الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / يجب ان يكون المحكم محايداً ومستقلاً / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) /  الالتزام بمبدأ الحياد والاستقلال

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    150

التفاصيل طباعة نسخ

  الالتزام بمبدأ الحياد والاستقلال

   يعتبر هذا المبدأ من المبادئ الأساسية التي تحكم الدعاوي، سواء أكانت قضائية، أم تحكيمية، وحيث إن المحكم الذي يتولى مهمة التحكيم يقوم بعمل يقترب من العمل القضائي، ويؤدي مهمة هي الأقرب إلى وظيفة القضاء، فإنه من المفترضات الموضوعية في هذا الشأن.

  وبالتأكيد إن التزام المحكم بمبدأ الحياد والاستقلال لا يقتصر على التحكيم الداخلي، بل ينطبق أيضاً على التحكيم الدولي، وسواء أكان المحكم مقيدة بالحكم بقواعد القانون، أم مفوضاً بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف، ويجب أن يتوفر هذا الالتزام منذ بدء إجراءات التحكيم ويستمر أثناء سريانها وحتى صدور الحكم.

   ويتعين عدم الخلط بين استقلال المحكم، وبين حياده، فالاستقلال يعني بالمعنى الواسع؛ عدم تبعية المحكم، أو المحكمين عند تعدد أعضاء هيئة التحكيم، لأي طرف من طرفي النزاع، أما الحياد فيعني؛ عدم الميل.

   ويجب على المحكم ألا يخرج في حكمه عن هذا المفهوم للاستقلال والحياد، وخصوصاً في عدم خضوعه في عمله لسلطة، أو توجيهات الطرف الذي اختاره، أو الطرف الآخر، إذ أنه ليس بوكيل عن الطرف الذي تم اختياره من قبله، أو تابعا له، أو يعمل لمصلحته.

   ولا يثبت الحياد إلا بعد الممارسة العملية، ويعتبر عدم الحياد هو الأخطر على أساس إن عدم الاستقلال يتوافر في ظروف لا تصل إلى درجة عدم الحياد، ولا يوجد ما يمنع من أن يكون المحكم محايداً بالرغم من أنه غير مستقل عن الخصوم أو أحدهم.

  ومن المفترض – أيضاً – في المحكم ألا يكون له مصلحة شخصية بالنزاع)، ولم يبتعد هذا الشرط عن الشروط الواجب توافرها في القاضي، حيث يشترط أيضاً ألا يكون للقاضي مصلحة في النزاع الذي ينظر أمامه.

وتطبيقاً لذلك جاء قانون التحكيم المصري، في نص المادة (3/16) ليوجب على المحكم: ".. أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته".

   وأوجب قانون التحكيم الأردني على المحكم، وفقا لنص المادة (15/ج): "أن يفصح عند قبوله عن أي ظروف من شأنها إثارة شكوك حول حيدته واستقلاله".

   وأجازت المادة (1/17) من ذات القانون رد المحكم؛ "إذا قامت ظروف تثير شكوكا حول حيدته واستقلاله".

   وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة (178) من قانون المرافعات الكويتي، على أنه: "ولا يجوز رده عن الحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد تعيين شخصه ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير للحكم.

وجدير بالذكر إن التزام المحكم بالكشف للخصوم عما يمكن أن يثير شكوكهم في استقلاله أو حيدته يعد تطبيقاً خاصاً لحق الخصوم في الدفاع، باعتبار ذلك مساعد لهم في استبيان ما قد يعتمدون عليه في طلب رد المحكم، فإذا حدث وأن خالف المحكم هذا الالتزام، فإن ذلك يعد إخلالاً بحق الخصوم في الدفاع.

   ولا تقتصر الفائدة على الأطراف من تصريح المحكم لهم عن أي ظروف قد تثير الشك حول استقلاله وحيدته، بل لها تأثير ايجابي - أيضاً - على عمل هيئة التحكيم، إذ أنه إذا تم التصريح بهذه الظروف، وعلم بها الطرف المعني وقبلها، فإن ذلك يمكن الهيئة من أن تعمل بعد ذلك بهدوء)، بعيدا عن مخاوف اكتشاف هذه الظروف فيما بعد مما يجعلها أكثر تركيزا في عملها.

   وخلاصة القول إن القانون الوطني وقواعد التحكيم الدولية تفرض التزاماً مباشراً على المرشح، لأن يكون محكماً أن يكشف عند قبوله القيام بمهمته التحكيمية عن أي ظروف يكون من شأنها إثارة الشكوك حول استقلاله وحيدته، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل عليه أن يلتزم كذلك بأن يحيط الأطراف بأي ظروف قد تطرأ بعد تعينه ويكون من شأنها التأثير على حياده واستقلاله من وجه نظر الأطراف، وذلك لأن الحياد والاستقلال يجب أن يستمرا كما ذكرنا منذ قبوله تولي المهمة إلى حين إصدار حكمها.

   وفي حال إن لم يقم بالكشف عن الظروف التي قد تمس حيدته واستقلاله، وصدر الحكم فيكون ذلك سببا لذي المصلحة لرفع دعوى البطلان، وطلب أبطال الحكم، على أساس عدم صحة تشكيل هيئة التحكيم أو عدم صحة تعيين المحكم.

   بيد أنه يتعين أن نأخذ في اعتبارنا أنه لا يحق لصاحب المصلحة الذي علم بالسبب الذي يثير الشك حول استقلال وحيدة المحكم ووافق عليها، أن يطعن في الحكم الصادر منه بحجة عدم حيدته، حيث إنه إذا علم بالظروف المبررة لرد المحكم، وبالرغم من ذلك لم يقدم طلب الرد في الميعاد المحدد، فإنه يكون بذلك قد تنازل عن حقه في طلب الرد، مما يترتب عليه سقوط حقه في رفع دعوى البطلان لمخالفة شرط الحيدة والاستقلالية، إذ أن هذا السكوت وتجاوز المهل هو رضاء بها.