لم يشترط المشرع أن يكون المحكم حاملًا شهادة الحقوق أو له خبرة معينة في موضوع النزاع ولو كانت المسألة المطروحة عليه قانونية، بل إنه يجوز أن يكون المحكم جاهلًا لغة الخصوم فيحكم من واقع الأوراق المقدمة إليه، وبالطبع يجب أن تكون مترجمة في مثل هذا الفرض.
ويجوز أن يكون المحكم جاهلًا القراءة والكتابة بشرط ألا يكون وحده في هيئة التحكيم لأن القانون لا يتطلب إلا أن يوقع على الحكم أغلبية المحكمين. بل من الجائز أن يتفق الخصوم على تعيين محكم واحد يجهل القراءة والكتابة بشرط أن يعينوا شخصًا آخر لمجرد كتابة الحكم والأوراق اللازمة لمباشرة العملية التحكيمية.
وإذا كانت الخبرة، لا تعد شرطًا جوهريًا إلا في الحدود التي يقرها الخصوم فإن المشكلة تكمن في اختيار المحكم الملم بكافة القواعد والأعراف المؤثرة على الفصل في النزاع، حيث إن معرفة المحكم بهذه القواعد يعد في غاية الأهمية لإمكان استيعاب الموضوع وحتى لا يكون المحكم في حاجة إلى الاستعانة بخبير لينير له طريق الحسم في النزاع.
هناك جانب في الفقه يشترط ضرورة أن يكون المحكم من ذوي الخبرة في النزاع المعروض عليه.
وهذا ما ذهب إليه المشرع السعودي في المادة الرابعة من نظام التحكيم السعودي.
وهناك أنواع من التحكيم تفترض بطبيعتها الخبرة في المحكم وقد ينص على ذلك صراحة ومثال ذلك التحكيم البحري، إذ يشترط في المحكم الذي يفصل في هذا النوع المتخصص من المنازعات أن يكون متخصصًا في المجال البحري وخبير بأعماله وعلى دراية بعلاقات التجارة البحرية المبرمة بين ملاك السفن ومستأجريها وبكيفية إدارة الأعمال البحرية من تأجير السفن وبيعها وشرائها ومعرفة بأعمال النقل البحري ومشاكله الملاحية، ومعرفة كاملة بالتجارة البحرية وجغرافية المواني البحرية وأعرافها، ولذلك لم يكن غريبًا أن تشترط بعض جمعيات التحكيم الخبرة
على نحو متشدد.