الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / يجب ان يكون المحكم محايداً ومستقلاً / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 27 / 1- محكـم - شـرط الحيـاد والاستقلالية درءا للفساد وسـوء السلوك - اجـراءات التحكـيم - شـروط اتـفـاق التحكيم أو المشارطة - عمل إرادي - وجوب الكتابة كشرط انعقـاد - مدة التحكيم - قـرار التحكـيـم الـصادر بعـد انقـضاء المـدة يكون باطلا - النظام العام هـو الـسبب في اكتساب بعـض قواعـد القـانـون الـصـفـة الأمـرة – وجـوب انتفـاء المصلحة في الحكـم وعـدم الحكـم للمصلحة الشخصية - هيئـة التحكيم حكمت لنفسها بأتعاب - فساد نهى عنه القانون ، لأن الهيئة استغلت سلطتها .

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 27
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    357

التفاصيل طباعة نسخ

 

: محكـم - شـرط الحيـاد والاستقلالية درءا للفساد وسـوء السلوك - إجراءات التحكـيم - شـروط اتـفـاق التحكيم أو المشارطة - عمل إرادي - وجوب الكتابة كشرط انعقـاد - مدة التحكيم - قـرار التحكـيـم الـصادر بعـد انقـضاء المـدة يكون باطلا - النظام العام هـو الـسبب في اكتساب بعـض قواعـد القـانـون الـصـفـة الأمـرة – وجـوب انتفـاء المصلحة في الحكـم وعـدم الحكـم للمصلحة الشخصية - هيئـة التحكيم حكمت لنفسها بأتعاب - فساد نهى عنه القانون، لأن الهيئة استغلت سلطتها. مع تعليق للدكتور القصيمي صلاح أحمد محمد طه (السودان) -- تعتبر حيدة المحكم واستقلاله من الضمانات الأساسية في التقاضي، وهي شروط لمباشرة الوظيفة القضائية، أيا كان القائم بها قاضياً أو محكماً.. والمقصود بالحياد عدم انحياز المحكـم ضد طرف أو إلى جانب طرف، فعدم الحيدة حالة نفسية تتعلـق أساسـا بالعاطفـة (مـصلحة شخصية أو صلة ...... أو عداوة بأحد الخصوم) ويرجح معها عدم استطاعة المحكم الحكم بغير تحيز.

 جاء في المادة (17) من قانون التحكيم والخاص برد المحكم، فقد حدد القـانون أسـبوعاً لتقديم طلب رد المحكم، يبدأ من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئـة أو مـن تـاريخ العلـم - بالأسباب المبررة للرد بقيام ظروف تثير شكوكا جدية حول استقلاله أو حيدته. لا شك في أن عدم الحياد في القاضي أو المحكم يعد سوء سلوك في أداء مهمة الفصل بين الخصوم، وأن كافة قوانين التحكيم نصت على بطلان قرار التحكيم، إذا شابه فـساد أو سـوء سلوك المحكمين أو أحدهم. وحيث أن المحكم الأستاذ عبد الباسط سبدرات كان محاميا لأحد الأطراف فـي الـدعوى التحكيمية، وأعد عددا من المستندات والوثائق محل المنازعة، وقدم دعما فنيا واستشاريا لأحد الأطراف، وقدم فيها رأيا قانونيا في موضوعها، ويظهر ذلك من خلال المـذكرات والمـستندات المودعة بمحضر التحكيم والمرفقة بمذكرات هذه الدعوى، وحيث أن ذلك يطعـن فـي حيـدتـه ونزاهته واستقلاليته ويعتبر فسادا ... لذا نرى قبول الطعن المقدم في هذا الـسبب فـي قـرار التحكيم وإبطال قرار التحكيم بنص المادة 41 / ب من قانون التحكيم لسنة 2005 م. التحكيم هو نظام خاص للفصل في المنازعات بين الأطراف ويتميز برضاء الأطراف واتفاق حول التحكيم وهيئة التحكيم سواء باتفاق التحكيم أو بالمشارطة وأدوات واتفـاق علـى لغـة التحكيم والقانون الواجب التطبيق، ومكان التحكيم ومدة إصدار الحكم، واتفـاق التحكـيـم هـو دستور التحكيم وهو مصدر سلطان المحكمين، وأي خلل يوجد في اتفاق التحكيم تكون له آثـار سلبية على القضية التحكيمية ويعوق مسيرتها، فيجب أن يكون اتفاق التحكيم كاملاً بأن يـشمل طريقة اختيار المحكمين والقانون الواجب التطبيق ومكان وزمان التحكيم ومدة التحكيم .. التحكيم قوامه إرادة الأطراف، إذ تهيمن هذه الإرادة على نظام التحكيم بأكمله بـدءا مـن الاتفاق على المبدأ ذاته، ومروراً باختيار المحكمين وتحديـد عـددهم واختـصاصهم وتحديـد الإجراءات واجبة التطبيق والواجب اتباعها لحل النزاع والقانون الذي يحكم ذلك النـزاع، ممـا يشعر الأطراف بأنهم يشاركون في عملية التحكيم، والاتفاق على التحكيم بأخذ إحدى صورتين: شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم، فكل من شرط التحكيم ومشارطة التحكيم يعتبـر اتفاقـا علـى التحكيم.

عقد التحكيم يشترط لصحته ما يشترط لصحة العقود بوجه عام من ضرورة توافر الرضـا والمحل والسبب كشروط موضوعية، وينبغي أيضا توافر شروط شكلية، وهي شـرط الكتابـة وتحديد موضوع النزاع في العقد، فلا تحكيم دون إرادة الأطراف.. فالتحكيم عمـل إرادي، كمـا أنه لا يمكن دون شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم، بمعنى أنه لا تحكيم، إلا إذا كان الاتفاق علـى التحكيم مكتوبا، وجاء النص على شرط كتابة عقد التحكيم في كل التشريعات الخاصة بالتحكيم، ومنها القانون السوداني فقد نصت المادة (8) من قانون التحكيم لـسنة 2005 م علـى كتابـة الاتفاق على التحكيم بالنص (يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، وإلا كان باطلاً)، والكتابة هنا لیست شرط إثبات، وإنما شرط انعقاد، لذلك يترتب على عدم كتابة الاتفاق بطلانه.. ... بالرجوع إلى نص المادة (22) من قانون التحكيم، والتي نصت على ميعاد بدء إجراءات التحكيم في حالة عدم الاتفاق، بأن تبدأ من الميعاد الذي يستلم فيـه المـدعى عليـه عـريـضة الدعوى. وفقا لما استقر عليه القانون، فإن صدور قرار التحكيم بعد الميعاد المحدد يجعـل الحـكـم الصادر باطلا، ذلك أن القرار التحكيمي الذي يصدر بعد انقضاء مدة التحكيم يصدر في وقت لـم يعد فيه لهيئة التحكيم سلطة الفصل في النزاع المعروض عليها فيكون باطلاً. يقصد بالنظام العام مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيان الدولة وترسم صـورة الحياة الإنسانية المثلى فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية والاقتـصادية والأخلاقية، وهي بمثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها على مختلف أنواع العلاقات القانونيـة فـي الدولة وجوداً وأثرا، وغالبا تظهر في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة القانونيـة، والنظام العام هو السبب في اكتساب بعض قواعد القانون صفتها الآمرة. وكذلك من الخلل في الإجراءات، ويشكل مخالفة للنظام العام ما جاء في قرار هيئة التحكيم بتحميل شركة الأقطان أتعاب محكمين أو مكافأة محكمين، كما سمتها الهيئة، حيث استقر قضاء السودان على انتفاء المصلحة في الحكم وعدم الحكم للمصلحة الشخصية، وهيئـة التحكـيم لا تقضي إلا وفقا للطلبات المقدمة من الأطراف، ويجب عليها أن تفصل في الطلبات ومناقشتها، ومن ثم تسبب في قرارها ما استطاع الأطراف إثباته، ومن ثم الحكم لهم، وفي حالة حكم الهيئة لنفسها بالأتعاب من الذي ينفذ الحكم؟ ومن هو صاحب المصلحة في الحكم؟ الرد هنا وبتعجـب شديد هيئة التحكيم، أي أنها أصبحت القاضي من ناحية، والمحكوم له من ناحية أخرى، وذلـك

يعتبر مخالفا للنظام العام في السودان، وأن حكم الهيئة لنفسها بأتعاب يعد أيـضـا مـن ضـمن الفساد الذي نهى عنه القانون، لأن الهيئة استغلت السلطة الممنوحة لها بالحق في الفصل فـي النزاع، وأنشأت منازعة جديدة دون أن تتيح للأطراف مجابهتها بالبينة وأن الحكـم بالأتعاب مخالف لإرادة الأطراف (عقد التحكيم وإجراءاته – دكتور القصيمي صلاح احمـد محمـد طـه الطبعة الثانية ص257-258). (قاضي العامة، دعوى البطلان رقم / 2014 / 674، تاریخ 2014/4/29) ........ ........ - أقامت المدعية / شركة السودان للأقطان بواسطة المستشار القانوني / صلاح الدين عبد القادر كبلو إجراءات هذه الدعوى ضد المدعى عليها / شركة ميتكوت للتجارة العالمية المحدودة بتـاريخ 2014 / 4 / 1 م طاعنة في القرار الصادر عن هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية بـين الأطراف بتاريخ 2014 / 3 / 19 م، وطالبت بإلغائه، وذلك للأسباب التالية:

 1- إن المنازعة التي نشبت بين شركة الأقطان وشركة ميتكوت منازعة جنائية، وأن لجنـة التحري المشكلة بقرار من وزير العدل للنظر في مخالفات شركة الـسودان للأقطـان توصلت إلى وجود مخالفات واضحة لنصوص القانون الجنائي شملت المواضيع التـي تعرضت لها هيئة التحكيم في قرارها، وبعد انتهاء اللجنة من عملها ووصولها إلى حجم وطبيعة المخالفات، وبموجب ذلك وجهت الاتهام إلى عدد من المتهمين وأحالت الدعوى الجنائية بالرقم 2013 / 2186 م إلى المحكمة تحت المواد 2/177/123/88/26/25/21 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 م والمواد 7/6 من قانون مكافحة الثراء الحرام المشبوه، وأن إجراءات الدعوى الجنائية قيد النظر أمام محكمة الجنايات فـي مرحلـة سماع قضية الاتهام، وأن مفوض شركة ميتكوت الذي ظهر أمام هيئة التحكيم هو المتهم الثاني في الدعوى الجنائية والشاهد الرئيسي أمام هيئة التحكيم هو عابدين محمد علـي المتهم الأول، وأن معظم المسائل التي صاغت هيئة التحكيم نقاط النزاع حولها وفصلت فيها هي ذات المخالفات التي تنظرها محكمة الجنايات الآن، ومعظـم الأمـوال التـي ناقشتها هيئة التحكيم صدرت بشأنها قرارات في مرحلة التحري، وأن الطبيعة الجنائيـة للنزاع لم تكن غائبة عن أعضاء هيئة التحكيم، وبالتالي خالفت الهيئة المواد ( 4 )، ( 41 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م الخاص بسلوك أعضاء الهيئة.

 2- أنه وفقا لنص المادة ( 30 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م الخاصة بقواعد التحكيم يجب أن تطبق هيئة التحكيم القواعد التي اتفق عليها الطرفان، وإذا لم يتفقا طبقـت القواعـد الموضوعة في القانون الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع، وأن الطرفين لم يتفقا على تلك القواعد، لأن المحتكم ضدها / شركة السودان للأقطان لم توقع مشارطة التحكـيم، ممـا يعني مخالفة نص المادة (41 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م في الفقرات ب / ج / ه.

 3- إن فلسفة التحكيم القائمة على الاتفاق لا تعطي هيئة التحكيم الحق في إجبار أي طـرف على الاستمرار في إجراءات التحكيم، وليست هنالك سابقة أو نص قانوني يعطي الهيئة هذا الحق ويخولها إصدار حكم غيابي متجاوزة رغبة وإرادة الطرف الذي لا يرغب في الاستمرار في إجراءات التحكيم بعد كشف حجم وتعيين المخالفات ومخاطبة اللجنة بعدم الخوض في أي مسائل لها علاقة بمجريات التحري.

 4- ليس هنالك اتفاق بين شركة الأقطان وشركة ميتكوت على النقاط التـي يـدور حولهـا التحكيم، ولم تشارك شركة الأقطان في إعداد مشارطة التحكيم، وأن الاتفاق والمشارطة كانا بين ميتكوت وهيئة التحكيم، وأن قرار الهيئة بإلزام الأقطان بالاتفاق والمـشارطة غريب وغير مألوف في العمل القانوني والعدلي، مما يؤكد وجود إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم، وفقا للفقرة (ج ) من المادة ( 41 ) من قانون التحكيم. 5- سلوك المحكمين في الإجراءات يخالف الفقرة ( ب ) من المادة ( 41 ) من قانون التحكـيم، لأن الأستاذ عبد الباسط سبدرات هو محامي شركة ميتكوت ويتقاضى منها مبلغا شهريا، بالإضافة إلى تسلمه أتعاباً نظير ظهوره فـي الـدعوى الجنائيـة 2013 / 2186 م، وأن - العقود التي ناقشتها الهيئة وبنت على تفاصيلها حكمها تم توثيقها بمكتب المحامي عبـد الباسط سبدرات، وأن ممثل الأقطان عمر يعقوب محمد علي من ضمن المتهمـين فـي الدعوى الجنائية، وممثل شركة ميتكوت أحمد سليمان الركابي من ضـمن المتهمـين، والشاهدين حسام عبد العظيم سالم، والهادي محمد احمد متزوجين من ابنتي المفـوض لشركة ميتكوت محي الدين عثمان، وأن علاقة الأستاذ عبد الباسط سـبدرات بـشركة ميتكوت تتجاوز حدود علاقة المحامي بموكله إلى أبعد من ذلـك، وأن الأستاذ عبـد الباسط سبدرات أفصح عن رأيه في النزاع بين شركة الأقطان وميتكوت مـن خـلال مذكراته التي قدمها أمام لجنة التحري ودافع عنها بقوة وطعن في قرار اللجنـة أمـام وزير العدل ... فكيف يجلس على كرسي القضاء ليفصل في نزاع قال فيه رأيه مسبقاً، وأن عضو الهيئة الأستاذ عبد الدائم زمراوي طلبت منه شركة الأقطان بخطاب إيقـاف إجراءات التحكيم للأسباب الواردة في الخطاب، وتعامل مع الخطاب بسلبية، وأن قرار الهيئة جاء خاليا من الإشارة إلى ذلك الخطاب، وأن سلوك رئيس الهيئة بإصراره على استمرار التحكيم إلى نهاياته رغم علمه بمخاطبة شركة الأقطان له كرئيس للهيئة بوقف الإجراءات، وأن الهيئة أظهرت شركة الأفطان بمظهر الراغب في التحكيم والمتخلـف عن الحضور دون عذر أو سبب، وأن أتعاب الهيئة تمت بالاتفاق بين المحتكمة وهيئـة التحكيم وان المحتكمة دفعت نصيبها ونصيب شركة الأقطان من أتعاب التحكيم كاملـة مبلغ ( 3 ) مليون جنيه، وأن هذا أمر يدعو إلى التساؤل ؟

 وللأسباب المـذكورة طلبـت المدعية والطاعنة إلغاء حكم هيئة التحكيم لبطلانه للأسباب المذكورة.. ردت المدعى عليها والمطعون ضدها على عريضة البطلان بواسطة محاميها كالآتي:

  1. إن الطعن جاء معيباً شكلاً بإيراد أن المحكمة التي تنظر الطلب هي محكمة الخرطـوم وسط وليست محكمة الخرطوم الجزئية، وقامت بتسمية أطراف الدعوى شركة ميتكوت للتجارة العالمية المحدودة بصفة ( محتكمة) ضد شركة السودان للأقطـان المحـدودة ( محتكم ضدها )، وأنه فات مقدم الطلب أن الإجراء هو دعـوى بـطـلان قـرار هيئـة التحكيم، وليس دعوى تحكيم أو إجراء أمام هيئة التحكيم، وأن هذا الإجراء يعتبر دعوى حسب نص المادة ( 40 ) من قانون التحكيم لسنة ( 2005 م ) وأن مقـدم الطلـب سـمى عريضته أنها طعن، والأصح أنها دعوى بطلان، وهذه العيوب الشكلية التـي اعتـرت الطلب المقدم تستوجب شطب الطلب شكلا.

  2. إن الدعوى المقدمة لم تفصح عن أي سبب من الأسباب الواردة في المادة (41) من قانون التحكيم، وأن المذكرة اشتملت على عموميات للمسائل التي تناولها التحكیم، ولم تذكر العريضة صراحة أن المسائل التي تناولها التحكيم لم يشملها اتفاق التحكيم أو أنها تجاوزت حدود الاتفاق وتكلمت على سلوك المحكم ولم تدع فساد المحكمين أو سوء سلوكهم، وأن الدعوى يجب أن تشير صراحة وبوضوح إلى واحد أو أكثر من الأسباب الخمسة في المادة كأساس للبطلان، ولافتقار الـدعوى لـذلك الـتمس شطبها.

  1. جاءت عريضة البطلان في شكل استئناف ضد قرار هيئة التحكيم، واحتوت على الكثير من المسائل القانونية والمواد والتساؤلات والافتراضات، وبالتالي فإنها جاءت مخالفـة للشكل المطلوب في الدعوى، وخالفت المادة (40) من قـانون التحكـيم واشـتراطات عريضة الدعوى في المادة (39) من قانون الإجراءات المدنية.

  2. إن المنازعات التي نشأت بين شركة السودان للأقطان وشركة ميتكوت نزاعات مدنية، وفقا لنص المادة (40) من قانون التحكيم، وأن ما توصلت إليه لجنة التحري لا علاقـة لشركة ميتكوت به، وأن التحريات كانت في مواجهة أشخاص طبيعيـيـن وبـصفتهم الشخصية فقط، ولم تتضمن الاتهامات المتمخضة عن التحري والتحقيق أي اتهام لشركة ميتكوت المحتكمة، ولعدم اتحاد أطراف الدعوى الجنائية لا يمكن الاحتجاج بوجود تلك الدعوى كسبب لوقف أو شطب أو بطلان الإجراء المدني المتمثل في التحكيم، وأن طلبه لهيئة التحكيم بوقف إجراءات التحكيم لحين الانتهاء من التحقيق، ثم المحاكمة، لم يسنده بأي قانون، ولم يدع فيه أن المحتكمة طرف في الدعوى الجنائية.

  3. شخصية مفوض المحتكمة والشهود في التحكيم لا علاقة لها بدعوى البطلان، وكـونهم متهمين في الدعوى الجنائية لا يقدح بالبطلان في إجراءات التحكيم، وهذا الادعـاء لا يدخل في ما حددته المادة ( 41 ) وأسس دعوى البطلان.

  4. طالما أن هنالك اختلافا بين طرفي الدعوى الجنائية وطرفي دعوى التحكيم، فإن الحديث عن أن المسائل التي صاغت هيئة التحكيم نقاط النزاع حولها، عديم النظر وغيـر ذي جدوى لعدم اتحاد أطراف الدعويين والإجرائيين، وأن خطاب لجنة التحري موجه إلى شركة الأقطان، وليس إلى هيئة التحكيم، وأنه ليس لوزير العدل ورئيس لجنة التحـري الحق في توجيه هيئة التحكيم أو أمرها بإيقاف التحكيم، خاصة أن المحتكمة لـم تـكـن طرفاً في التحقيق والتحريات الجارية.

  5.  7- مشارطة التحكيم ترتبط بإحالة النزاع إلى التحكيم، وهي إما أن تكون بناء على شـرط التحكيم وهو الموجود سلفا في العقود قبل نشوء النـزاع أو مـشارطة لإحالـة نـزاع الأطراف إلى التحكيم وهو الاتفاق اللاحق لنشوء النزاع بتحديد التحكيم طلباً لحـسمه، وأن النزاع يمكن أن يحال إلى التحكيم بناء على المكاتبات المتبادلة بين الأطراف. وفي هذه الإجراءات أحيل النزاع إلى التحكيم بناء علـى العقـود الموثقـة بـين الطـرفين والمكاتبات اللاحقة.

  6. الحكم الصادر من هيئة التحكيم لم يكن غيابيا في مواجهة شركة الأقطان، وأن شـركة الأقطان كانت ترفض، ولم يمثلها أحد أمام الهيئة لجلسات عديـدة، رغـم الإعلانات المتكررة. وعليه، فإن القرار أو الحكم الصادر لا يكون غيابيا، وأن قانون الإجراءات المدنية في المادة ( 61 ) وقانون التحكيم في المـادة ( 27 ) أعطـى الهيئـة الـحـق فـي الاستمرار في الإجراءات إذا غاب أحد الطرفين عن الحضور دون عذر مقبول في أي مرحلة من مراحل الدعوى بناء على طلب الطرف الآخر.

  7. مقدمة الطلب شركة الاقطان كانت تعلم منذ بداية التحكيم باختيار عضو هيئة التحكـيم عبد الباسط سبدرات، وكان أمامها حق الطعن فيه خلال أسبوع من تاريخ تعيينه، وفقـاً لنص المادة 17 / أ من قانون التحكيم وبتقاعسها عن تقديم طلب الرد، فإن الأمر يكون قد فات أوانه ويجب رفض الطعن في هذه المرحلة. وللأسباب القانونية والموضوعية الواردة التمست المدعى عليها والمطعون ضـدهـا شـطب الدعوى وتحميلها الأتعاب والرسوم ... بعد التعقيب وضم محضر التحكيم.

 وبعد الاطلاع على كافة الأوراق مما يستلزم الفصل في الدعوى والطعن، أرى مناقشة الأمر والفصل فيه على النحو التالي: فالدعوى تتعلق ببطلان قرار هيئة التحكيم ... والبطلان هو وصف يلحق بالعمـل القـانوني ويمنع من ترتيب الآثار التي تترتب أصلاً على مثل هذا العمل لوجود عيب في هذا العمل، كمـا يعتبر تكييف قانوني لعمل مخالف لنموذجه القانوني يؤدي إلى عدم إنتاج الآثار التي يرتبها عليـه القانون إذا كان كاملاً.

 فالقانون يضع نموذجاً للعمل الإجرائي ينبغي اتباعه حتى ينتج العمل آثاره، فإذا تمت مخالفة هذا النموذج، فإن العمل لا ينتج أثره ويصبح معيباً، ويوصف بأنه باطل ويتضح من تعريف البطلان أنه لا بد من توافر عنصرين أساسيين للبطلان هما: 1- وجود عيب لحق بالعمل الإجرائي مخالفاً لما هو مقرر قانوناً. 2- عدم ترتيب الآثار القانونية للعمل الإجرائي المعيوب، والتي كـان مـن المفترض أن تترتب عليه إذا تم صحيحاً، وفقا لما هو مقرر له قانونا.

ودعوى البطلان نوع من أنواع الرقابة القضائية على إجراءات التحكيم ويقـصد بالرقابـة القضائية على عمل المحكمة التحقق من صحة حكمه وحقه في العناية بعمله فهذه الرقابة القضائية تؤدي دوراً مزدوجاً: أحدهما، وقائي: يتمثل في حرص المحكمة على تحري الدقة والتطبيق السليم للقانون، فضلاً عن حرص الأطراف أنفسهم على سلامة الإجراءات تجنبا لرفض تنفيذ الحكم الصادر في النزاع أو إبطاله أو إنهاء الإجراءات قبل إصدار الحكم. ثانيهما، علاجي: يتمثل في إلغاء الحكم أو رفض تنفيذه عند تحقق أحـد أوجـه الإلغـاء أو رفض التنفيذ. وكل ذلك بهدف صحة الحكم والحفاظ على الجوهر السليم للمنازعة التحكيمية والتحقـق مـن حسن إدارة العدالة وتجنب مخاطر التحكيم ... ولذلك، فإن دعوى البطلان ليست استئنافاً يشترط فيه توافر ما نص عليه القانون الإجرائي لقبول الاستئناف فيما يتعلق ببيان الحكم المستأنف وتاريخـه وأسباب الاستئناف والطلبات..

ولكن يشترط بداهة بيان حكم التحكيم المطلوب إبطاله على نحو ناف للجهالة، ويجب أن تقدم صورة رسمية من حكم التحكيم أو أن يضم ملف التحكيم المحتـوي علـى حكم التحكيم إلى الدعوى ... ودعوى البطلان أيضا ليست دعوى مدنية بالمعني الـدقيق للـدعوى المدنية، وفقا لشكل وإجراءات نظر الدعوى المدنية لقانون الإجراءات المدنية.. لذلك لا يشترط في عريضة الطعن كل ما نص عليه قانون الإجراءات المدنية بخصوص مشتملات عريضة الـدعوى، وفق نص المادة (36) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 م ..

 ويشترط القـانـون فـي مقـدم عريضة دعوى البطلان أن تتوافر في رافع الدعوى الصفة الإجرائية اللازمة لرفع الدعاوى بصفة عامة، ويختصم في دعوى البطلان من له صفة سلبية في الدعوى، وهو من كان طرفا في خصومة التحكيم ومحكوم له بموجب حكم التحكيم، فلا يجوز أن يختصم من لم يكن طرفـا فـي خـصومة التحكيم، ولهذا لا يجوز اختصام أحد المحكمين الذين أصدروا الحكم في دعوى البطلان، ولذلك فإن عريضة البطلان لإلغاء حكم هيئة التحكيم لم يتوافر فيها عيب شكلي فهي مرفوعـة مـن شـركة السودان للأقطان، وهي المحكوم ضدها، ومن له الحق في إقامتها، وفقا لنص المادة ( 41 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م، وبالتالي فهي صاحبة المصلحة، لأن المصلحة هي مناط الـدعوى ومعيـار المصلحة الحقة هو كون الحكم المطلوب إلغاؤه أضر بالمدعي في دعوى الـبطلان سـواء أكـان المحكوم له أو المحتكم، إذا رفضت طلباته كلها أو قضي له ببعضها دون الآخر .

والغرض الذي رمي له المشرع من ذكر البيانات المتعلقة بالخصوم وموطنهم وصفاتهم إنما هو إعلام ذوي الشأن في الدعوى من رفع الدعوى، وعلى من رفعت وصفته، وتوافر ذلك بـأي شكل في أي موضع من صحيفة الدعوى يكفي لصحة الدعوى، فالنقض أو الخطأ فـي أسـماء الخصوم وصفاتهم الذي ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة في الدعوى لا يرتب بطلان الدعوى، والخطأ في بيان أسماء الخصوم وصفاتهم ويستوجب البطلان هو ذلـك الخطأ والنقص الذي يترتب عليه الجهل بالخصم، أو لبس في التعريف بشخصه، مما يؤدي الـي عدم التعرف إلى حقيقة شخصيته أو أي تغيير لشخصية الخصم بآخر، لا شأن له بالخصوم فـي الدعوى .. بالتالي ما جاء في الدفوع الشكلية لعدم قبول عريضة الطعن والبطلان لا يسنده قـانون أو فقه ..

 لذلك فدعوى البطلان مقبولة شكلا لاستيفائها الشكل المقرر القانوني ولتقديم الطعن خلال القيد الزمني المحدد في المادة ( 42 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م بتقـديم العريـضـة خـلال أسبوعين من تاريخ النطق بالحكم، حيث صدر القرار التحكيمي بتـاريخ 2014 / 3 / 12 م وقـدمت عريضة الطعن بالبطلان بتاريخ 2014 / 4 / 1 م.

 وموضوعاً فقد نصت المادة (41) من قانون التحكيم لسنة 2005 م على أسباب الطعن لإلغاء قرار التحكيم بالنص (1/41) يجوز للمحكوم ضده طلب إلغاء حكم هيئة التحكيم للبطلان للأسباب الآتية:

 أ- إذا فصل المحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق.

 ب- فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم.

 ج- وجود اهمال خطير لإجراء أساسي من اجراءات التحكيم.

 د- فشل هيئة التحكيم في ذكر الأسباب التي بنت عليها حكمها.

 هـ - تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان.

  1. للمحكمة المختصة أن تقضي ببطلان الحكم من تلقاء نفسها بناء على الأسباب الـواردة في البند ( 1 ).

 والطعن المقدم لإلغاء حكم هيئة التحكيم وفق المذكرات ينحصر في إلغاء الحكـم للأسـباب الواردة في البند ( 1 ) الفقرات ب، ج، هـ. بالمادة ( 41 ) من قانون التحكيم، وهي:

 ب- فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم .

ج- وجود إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم.

هـ - تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان.

 ولإصدار القرار العادل نرى مناقشة الأسباب قانوناً وفقها وقضاء كالآتي: أولا- البطلان لفساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم: فالتحكيم قضاء خاص يختار فيه الخصوم قضاتهم بمقتضى اتفاق التحكيم للفصل في منازعة قائمة بينهم .. ولا يشترط أن تتوافر في المحكمين كل الشروط التي يجب توافرها في القضاة، ومع ذلك فلا بد من توافر شروط معينة فيهم أهمها: 2 / الاستقلال. 1 / الحياد 3 / النزاهة.

 وتعتبر حيدة المحكم واستقلاله من الضمانات الأساسية في التقاضي، وهي شـروط لازمـة لمباشرة الوظيفة القضائية أكان القائم بها قاضياً أو محكماً ... والمقصود بالحيـاد عـدم انـحـيـاز المحكم ضد طرف أو إلى جانب طرف، فعدم الحيدة حالة نفسية تتعلق أساسا بالعاطفة ( مصلحة شخصية أو صلة رحم أو عداوة بأحد الخصوم ) ويرجح معها عدم استطاعة المحكم الحكم بغيـر تحيز، واذا كان عدم الحيدة شعوراً عاطفياً ليس له مظهر خارجي، فإن هنالك - مع ذلك- ظروفاً إذا توافرت يغلب معها ألا يكون المحكم محايداً، كأن يكون المحكم زوجاً أو قريباً أو صهراً لأحد الأطراف أو صديقاً له. أو كان قد سبق للمحكم أن أبدى رأيه في النزاع أو كان هناك نزاع سابق أو حالي بينه وبين أحد الأطراف أو كان للمحكم مصلحة مادية في النزاع، كما لو كان المحكـم دائناً لأحد الطرفين أو كفيلا له، ولإثبات ذلك يجب الاستناد إلى وقائع محـددة وحقيقيـة يراهـا الشخص المعتاد صالحة لتبرير الشك في حيدة المحكم ( راجع في ذلك قانون التحكيم في النظرية والتطبيق للدكتور فتحي والي- الطبعة الأولى لسنة 2007 م، ص 244 ويقتضي حياد المحكم فـي التزامه الامتناع عن الاتصال بأحد طرفي التحكيم بعد بدء الإجراءات في النزاع محل التحكـيم، ولو كان هذا الطرف هو الذي قام باختياره. ويقصد بشرط الاستقلال استقلال المحكم الكامل فيما ينتهي إليه من رأي غير متـأثر فيـه بعلاقة تربطه بأحد الطرفين سواء كانت علاقة مالية أو اجتماعية أو مهنية سابقة أو حاليـة (دور المحكم، د. هدى عبد الرحمن ص 120 ) ويتوافر عدم الاستقلال كلما وجدت ظروف موضـوعية معينة توحي بعمل المحكم لحساب أحد الخصوم ويجعل المحكم، كما لو كـان تابعـاً للخـصم أو خاضعاً لرأيه أو سلطته ما يؤثر على استقلال المحكم، فلا يكون المحكم مستقلا إذا كان شـريكاً لأحد الخصوم والأطراف أو كانت له مصالح مادية أو ارتباطات مالية معه، أو كان المحكم فـي مركز وظيفي حيث يخضع لرئاسة احد الأطراف أو ينتظر منه ترقية أو يخشى جزاء ولا يتعلـق الاستقلال بالعاطفة، وإنما بمركز واقعي أو قانوني يمكن أن يقتر موضوعياً، على خلاف الحيـدة التي تتعلق بمركز نفسي تقدر من الناحية الشخصية ولا يوجد ما يمنع من توافر شرطي الاستقلال وعدم الحيدة ( قانون التحكيم- عزمي عبد الفتاح ص 29، المحكم لا يكون مستقلا إذا قدم استشارة أو مساعدة أو كان مستشارا لإحدى شركات الأطراف في التحكيم ). وما جاء في المادة ( 17 ) من قانون التحكيم والخاص برد المحكم، فقد حدد القانون أسـبوعاً لتقديم طلب رد المحكم يبدأ من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة أو من تاريخ العلم بالأسباب المبررة للرد بقيام ظروف تثير شكوكا جدية حول استقلاله أو حيدته، وواضح أن المدعية ( شركة الأقطان ) سقط حقها في رد المحكم الأستاذ عبد الباسط سبدرات للسبب الأول الذي يبـدأ بـالعلم بتشكيل هيئة التحكيم. أما الخيار الثاني للرد وهو من تاريخ العلم بالأسباب التي تثير شكوكا جدية حول حيدة واستقلالية المحكم، فهذه مرتبطة بسير إجراءات التحكيم والخصومة، وهذا الخيار لـم يسقط بالنسبة للمدعية لعدم ظهورها أمام هيئة التحكيم ومباشرتها إجراءات الـدعوى التحكيميـة فجميع مضابط محضر التحكيم وجلساته لم تسجل حضوراً لممثل شركة الأقطان سواء مفوضاً أو مستشاراً قانونياً، فالجلسة الأولى المنعقدة بتاريخ 2013 / 7 / 2 م بحضور المحتكمة وممثلها القانوني طلبت فيها الهيئة من الأطراف تقديم رؤياهم للتحكيم مشفوعة بالمستندات وبيان المطالبات لتحديد نقاط النزاع، والجلسة الثانية بتاريخ 2013 / 7 / 7 م لم يحضر أيضا ممثل لشركة الأقطان، وإنما أرسلت شركة الأقطان خطابا بتاريخ 2013 / 7 / 4 م، موضوعه أعمال لجنة التحري حول مخالفات شركة الأقطان، وطلبت فيه وقف الإجراءات لحين انتهاء التحري أمام لجنة التحقيـق، والجلـسة الثالثة بتاريخ 2013 / 7 / 17 م أرسلت أيضا شركة الأقطان بدون حضور ممثل لها أمـام الهيئـة مذكرة متضمنة التعقيب على الرد على الطلب الذي قدمته لوقف الإجراءات لحين الانتهـاء مـن إجراءات التحقيق ... وقد رفضت الهيئة الطلب وقررت الاستمرار في الإجراءات ... وقد جاء في حكم المحكمة العليا بالرقم م ع / ط م / 2005 / 1167 م الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات ( فـي خصومات الناس أن يكون محايدا بين الخصوم، سواء كان ذلك في إجراءات التقاضي العادية ام في إجراءات التقاضي عن طريق التحكيم، وأدنى درجات الحياد هو الابتعاد عن أي مظهر يورث الشك في أن له علاقة زائدة مع أحد الخصمين، وكل من يقبل أن يكون محكماً بين طـرفين أن

يخلع عباءة الانتماء حتى لو كان وكيلا سابقا لأحد الطرفين أو كان تابعا له بوجه مـن الوجـوه (وأضاف) لا يغير من هذا النظر أن يكون المحكم متفقا على تعيينه من قبل الطـرفين أو يكـون الطرفان عالمين بنشاطه السابق في ما يتعلق بأمور لها علاقة بالنزاع المطروح للتحكيم، وأنه لا شك في أن عدم الحياد في القاضي أو المحكم يعد سوء سلوك في أداء مهمة الفصل بين الخصوم، وأن كافة قوانين التحكيم نصت على بطلان قرار التحكيم إذا شابه فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أحدهم) ..... وعضو هيئة التحكيم عبد الباسط سبدرات كان محاميا للمحتكمة بالشق الجنـائي لمنازعة التحكيم، وظهر في مرحلة التحريات كمحام عنها، وقدم طلبات للنيابة واللجنـة ... فهـو كذلك المحامي الموثق لمستند الادعاء ( 5 ) والمقدم إلى هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية بالرقم ع ص س / 2011 / 4 م بتاريخ 2011 / 3 / 8 م فيما بين: شركة الأقطان المحدودة وشركة كنانة للحلول الزراعية المتكاملة واتحاد مزارعي مـشروع الرهد الزراعي والخاص بالعمليات الزراعية الشاملة للزراعة لتحضير الأرض ومكافحة الآفات واللقيط والسلفيات ودفع مستحقات المزارعين لعدد 65.000 فدان للموسم 2012 / 2011 م .. وهو أيضا المحامي والموثق لمستند ادعاء (52) المقدم إلى هيئة التحكيم بالرقم ع ص س / 2011 / 5 م بتاريخ 2011 / 3 / 8 م فيما بين شركة السودان للأقطان وشركة ميتكوت العالمية والخاص بتمويـل العمليات الزراعية الواردة بالتوثيق رقم ع ص س / 2011 / 4 م، وهي مستندات بين طرفي النزاع قدمت إلى هيئة التحكيم، واستندت إليها الهيئة في حكمها المشارك فيه محرر المستندات وموثقها، وجاء الحكم استناداً إليها وإلى غيرها من مستندات .... وحيث إن المحكم الأستاذ / عبـد الباسـط سبدرات كان محاميا لأحد الأطراف في الدعوى التحكيمية وأعد عدداً من المـستندات والوثـائق محل المنازعة، وقدم دعماً فنياً واستشارياً لأحد الأطراف، وقدم فيها رأيا قانونيا في موضوعها، ويظهر ذلك من خلال المذكرات والمستندات المودعة بمحضر التحكيم والمرفقة بمذكرات هـذه الدعوى، وحيث إن ذلك يطعن في حيدته ونزاهته واستقلاليته ويعتبر فسادا ... لذا نـرى قبـول الطعن المقدم في هذا السبب في قرار التحكيم وإبطال قرار التحكيم بنص المادة 41 / ب من قانون التحكيم لسنة 2005 م.

 ثانيا- الإهمال الخطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم: فالتحكيم هو نظام خاص للفصل في المنازعات بين الأطراف، ويتميـز برضـا الأطراف واتفاق حول التحكيم وهيئة التحكيم سواء باتفاق التحكيم أو بالمشارطة وأدوات واتفاق على لغـة التحكيم والقانون الواجب التطبيق ومكان التحكيم ومدة إصدار الحكم، واتفاق التحكيم هو دسـتور التحكيم وهو مصدر سلطان المحكمين، وأي خلل يوجد في اتفاق التحكيم تكون له آثار سلبية على القضية التحكيمية ويعوق مسيرتها، فيجب أن يكون اتفاق التحكيم كاملا بأن يشمل طريقة اختيـار المحكمين والقانون الواجب التطبيق ومكان وزمان التحكيم ومدة التحكيم ..... وللتأكد من تـوافر هذا السبب نرى مناقشة الأمر عبر بعض النقاط والمسائل المهمة في إجراءات التحكيم على النحو التالي:

1 / اتفاق التحكيم والمشارطة: فقد نصت المادة (4) من قانون التحكيم لسنة 2005 م (التحكيم يقصد به اتفاق الأطراف في المنازعات ذات الطبيعة المدنية على إحالة ما ينشأ بينهم من نزاع قائم ليحل عن طريق هيئات أو أفراد يتم اختيارهم بإرادتهم واتفاقهم). فالتحكيم قوامه إرادة الأطراف، إذ تهيمن هذه الإرادة على نظام

باب الاجتهادات العربية:

 الاجتهاد القضائي السوداني 397 رقم 2- عـقـد - شـرط إحالـة النـزاع إلى التحكـيم - شـرط التحكـيم يختلـف عـن مـشارطة التحكـيم - الأول يكون بشأن أمر احتمالي - الثانية تعـقـد بـشأن نـزاع نشأ فعلا - بطلان مشارطة التحكيم لا يمـس شـرط التحكيم - خـلـو شـرط التحكيم مـن مـيـعـاد صـدور حكم التحكيم - وجوب مراعاة الميعاد المحدد قانونا. -- مشارطة التحكيم هي الاتفاق على التحكيم بين طرفين في علاقة قانونيـة محـددة لحكـم نزاع ناشئ بينهما وهي تختلف عن شرط التحكيم لأنها تعقد بشأن نزاع نشأ فعلا بين الأطراف في حين أن شرط التحكيم يكون بشأن أمر احتمالي يتمثل في نزاع قد يثـور مـستقبلا وقـد لا يثور. مشارطة التحكيم قد تبرم ابتداءً دون أن يسبقها شرط تحكيم وقد يكون إبرامها نفاذا لشرط التحكيم المتفق عليه مسبقا. بطلان مشارطة التحكيم لا يمس شرط التحكيم السابق.

 الاتفاق عليـه فمـثـلا إذا كانـت مشارطة التحكيم باطلة لعدم تحديد المسائل التي يشملها التحكيم فإن هذا البطلان لا يحول دون تحديد هذه المسائل باتفاقه لاحق.

 إن مقتضى خلو شرط التحكيم من ميعاد الحكم الذي تصدره هيئة التحكـيم هـو وجـوب مراعاة الميعاد الذي يحدده القانون. (المحكمة القومية العليا، الدائرة المدنية، الطعن رقم 2008 / 1053 م )

تتحصل الوقائع في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2007 / 1705 م أمام محكمة الخرطـوم الجزئية في مواجهة المطعون ضده بطلب الحكم بإلغاء حكم هيئة التحكيم للبطلان. وقالت بيانا لها بأن المطعون ضده تقدم بطلب إجراءات بالرقم 2006 / 551 م ضد الطاعنة تأسيساً على أنها أخلت بالعقد المبرم بينهما وطلب إحالة النزاع للتحكيم لوجود شرط تحكيم بالعقـد وأحالـت المحكمـة الأطراف للتحكيم حيث بدأت إجراءات التحكيم بتاريخ 2007 / 2 / 4 م دون التوقيـع علـى اتفاق التحكيم من قبل الطاعنة ولم تصدر هيئة التحكيم حكمها في المدة المتفق عليهـا فـي مـشارطة التحكيم المودعة دون موافقة الطاعنة. وقد خالفت هيئة التحكيم نص المادة 41 ( 1 ) ( ب ) من قانون التحكيم فيما يتعلق بأتعاب الهيئة المنصوص عليها في الفقرتين الثامنة والتاسعة مـن مـشارطة التحكيم وشرعت في الإجراءات دون استلام أتعابها من الطرفين وأصدرت قرارها دون استلام أتعابها.

 كما خالفت هيئة التحكيم نص المادة 41 ( 1 ) ( ج ) من قانون التحكيم لعدم إصدارها الحكـم خلال المدة المتفق عليها في الفقرة 7 من مشارطة التحكيم مقروءة مع المادة 30 مـن قـانون التحكيم رغم طلب الطاعنة وقف إجراءات التحكيم لانقضاء مدة التحكيم ولاعتبارها أن المدة قـد مددت ضمناً. كما خالف عضو هيئة التحكيم سعد أحمد سعد نص المادة 41 ( 1 ) ( ب ) من قـانون التحكيم لعدم إفصاحه عن علاقته بالمطعون ضده وإلمامه بموضوع النزاع مما يتعـارض مـع قواعد العدالة والحياد. ورد المطعون ضده على دعوى البطلان بمذكرة طلب فيها شطب الدعوى برسومها وبتاريخ 2007 / 11 / 14 م قضت المحكمة برفض الدعوى برسومها. وعند تقديم استئناف ضد هذا الحكم لمحكمة الاستئناف بالخرطوم أصدرت الحكم المطعون فيه سالف البيان. هذا الطعن لا أمل في نجاحه ذلك أن شرط التحكيم قد يرد في العقد الأصلي بين الطرفين أو في عقد لاحق قبل حدوث أي نزاع. واتفاق التحكيم يكون على صورتين: - ( 1 ) شرط التحكـيم. (2 ) مشارطة التحكيم. ( 1 ) شرط التحكيم يواجه نزاعات احتمالية لم تنشأ بعد وقد لا تنشأ أصلاً وهو فـي الغالـب يكون على صورة شرط من شروط العقد الأصلي توقعا لاحتمال قیام نزاع بشان تنفيذه أو تفسيره وما إلى ذلك ويعد هذا الشرط بنداً مستقلاً عن شروط العقد ولا يترتب علـى بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه عمـلا بـنص

المادة 6 ( 2 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م. وشرط التحكيم هذا كاف بذاتـه لتحريـك الدعوى أمام هيئة التحكيم ويمكن للمدعي تحديد موضوع الدعوى في عريضة دعـوى التحكيم – المادة 25 ( 1 ) من ذات القانون. –

( 2 ) مشارطة التحكيم: - وهي الاتفاق على التحكيم بين طرفين في علاقة قانونية محددة لحكم نزاع ناشئ بينهما وهي تختلف عن شرط التحكيم لأنها تعقد بشأن نزاع نشأ فعلا بـين الأطراف في حين أن شرط التحكيم يكون بشأن أمر احتمالي يتمثل في نزاع قد يثـور مستقبلا وقد لا يثور. ومشارطة التحكيم قد تبرم ابتداء دون أن يسبقها شرط تحكيم وقد يكون إبرامها نفاذا لشرط التحكيم المتفق عليه مسبقا – كما في الحالة التـي أمامنـا - وبطلان مشارطة التحكيم لا يمس شرط التحكيم السابق الاتفاق عليه فمـثلا إذا كانـت مشارطة التحكيم باطلة لعدم تحديد المسائل التي يشملها التحكيم فإن هـذا الـبطلان لا يحول دون تحديد هذه المسائل باتفاق لاحق.

 وعلى هدي من هذا النظـر لـو رجعنـا للدعوى التي بين أيدينا نجد أن عقد المقاولة المبرم بين الطرفين قد نص علـى شـرط التحكيم إذ ينص البند ( 7 ) منه على أنه: - " في حالة نشوء أي خـلاف أو نـزاع بـين الطرفين يحل بالطرق الودية أولا وإلا يحال النزاع إلى هيئة تحكيم من ثلاثة أشـخاص ممثل للطرف الأول وممثل للطرف الثاني ومحايد يتفق الطرفان عليه ويكون التحكـيم نهائياً وملزماً للطرفين ". وشرط التحكيم هذا كاف لتحريك الدعوى أمام هيئة التحكيم. وبعد نشوء النزاع بين الطرفين تم تحرير مشارطة التحكيم المؤرخـة 2007 / 1 / 4 م والتـي حددت ضمن أمور أخرى في البند ( 7 ) منها مدة التحكيم إذ يقرأ هذا البند " يتم الفصل في النـزاع في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ بدء الإجراءات ". إلا أن الطاعنة لم توقـع علـى هـذا المحرر وتقدمت بدفع أمام هيئة التحكيم مفاده أن: - ( 1 ) اتفاق التحكيم باطل لعدم توقيعها عليـه. ( 2 ) لغة التحكيم غير متفق عليها. ( 3 ) كل الفقرات الواردة في مشارطة التحكيم من مقـر هيئـة التحكيم والقانون الواجب التطبيق ومدة التحكيم وأتعاب المحكمين غير متفق عليها ولا شأن لنـا بها ". وإذا استبعدنا مشارطة التحكيم غير الموقع عليها من الطاعنة فإن مقتضى خلو شرط التحكيم من ميعاد الحكم الذي تصدره هيئة التحكيم هو وجوب مراعاة الميعـاد الـذي يـحـده القـانون. وبالرجوع لقانون التحكيم لسنة 2005 م نجد أن المادة 32 ( 1 ) تنص على أنه: - " يصدر حكم هيئة

التحكيم بالاتفاق أو بالأغلبية خلال المدة المتفق عليها أو خلال ستة أشهر من تاريخ بدء إجراءات عدم وجود اتفاق على تحديد المدة ". التحكيم في. حالة وتنص المادة 22 من القانون نفسه على أنه " - " تبدأ إجراءات التحكيم في اليوم الذي يتـسلم فيه المدعى عليه عريضة الدعوى ما لم يتفق الطرفان على ميعاد لبدء الإجراءات ". ولمـا كـان الثابت من مطالعة الأوراق أن الطاعنة قد استلمت عريضة الدعوى بتاريخ 2007 / 2 / 4 م في ذات الجلسة التي حددت لبدء الإجراءات وصدر حكم هيئة التحكيم بتـاريخ 2007 / 7 / 30 م أي خـلال الميعاد المقرر قانونا – ستة أشهر – فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما تثيره الطاعنة يكون بلا أساس. وعليه أرى أن نقرر شطب هذا الطعن إيجازيا برسومه.

 - عبد الرحمن علي عبد الله قاضي المحكمة العليا 2008 / 9 / 15 م الأمر النهائي: يشطب الطعن إيجازياً برسومه. مصطفى حسن النور قاضي المحكمة العليا 2008 / 9 / 11 م عبد الرحمن علي صالح قاضي المحكمة العليا 2008 / 9 / 17 م عبد الرحمن علي صالح قاضي المحكمة العليا رئيس الدائرة 2008 / 9 / 17 م

مجلة التحكيم العالمية 2015 - العدد السابع والعشرون