إن الحياد يدور حول الواجبات الأخلاقية للمحكم وعدم الحيدة عبارة عن ميل نفسي أو ذهني للمحكم يكون لصالح أو ضد أحد أطراف النزاع أو الغير أو الدولة بحيث يُرجّح معه عدم استطاعة الحكم بغير ميل لأحد مما ذكروا أو ضده.
ونرى أنه يجب أن تكون العداوة أو الود شخصية ودامغة بحيث يُستنتج منها قيام خطر عدم الحيدة عند إصدار الحكم ويُلاحظ أن إثبات عدم الحيدة حالة نفسية ذات طابع شخصي تخضع لنية المحكم وليس لها أمارات خارجية تدل عليها، الأمر الذي يصعب معه إثباتها مباشرة.
ونخلص إلى أن الأطراف يمكن لهم الاتفاق فيما بينهم علي التنازل عن شرط الاستقلال لأن التحكيم الغرض منه الإبقاء علي العلاقة بين الأطراف بعيداً عن أجواء المحاكم والرسميات والمظاهر والشكليات التي قد تؤثر علي العلاقة الودية بين الأطراف، ولا يتوفر ذلك إلا في وجود شخص أمين موثوق فيه يطمئن إليه الطرفان بغض النظر عن علاقته بالطرف الآخر فهذا الشرط يعد مكملاً لإرادة الأطراف - لهم التنازل عنه أو التمسك به - أما الحيدة فهي عامل نفسي يجعل المحكم ممسكا بميزان العدالة بين الطرفين علي نحو موضوعي مجرد عن الهوى، ومن ثم فلا يُتصور اتفاق الأطراف على النزول عن حيدة المحكم.
