البطلان يعترى التحكيم كله.
وقد وضعت المادة (175) من قانون المرافعات الكويتي الحل لذلك حين أتاحت المحكمة المختصة تعيين من يلزم من المحكمين - بناء على طلب أحد الخصوم - وذلك لاستكمال النقض، وتفادي الوقوع في حالة مخالفة الوترية على النحو السابق بيانه .