لما كان التحكيم يقوم على الثقة التي يوليها أطراف النزاع في المحكم فمن ثم وجب أن يكون المحكم أهلاً لهذه الثقة.
فالمحكم كالقاضى ومن ثم يتعين أن تتوافر فهي الحيدة والاستقلال عن الخصوم حتى يستطيع أن يمسك ميزان العدالة في منصة التحكيم ويحقق المساواة بين الطرفين وإذا كان هذا الشرط لا يتطرق إليه أدنى شك إزاء صراحة النص القانوني، إلا أن تقدير مدى توافر هذا الشرط في المحكم إنما هو أمر يعتمد بصفة أساسية على تقدير الخصوم ومن ثم فإن الأمر يختلف من حالة إلى أخرى بالرغم من توافر نفس الملابسات.
وعلى هذا فإن صلة المحكم بأحد الخصوم أو بهما معاً، في بعض الفروض لا تمس حياد المحكم و استقلاله طالما كان الطرفين على علم بها وقت الاختيار. إذ قد يكون الغرض من التحكيم هو وضع النزاع في يد شخص أمين حريص على علاقات الطرفين كصديق حميم للطرفين أو مستشار قانوني لاحدهما ويحترمه الطرف الآخر ويثق فى نزاهته. وفى مثل هذه الأحوال فإن الرباط الوثيق بين المحكم والخصوم أو بينه وبين أحدهم لا يؤثر في صحة اختياره متى كان معلوما لهم قبل الاختيار.
وسبق الافتاء أو المرافعة أو الكتابة فى النزاع أو الادلاء بشهادة تتعلق بالنزاع، يدل على الميل إلى جانب الخصم الذى حصل الافتاء أو المرافعة أو الكتابة أو الشهادة لمصلحته، ولذلك فهو يعد سببا لعدم الصلاحية للتحكيم إذا كان الخصم على جهل به وقت اختیاره