الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / أن يكون المحكم متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة / الكتب / أركان الإتفاق على التحكيم وشروط صحته / ضرورة توافر الأهلية المدنية الكاملة لدى أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة :

  • الاسم

    د. محمود السيد عمر التحيوي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    790
  • رقم الصفحة

    582

التفاصيل طباعة نسخ

ضرورة توافر الأهلية المدنية الكاملة لدى أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة :

   أجمع المشرعان الوضعيان المصرى ، والفرنسي المقارن على أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - متمتعين بكامل الأهلية المدنية ، وألا يعرض لهم عارضا يؤدى إلى الحجر عليه ، وألا يكونوا محرومين من حقوقهم المدنية ، للحكم عليهم فى جناية ، أو جنحة مخلة بالشرف ، أو لشهر إفلاسهم ، طالما لم يستردوا اعتبارهم .

فمن الطبيعى أنه يشترط في أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم أن تكون أهليتهم سليمة ، فلايعتـــورهم عيبـــا عقليا ، أو نفسيا ، أو جسديا يؤثر على إمكانية تفكيرهم تفكيرا مستويا .

وقد أكدت المادة ( ١/١٤٥٢) من مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية على ضرورة أن تتوافر الأهلية المدنية الكاملة في أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - بنصها على أنه :

   " يشترط في المحكم أن يكون شخصا طبيعيا متمتعا بكامل الأهلية المدنية التي تتيح له مباشرة كافة حقوقه المدنية " .

ونفس الأمر تطلبته المادة ( ١/٥٠٢) من قانون المرافعات المصرى الحالي رقم ( ۱۳ ) لسنة ١٩٦٨ - والملغاة بواسطة قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية - فقد جاء نصها كما يلى : 

  " ينبغي أن تتوافر الأهلية المدنية الكاملة في المحكم ، فلا يجوز أن يتولى التحكيم قاصرا أو محجورا عليه ، أو محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية ، أو مفلسا مالم يرد له اعتباره ".

كما نصت المادة ( ١/١٦) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية على أنه:

  " ۱ - لايجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه مالم يرد إليه اعتباره " .

وقد انتقد بعض الشراح إتجاه الرأى الذى لا يجيز للقاصر أن يكون عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، على تقدير أنه فى بعض الأحيان قد يكون القاصر محاميا ، أو مهندسا أو محاسبا ، أو طبيبا ، ويكون فى عمله ، وفنه ، ورجاحة عقله أفضل بكثير ممن بلغ سن الرشد .

عدم جواز أن يكون عضو هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - خصما فيه ، أو له مصلحة فيه :

   هناك شرطا بديهيا لم تنص عليه الأنظمة القانونية الوضعية - وعلى اختلاف مذاهبها ، واتجاهاتها - فى النصوص القانونية الوضعية المنظمة للتحكيم ، ولكن يتطلبه منطق الأمور ، وطبيعة التحكيم تقتضيه ، وهذا الشرط هو ألا يكون عضو هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - طرفا فيه.

إختلاف فقه القانون الوضعى المقارن حول بعض الصفات الواجب توافرها في أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة :

أولا :

   هل يمكن أن يكون عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - إمرأة ؟ :

   إذا رجعنا إلى نصوص القانون الوضعى المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية ، أو للنصوص القانونية الوضعية المنظمة للتحكيم فى مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية فإننا لانجد نصا بالجواز ، أو المنع بالنسبة لاختيار المرأة عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان أم مشارطة - باستثناء المادة ( ٢/١٦) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكام في المواد المدنية ، والتجارية والتي تنص على أنه : 

   " لايشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة ، إلا إذا اتفق طرفا التحكيم أو نص القانون على غير ذلك " . 

    وقد ذهب جانب من فقه القانون الوضعى المقارن - وبحق – إلى جواز أن تكون المرأة عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - لأن المرأة أصبحت فــــي الأنظمة القانونية الوضعية الحديثة متمتعة بحقوقها السياسية . ومنها ، حق تقلد الوظائف العامة .

   فهيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة - تتكون من أشخاصا يتمتعون بثقة الخصوم وأساس اختيارهم لها هو حسن عدالتها ، ومارأوه فى شخص أعضائها من قدرات ، وصلاحيات في مجال تخصصهم ، جعلتهم أهلا - وفى تقديرهم للفصل في منازعاتهم ، بالشكل الذى يرونه مفضلا على التجائهم للقضاء العام في الدولة . وهم فى اختيارهم لشخص عضو هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، قد لا يضعون - وفى الغالب الأعم من الحالات - إعتبارا كبيرا لجنسه - من حيث كونه رجلا ، أم امرأة - وإنما يكون الإعتبار الأساسي في تقديرهم ، هـو حسـن عدالتـه ومقدار ما يتمتع به من ثقة لديهم ، بحيث يستطيع الفصل في منازعاتهم على نحو ملائم ، ويتفق ومصالحهم .

   والمرأة تتمتع في المجتمع المعاصر بمكانة هامة ، من خلال تقلدها أعلـى الوظائف العامة في الدولة ، فيكون من الإجحاف بها ، والإعتداء علــى حقوقها ، أن تقصر وظيفة التحكيم على الرجل ، دون المرأة . فكما يجوز أن تتولى المرأة الوظائف العامة . ومنها ، وظيفة القضاء العام في الدولة ، فإنه يجوز لها كذلك أن يعهد إليها القيام بمهمة التحكيم .

  وقد اعتمدت المادة ( ٢/١٦) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية وجهة النظر المتقدمة وأجازت اختيار المرأة عضوا فى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة – بنصها على أنه:

    " لا يشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة إلا إذا اتفق طرفا التحكيم ، أو نص القانون على غير ذلك " . ، ولم يستثن مــن ذلــك سوی حالتين ، وهما :

الحالة الأولى :

   أن يتفق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " على عدم اختيار المرأة عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة : 

    سواء كان ذلك في الإتفاق على التحكيم ذاته - شرطا كان ، أم مشارطة - أو فى اتفاق مستقل - سابقا ، أم لاحقا للإتفاق على التحكيم - فعندئذ ، يجب إحترام إرادة الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم ".

والحالة الثانية :

   إذا نص القانون الوضعى المصرى على عدم جواز اختيار المرأة عضوا فى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة :

   فعندئذ ، لامناص من احترام النص القانونى الوضعى المصرى الذى يمنع صراحة اختيار المرأة عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة .

ثانيا :

مدى جواز أن يكون الأجنبى عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة ؟ :

   لم يرد فى نصوص القانون ان ضعى المصرى ، ونصوص مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية المنظمة للتحكيم ما يجيز ، أو يمنع أن يكون الأجنبي عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - باستثناء المادة ( ٢/١٦ ) مـن قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية ، والتي جاء نصها على النحو التالي :

    " لا يشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة ، إلا إذا اتفق طرفا التحكيم ، أو نص القانون على غير ذلك".

   كما يجوز أن يتضمن شرط التحكيم أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - من الأجانب ، أو أن يكونوا هيئة أجنبية ، أو أن يناط اختيارهم - كلهـم أو بعضهم - لجهات أجنبية ، طبقا لنص المادة ( ٢٥ ) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ، والتى تجيز لأطراف الإتفاق على التحكيم الترخيص للغير ولجهات ، ومنظمات خارج مصر باتخاذ الإجراءات الواجبة الإتباع في مسألة ما.

 كما يجوز أن يتضمن شرط التحكيم إخضاعه - وباتفاق أطرافه - للقواعد النافذة فى أية منظمة ، أو مركز للتحكيم بمصر ، أو خارجها ، طبقا لنص المادة ( ٢٥ ) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية.

   فقد ذهب جانب من فقه القانون الوضعى المقارن - وبحق - إلى عدم اشتراط الأهلية السياسية فى أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة . ومن ثم ، يمكن أن يكون الأجنبى عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، حتى ولو كان جاهلا لغة الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم ".

   وهيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة - وإن كانت تقوم بوظيفة قضائية ، تشبه وظيفة القاضى العام في الدولة فى موضوعها - وهي الفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم، بحكم تحكيم ملزم للأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " - إلا أنها لاتمارس عندئذ وظيفة عامة دائمة ، لأن سلطاتها عندئذ تكون مستمدة من اتفاق الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " . ومن ثم ، يكفى أن يتمتع أعضاؤها بالأهلية المدنية الكاملة دون اشتراط الأهلية السياسية .

  وإذا كان المشرع الوضعى مؤيدا برأى غالبية فقه القانون الوضعى المقارن لم يجعل الجنسية الوطنية قيدا على حرية الأطراف المحتكمـين "أطراف الإتفاق على التحكيم" في اختيار أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - في مجال العلاقات الداخلية ، فإن هذه الحرية تتأكد - ومن باب أولى - في مجال العلاقات الدولية الخاصة ، والذى تختلف فيه جنسيات الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ، وهو أمرا يمليه المنطق ويؤيده الواقع العملي .

   ذلك أنه وإن لم يرد في النصوص القانونية الوضعية المنظمة للتحكيم في كل من فرنسا ، ومصر ما يجيز ، أو يمنع صراحة تحكيم الأجانب بين الوطنيين - باستثناء نص المادة ( ٢/١٦) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية ، والتي أجازت تحكيم الأجانب بين الوطنيين ، وساوت بين الوطنيين ، والأجانب من حيث جواز تعيينهم أعضاء في هيئة تحكيم ، للفصل في نزاع بين وطنيين - إلا أنه وجريا وراء الفلسفة التي يقوم عليها نظام التحكيم ، من اعتبار أساس نظام التحكيم هو رضاء أطراف النزاع المراد الفصل فيه عن طريقه على عرضه على هيئة تحكيم ، للفصل فيه ، بدلا من عرضها على القضاء العام في الدولة ، صاحب الولاية العامة ، والإختصاص بالفصل في جميــع المنازعات بين الأفراد ، والجماعات - وأيا كان موضوعها - إلا ما استثنى بنص قانونی وضعی خاص ، ومادفعهم إلى ذلك ، إلا ثقتهم في أشخاص أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، وحسن عدالتهم ، ومقدار ما يتمتعون به من قدرات في مجال تخصصهم جعلتهم أهلا للفصل فيها على نحو ملائم ، وبالسرعة المعقولة.

    فتوافقا مع هذا الأساس الفلسفى لنظام للتحكيم ، نرى أنه لا يشترط أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة - متمتعين بحقوقهم السياسية . بمعنى ، أنه من الجائز إختيار أطراف النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه - كلهم ، أو بعضهم – يتمتعون بجنسية ، أو جنسيات مختلفة عن جنسياتهم.

    كما نرى أن الرأى الذى تطلب أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - متمتعين بحقوقهم السياسية قد تناسى الأساس الفلسفى لنظام التحكيم ، واستند فقط على أن نظام التحكيم كنظام القضاء العام في الدولة . ومن ثم ، لايجوز أن يتولاه أجانب .

   فنظام التحكيم وإن كان قضاء ، إلا أنه ليس قضاء عاما مما تولاه الدولة حتى يمكن القول بعدم جواز اختيار الأجنبى عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - وإنما هو قضاء خاصا يقوم به أفراد عاديون ، أو هيئات غير قضائية ومن ثم ، لا تعتبر هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم قاضيا معينا من قبل الدولة ، وملزمة - بحكم وظيفتها - بالقيام بعملها ، ولا تخضع لشروط تعيين القاضى العام في الدولة ، ولاتعد مرتكبة لجريمة إنكار العدالة ، إذا امتنعت عن القيام بعملها ، بعد سبق قبولها القيام به ، ولاتسأل الحكومة عن عملها .

  إلا أن جانبا من أنصار الرأى القائل بجواز أن يكون الأجنبي عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - وعدم اشتراط الأهلية السياسية في أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم يفضلون أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم من الوطنيين - دون الأجانب - إعتبارا منهم بأن نظام التحكيم قد أضحي في مجتمعات اليوم موازيا للقضاء العام فى الدولة ، يسلكه الخصوم تحللا من أعباء التقاضي ، وإجراءاته ، ولكن هذا لم يمنع من اعتبار نظام التحكيم قضاء في نزاع بين الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " وتصدر هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه حكمها في خصومة التحكيم ، والتي حدد قواعدها القانون الوطني ، وأشركت هذه القواعد القضاء الوطني في مراحل كثيرة من خصومة التحكيم .

فهو - أى القضاء الوطني - يتدخل لتعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم " شرطا كان ، أم مشارطة " كلهم ، أو بعضهم - إذا لم يتفق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " عليهم ، أو امتنع واحد منهم عن مباشرة مهمته ، بعد قبولها . وكذلك ، لإضفاء القوة التنفيذية على حكم التحكيم الصادر فــي النـزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، ونظر الطعون التي يمكن رفعها ضد حكم التحكيم الصادر عندئذ .

   وقد سار قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية فى ذات الإتجاه " المادتان ( ٢/١٦ ) ،  (25) .

وكذلك ، الإتفاقية الأوربية للتحكيم التجارى الدولى ، حيث نصت المادة الثالثة منها على جواز اختيار الأجانب أعضاء فى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - سواء كان النزاع في الأصل من اختصاص محكمة أجنبية ، أم كان من اختصاص محكمة وطنية .

   وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أنه : لم يرد في نصوص قانون المرافعات المصرى مايمنع أن يكون التحكيم فــــي الخــــارج على يد أشخاصا غير مصريين ، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريان بمحض إرادتيهما ، واتفاقهما تفويض أشخاصـــا ليست لهم ولاية الفضاء أن يقضوا بينهما ، أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه . فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم ، وكما يجوز لهما الصلح بدون وساطة ، فإنه يجوز لهما تفويض غيرهم في إجراء ذلك الصلح ، أو الحكم فى ذلك النزاع ، وأن يكون المحكمون في مصر ، أو أن يكونوا موجودين فى الخارج، وأن يصدروا حكمهم هناك " .

ثالثا :

   مدى جواز أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم " شرطا كان ، أم مشارطة " - كلهم ، أو بعضهم - من غير ذوى الخبرة في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ؟ :

   ثار التساؤل حول مدى اشتراط أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة عالمين بالقانون ؟ . وما إذا كان من حق الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " أن يتفقوا على تحكيم أى شخص ، ولو لم تكن لديه دراية بأحكام القانون - أى جاهلا أحكام القانون - لكي يفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، ولو كانت المسألة المطروحة عليه قانونية ؟ .

   فالأساس الفلسفي الذي يقوم عليه نظام التحكيم ، والمتمثل في أن الثقة في  أشخاص أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - وفى حسن عدالتهم ، هــي فــي الأصل مبعث الإتفاق على التحكيم . فقد يثق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " في شخص ، أو أشخاص معينين ، ويرون قدرتهم على حل نزاعهم بالشكل الملائم بالنسبة لهم ، وبالسرعة المطلوبة ،ويطمئنون لقضائهم ، بدلا من الإلتجاء إلى القضاء العام في الدولة ، بالرغم  من أنهم قد لا يكونوا خبراء ، أو متخصصين في مجال النزاع المعروض عليهم ، للفصل فيه ، بحكم تحكيم ، يكون ملزما للأطراف المحتكمـين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ، أو لبسوا عالمين بالقانون ، بالرغم من أن المسألة المعروضة عليهم ، موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - هي مسألة قانونية .

   في حين ذهب جانب آخر من فقه القانون الوضعى المقارن إلى اشتراط أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - من ذوى الخبرة في النزاع المعروض عليهم ، للفصل فيه بحكم تحكيم ، يكون ملزما للأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " .

    وقد ذهبت بعض الأنظمة القانونية الوضعية . ومنها ، النظام القانوني الوضعى السعودى إلى اعتماد هذا الرأى، حيث نصت المادة الرابعة من نظام التحكيم السعودي على أنه :

   " يشترط في المحكم أن يكون من ذوى الخبرة ، حســـن الـســير والسلوك " .

   كما نص فى ذلك على إعداد قائمة بأسماء المحكمين تخطر بها المحاكم والهيئات القضائية ، والغرف التجارية ، والصناعية ، ويكون لذوى الشأن إختيار أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم منها

رابعا :

   مدى جواز أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، ، أم مشارطة - غير عالمين بقواعد القراءة ، والكتابة ؟ :

إختلف الرأى بشأن مدى جواز أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة غير عالمين بقواعد القراءة والكتابة ؟

   بالنظر إلى أن المشرع الوضعى قد أوجب كتابة حكم التحكيم الصادر في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - وأن يشتمل على توقيعات أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، والتي أصدرته " المادتان ( ١٤٧٣ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية ، ( ١/٤٣ ) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية ، فهل يعنى ذلك ضرورة إلمام أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان أم مشارطة - بقواعد القراءاة والكتابة ؟ .

    ذهب جانب من فقه القانون الوضعي المقارن - وبحق - إلى جواز أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة - غير عالمين بقواعد القراءة ، والكتابة ، بشرط ألا يكونوا وحدهم فى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، بل ويجوز أن يتفق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " على تعيين أعضاء هيئة تحكيم ، تكلف بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - غير عالمين بقواعد القراءة ، والكتابة ، بشرط أن يعينوا شخصا آخر ، لمجرد كتابة حكم التحكيم الصادر في النزع موضوع الإتفاق على التحكيم ، والأوراق الازمة لمباشرة عملية التحكيم .

   

    فالقانون الوضعى وإن تطلب كتابة حكم التحكيم الصادر في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم، وتوقيعه من أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرته ، إلا أن ذلك لا يعنى إشتراط إلمام أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم بقواعد القراءة ، والكتابة .

   كما أن من يجهل قواعد القراءة ، والكتابة يمكنه أن يستكتب غيره ، حتى ولو كان هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم تتشكل من عضو منفرد.

   فضلا عن أن الثقة ، والدراية الفنية قد تتوافر فيمن يجهل قواعد القراءة والكتابة ، أكثر من توافرها في الملم بها .

   فعدم اشتراط أن يكون أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم عالمين بقواعد القراءة هو ما يتفق وفلسفة نظام التحكيم ، حيث أنه يقوم الإعتبارات الشخصية .

  إذ أن الإعتبارات الشخصية لابد وأن تكون محل اعتبار في الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة .

   فأعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق علـى التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - هم أشخاصا يتمتعون بثقة الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ، قد عهدوا إليهم بمهمة الفصل في نزاع ، يكون قائما بينهم ، أو سوف ينشأ عن تنفيذ ، أو تفسير العقد القائم بينهم ، والثقة التي تنبعث لدى الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " عند اختيار أشخاص المحكمين ، للفصل منازعاتهم ، هي الأساس في اختيارهم لنظام التحكيم ، بدلا من نظام القضاء العام في الدولة ، بغض النظر عن إلمام الأشخاص المختارين من قبلهم بقواعد القراءة ، والكتابة ، من عدمه . خاصة ، وأنه قد يكون الشخص الذى يجهل قواعد القراءة والكتابة لديه من الخبرة ، ورجاحة العقل مايفوق فى ذلك الشخص الملم بقواعد القراءة ، والكتابة ، مما يدفع أطراف الإتفاق على التحكيم لتفضيل اختيار الشخص الأول الجاهل بها ، على اختيار من يكون عالما بها .

   ولكن يشترط لجواز تعيين من يكون جاهلا بقواعد القراءة ، والكتابة عضوا في هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - ألا تكون هيئة التحكيم مشكلة من عضو منفرد . فإذا كان وحده فى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، فإنه يشترط أن يعين شخصا آخر ، لمجرد كتابة حكم التحكيم الصادر في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم والأوراق الازمة لمباشرة عملية التحكيم .