وتثبيتاً للدعائم التي ينطلق منها التحكيم قامت الدول بإصدار قوانين وأنظمة خاصة لتقنين كل ما يتعلق بالتحكيم وكذلك تم إبرام الاتفاقيات والمعاهدات لمنح العبة الدولية للتحكيم، وتم إنشاء مراكز تحكيم مرموقة على المستويين الدولي والمحلي ويومياً تصدر أحكام للتحكيم ويتم تنفيذها. ومن كل هذا النشاط المهني ترسخ مبادئ التحكيم وتظهر آثاره على الأفراد والمجتمع وهذا يفيد العدالة والشعور بأنها موجودة بين الناس. ولكن هل يقوم التحكيم على إصدار التشريعات وإنشاء المراكز المؤسسية فقط؟ الإجابة بالطبع لا هذا وحده لا يكفي، أن من متطلبات نجاح التحكيم واستمرار فعاليته، أن تتوفر في المحكم عدة صفات ومتطلبات مهمة نكون سندا ناعما للتحكيم وعضدا قويا لمخرجاته.
ومن أهم هذه المتطلبات، أن يكون المحكم مستقلا ومحايدة، طيلة فترة ارتباطه بالتحكيم. وإذا لم تتوفر هذه المتطلبات في المحكم، وبغض النظر عن مؤهلاته وخبراته وكفاءاته، فإن ما يصدره من قرارات قد تكون عرضة للبطلان وعديمة الفائدة بل تصبح كأن لم تكن لأن الطرف المتضرر سيلجأ للمحاكم المختصة لنقض حكم التحكيم بالبطلان. وهذا أمر جائز ويحدث كثيراً أمام المحاكم التي تقرر في البطلان من عدمه بسبب حياد واستقلال المحكم الذي أصدر أو شارك في إصدار قرار التحكيم النهائي.
والمقصود بالحياد والاستقلال، وفي إيجاز، عدم وجود أي علاقة بين المحكم وموضوع النزاع من جهة وكذلك عدم وجود أي علاقة بين المحكم وأطراف النزاع من الجهة الأخرى.