الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / أن يكون المحكم متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة / الكتب / التنظيم القانوني للمحكم / الأهلية المدنية

  • الاسم

    دكتور طارق فهمي الغنام
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    53

التفاصيل طباعة نسخ

الأهلية المدنية

   وهنا سؤال يطرح نفسه هل القاصر الذي بلغ الثامنة عشر والمأذون له بإدارة أمواله أو الاتجار فيها يمكن أن يكون محكماً؟ 

   ذهب رأي إلي أنه في بعض الأحيان قد يكون القاصر محامياً أو مهندساً أو محاسباً أو طبيباً ويكون في عمله وفنه ورجاحة عقله أفضل بكثير ممن بلغ سن الرشد ومن ثم يجوز تعيينه محكماً في حدود الأعمال المسموح بإدارتها .

   في حين يرى البعض أنه لا يجوز أن يكون القاصر محكماً استنادا إلى أنه لا يملك التصرف في ذات حقوقه .

   ونحن نتفق و الرأي الأخير ونري أن المشرع عندما أجاز للقاصر إدارة أمواله بإذن قضائي فقد شرع ذلك لوجود حالة ضرورة تمثلت في حماية مصلحة القاصر، وتُرك ذلك لتقدير القاضي وفقاً للظروف المحيطة بالحالة التي تُعرض عليه، ومن ثم لا يمكن السماح بتعيين القاصر محكماً لانتفاء حالة الضرورة، ولأن ذلك فيه توسع لتفسير النص يتنافي مع مبدأ تفسير قواعد قانون التحكيم والتي تفسر تفسيراً ضيقاً لكونه طريق مكمل لتحقيق العدالة. 

   ويثار تساؤل أخر حول اكتمال أهلية المحكم هل العبرة باكتمال أهلية المحكم وقت قبوله المهمة التحكيمية أم وقت إصداره حكم التحكيم؟ 

   إننا نرى أن إجراءات التحكيم هي عصب نظام التحكيم وهي تقتضي العديد من التصرفات والقرارات القانونية التي يجب أن يكون المحكم أهلاً لها خاصة وأن الأمر قد لا يخلو من إصدار أحكام وقتية قبل إصدار الحكم النهائي وهي أمور تتطلب لصحتها أن يكون المحكم كامل الأهلية ولا شك أن ذلك يشيع الثقة في نفوس المحتكمين، خاصة إذا كان المحكم يتم اختياره بمعرفة مركز تحكيم دائم حيث لا يكون للأطراف سابق معرفة به.

   لذلك فإننا نرى أنه يتعين أن تتوافر الأهلية في المحكم من وقت توليه المهمة التحكيمية.

    ولكن ما الحال إذا كان المحكم كامل الأهلية حال توليه المهمة التحكيمية ثم أصابه عارض من عوارض الأهلية قبل إصدار الحكم المنهي للنزاع أو قبل المدة القانونية المسموح بها للتقدم بطلب التفسير أو التصحيح للحكم أو طلب حكم إضافي بعد إصدار الحكم النهائي؟

    نرى أنه إذا أصيب المحكم بعارض من عوارض الأهلية كالجنون والسفه والغفلة فإنه للأطراف المحتكمين عزله، فإن لم تتفق الأطراف علي ذلك لجأ الطرف المعترض بأسانيده إلى محكمة المادة (9) فإذا ما استقر في وجدان المحكمة صحة أسانيد المدعي تقوم بعزل المحكم وتقضي بتعيين محكم آخر وفقاً للقواعد التي اتفق عليها الأطراف في اختيار المحكم السابق ويجوز لهذا المحكم متى أمكن تحديد تاريخ إصابة المحكم السابق بعارض الأهلية أن يستند إلى الإجراءات التي اتخذها قبل إصابته بأي عارض من عوارض الأهلية فإن كان احد الطرفين يعلم أن المحكم مصاب بعارض من العوارض أو كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت قيام المحكم بمهمته، فتعد تصرفات المحكم التي قام بها باطلة قياساً على المادة 14 من القانون المدني المصري.  

    أما إذا صدر الحكم النهائي من المحكم وأصابه عارض من عوارض الأهلية في المدة القانونية التي يمكن فيها للأطراف التقدم بطلب تصحيح أو تعديل أو إضافة للحكم فإن علي الأطراف أن يعقدوا اتفاقاً لتشكيل هيئة تحكيم جديدة للنظر في هذه الطلبات إذا أرادوا و ذلك لزوال الشروط الواجب توافرها في ذلك المحكم أو اللجوء لقاضيهم الطبيعي إذا لم يتفقوا. 

   ولتحديد أهلية المحكم في حال ما إذا كان القانون المصري هو واجب التطبيق علي النزاع فإنه يستند إلي المادة 1/11 من القانون المدني المصري والتي تنص علي أن الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسري عليهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم.

   ونرى تطبيقاً لذلك أنه إذا ما اتفق الأطراف علي تعيين محكم كامل الأهلية وفقاً لقانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته و كان ناقص الأهلية في القانون المصري فإنه طالما كان المحكم وفقا لقانون أهليته كامل الأهلية فالعبرة بقانون جنسية الشخص ذاته، فتعيينه محكماً يُعد صحيحاً وفقاً للقانون المصري فإذا جري التحكيم في مصر وتولته امرأة أجنبية وكان قانون جنسيتها ينص علي عدم أهليتها للتحكيم فإنها لا تكون صالحة لهذا التحكيم حتى ولو كانت كاملة الأهلية في مصر.

   وهذا يتفق مع أحكام اتفاقية نيويورك لسنة 1958 والخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها والتي انضمت إليها مصر في 9 مارس سنة 1959م والتي تؤكد أنه يمكن للسلطة المختصة في الدولة التي يبتغي تنفيذ الحكم فيها أن ترفض التنفيذ بناءً على نقص الأهلية لمحكم أحد الأطراف.

ألا يكون المحكم محجوراً عليه

   وعلي ضوء ما سبق، نرى أنه إذا صدر حكم نهائي من المحكم بعد تسجيل قرار الحجر، فإنه يعد باطلا بطلانا مطلقاً، أما إذا صدر القرار قبل تسجيل قرار الحجر فإنه لا يلحق به البطلان إلا إذا أصيب المحكم بحالة جنون أوعته و كانت شائعة، كأن يصاب المحكم بحالة من تلك الحالات بعد قفل باب المرافعة ولم يعلم بها الأطراف المحتكمين لكونهم من دولة غير تلك التي يقام بها التحكيم أو إذا أصيب المحكم بالغفلة أو السفه وكان أحد الأطراف يعلم بها دون الطرف الآخر فاستغل ذلك لإصدار حكم لصالحه فإن تلك الأحكام تُعد باطلة .