الاستقلال هو وجود المحكم في المركز الذي يجعله فيما يتوصل إليه من قرار غير متأثر بأي علاقة تربطه بأحد أطراف التحكيم بغض النظر إن كانت هذه العلاقة مالية أو اجتماعية أو مهنية سواء كانت سابقة أو قائمة.
وقد عرفت محكمة استئناف القاهرة استقلال المحكم بأنه " عدم ارتباطه بأي رابطة تبعية بأطراف النزاع أو الدولة وعدم وجود روابط مادية وذهنية تتنافى مع استقلاله بحيث تشكل خطراً مؤكداً للميل إلى جانب أحد أطراف التحكيم ".
وإذا كان استقلال المحكم يعني أن رأيه نابع من ضميره ومن فكره وحده وأنه غير موحى به من غيره، وأن إرادة المحكم لا تخضع ولا تتأثر ولا هي خاضعة لإرادة غيره أياً كان، فإن استقلاله هذا يقوم في الغالب على مظاهر خارجية مثل ارتباطه بالخصوم بأي طريقة تؤثر في استقلاله.
ويتنافى مع استقلال المحكم ارتباطه بأي مصلحة مادية أو شراكة أو ارتباطات مالية مع أي من أطراف التحكيم أو يكون خاضعاً لتأثيره أو توجيهه بشكل مباشر أو غير مباشر، وبمعنى آخر يجب أن لا يكون المحكم موظفاً عند أحد أطراف التحكيم وليس مستشاراً أو محامياً ولا قريباً ولا تابعاً له .
ويتطلب من المحكم عند قبوله التحكيم ضرورة الكشف عن أية اعتبارات تتصل بالعلاقة بينه وبين كل من أطراف النزاع أو أي علاقة له بموضوع النزاع قد تثير الشكوك حول علاقته ونزاهته.
كما أن على المحكم، وطوال إجراءات التحكيم، أن ينصح بلا إيطاء إلى طرفي النزاع بوجود أي ظروف من هذا القبيل، ولذلك قضي بأن " على المحكم التصريح عن جميع الملابسات التي تؤثر في حياديته واستقلاله خلال الإجراءات التحكيمية ".
والهدف من هذا الكشف أو الإفصاح هو إتاحة الفرصة للأطراف للوقوف على أسباب قد تثير مظهر التحيز دون أن ترتب بالضرورة تحيزاً حقيقياً من جانبه، بيد أنه إذا حصل التصريح من المحكم على النحو السابق، فقد لا يمنعه ذلك من أن يكون محكماً في النزاع واله موضوع الإفصاح، وذلك إذا ما أرتضى الأطراف مباشرته لهمته بعد علمهم بما صرح به فالخصوم قد يثقوا في عدالة المحكم وحياده رغم الإفضاء لهم عن أمور أو اعتبارات قد تثير الشكوك في هذه الحيدة.