نظراً للطبيعة القضائية لعمل المحكم، وكونه يفصل في المنازعات التجارية وفي حوزته سلطات واسعة للفصل في جميع المسائل القانونية والواقعية الـتي يثيرها النزاع المعروض عليه، ونظراً لعدم التزامه باتباع قواعد الإجراءات المعمول بها أمام المحاكم القضائية، وحريته الكبيرة في تسيير الإجـراءات التحكمـية، ونظـرأ لتمـتـع حكـم التحكـيم الصادر عنه بدرجة كبيرة من النهائية. لكل ذلك وجب أن تتوافر في المحكم الصفات، والضمانات الواجب توافرها في القضاة، وأولها الحيدة والاستقلال عن أطراف النزاع، فلا يكون المحكم مرتبطا بأحد أطراف النزاع، أو بـأحد مستشـاريهم، أو بأحد المحكميـن الآخريـن فـي هيـئة التحكيم بروابط اجتماعية، أو بعلاقات عمل من شأنها أن تجعله صاحب مصلحة في حكم التحكيم المنتظر إصداره، مما قد يؤول على أن المحكم كان منحازاً لطرف، أو متحاملاً على طرف آخر، وعلى أن حكم التحكيم عند إصداره كان مؤدياً إلى شيء آخر سوى الحق والعدل والإنصاف، كظلم أو جـور أو تحيز لهذا الطرف أو ذاك، مما قد يتسبب في إبطال حكـم التحكيم في مراجعة قضائية لاحقـة تشـوب استقلاله وحـياده، أو لكونه قد أبدى رأيا سابقاً في الدعوى المعروضة عليه، أو لكونه شريكاً أو مساعداً لأحد محامي الأطراف أو لأحد مستشاريهم، أو في شركة من شركاته، وكل ما من شأنه إيجاد مؤثرات واقعية أو علاقات من شانها أن تنال من حريته في إصدار حكم التحكيم. كمـا يمتد شرط الاستقلال والحيدة الواجب توافره في المحكم التجاري إلى معاونيه ومستخدميه