الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / يجب ان يكون المحكم محايداً ومستقلاً / الكتب / بطلان حكم المحكم / استقلال وحياد المحكم

  • الاسم

    د. إبراهيم رضوان الجغبير
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    255
  • رقم الصفحة

    208

التفاصيل طباعة نسخ

استقلال وحياد المحكم

إن استقلال القاضي وحياده، سبب رئيسي للاستقرار القضائي في أي نظام قانوني، بل أن استقلال القاضي وحياده أثناء نظر النزاع يبعث الطمأنينة والرضا نفوس المتنازعين، ويكون عاملاً رئيسياً في خضوعهم لحكم القاضي، كذلك الأمر في التحكيم، فإن حياد المحكم واستقلاله ضمانة رئيسية لاستمرار إجراءات التحكيم واحترام حكم التحكيم بعد صدوره.

وكان استقلال القاضي من كل مظان التأثير سواء في ذلك أطراف المنازعة أم سلطة الدولة - هو مناط الثقة لدى المتقاضين، فإن استقلالية المحكم المختار بدورها هي التي يمكن أن تبعث في نفوس المتحكمين الطمأنينة .

انقضاء صلة المحكم بموضوع النزاع وألا يكون له مصلحة فيه أو ارتباط بأي من الأطراف أو من يمثلهم، ويجب ألا يكون تابعة لأحد الأطراف، وعلى الأخص من النواحي المادية فالمحكم باعتباره قاضية، لا يجوز أن يكون طرفا وفي النزاع أو له مصلحة فيه على أي وجهه إذ يجب أن يظل المحكم الذي تم تعيينه ليتولى مهمة التحكيم محتفظاً باستقلاله من لحظة تعيينه وأثناء الإجراءات ومراحل التحكيم جميعها وحتى صدور حكم التحكيم النهائي.

ويتعين عدم الخلط بين استقلال المحكم وبين حياده، فالاستقلال يعني بالمعنى الواسع عدم تبعية المحكم لأي طرف من طرفي النزاع حتى لا يتوجه في عمله بتوجيهات أي منهما، أما الحياد فيعني عدم الميل أو الحكم بالهوى لصالح أي منهما.

وهذا ما أقرته محكمة النقض المصرية في حكم لها، إذ قالت في أسباب الحكم: "إن المحكم ليس طرفاً في خصومه التحكيم، وإنما هو شخص يتمتع بثقة الخصوم واتجهت إرادتهم إلى منحه سلطة الفصل فيما شجر بينهم شأنه شأن أحكام القضاء ويحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدوره، ومن ثم لا يتصور أن يكون خصماً وحكماً في ذات الوقت".

تبين أن المشرع - سواء الأردني أم المصري - أراد أن يكون قبول المحكم لمهمته كتابة ، وألزمه بتقديم إقرار باستقلاله يفصح فيه عن أية شكوك قد تدور حول استقلاله وحياده؛ وبالإفصاح عن علاقاته بالأطراف أو بموضوع النزاع، والهدف من ذلك هو إحاطة الأطراف ببعض الوقائع التي قد تثير شكوك حول استقلاله.

ويعتبر الإفصاح أساسياً لسلامة الحكم ووضعه فيما إذا تبين أنه لم يصرح عن ظروف تمس حياده واستقلاله وأخفاها عن المحتكمين، ولاسيما عن المحتكم.

ومما يدعو إلى التساؤل عما إذا كان واجباً على المحكم أن يفصح للأطراف عن كافة الظروف التي تثير شكوكاً حول حياده واستقلاله، فهل يلزم موافقة الأطراف على ما أفصح به؟ أم أن الإفصاح شرط شكلي يلتزم به المحكم دون أن تترتب نتيجة على موافقة أو عدم موافقة الأطراف على ما جاء في تصريحه؟

ومن الجدير بالذكر أن نظام التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس قد أكد على وجوب كون المحكم مستقلاً عن أطراف النزاع، وأن يظل كذلك حتى صدور الحكم (المادة 7) وعلى المحكم المرشح وفقاً لنظام التحكيم للغرفة قبل تعيينه من قبل هيئة التحكيم أن يعلم الأمين العام كتابة بكل الوقائع والظروف التي قد يكون من طبيعتها التأثير على استقلاله في نظر الأطراف، وبمجرد أن يتلقى الأمين العام لهيئة التحكيم هذا الإعلام، يبلغه كتابة إلى الأطراف ويحدد لهم مهلة لتقديم ملاحظاتهم المحتملة.

هذا ونجد أن بعض مؤسسات ومراكز التحكيم، قد تبنت معايير أخلاق السلوك المحكم بإصدارها مواثيق تتضمن القواعد المتعارف عليها دولياً في الوثائ المماثلة ، وهذه القواعد جميعها، يجمع بينها أنها تؤدي إلى تحقيق أكبر قدر مستطاع من الاستقلال والحياد والنزاهة للمحكمين، الأمر الذي يوفر ثقة الخصوم واطمئنانهم إلى أن الحكم الذي سوف يصدره المحكمون مبني على الحق والعدل.