وهذا ما نصت عليه المادة (1/1451) من قانون المرافعات الفرنسي الجديد على أنه لا يجوز أن يعهد بالتحكيم إلا لشخص طبيعي يتمتع بالأهلية المدنية التي تخوله ممارسة كافة حقوقه المدنية، وإذا عين العقد التحكيمي شخصا معنويا ؛ فإن هذا الأخير لا يتمتع إلا بصلاحية تنظيم التحكيم. .
وتجدر الإشارة إلى أن حداثة السن أو العاهة الجسدية لا تعتبر سليا أو نقصانا أو فقداناً للأهلية، وبالتالي لا تحرم المحكم من صلاحيته للعمل والقيام بمهمته أو تجعل حكمه عرضة للبطلان .
كما أن نظام التحكيم السعودي اشترط في المحكم عدة شروط وهي:
1. أن يكون كامل الأهلية متمتعاً بأهلية التصرف فقد نصت المادة (4) منه على أنه يشترط في المحكم أن يكون.... كامل الأهلية......)
2. أن يكون المحكم مسلما : وذلك سواء أكان من المواطنين أم الأجانب ويجوز أن يكون موظفاً بشرط موافقة الجهة التي يتبعها الموظف وعند تعدد المحكمين يكون رئيسهم على دراية بالقواعد الشرعية والأنظمة التجارية والعرف والتقاليد السارية في المملكة (المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية ) .
3. الا يكون للمحكم مصلحة في النزاع وهذا من الشروط المهمة التي يتوجبتوافرها في المحكم .
4. الا يكون محكوما عليه بحد أو تعزير وذلك سواء أكان في مغل بالشرف أم صدر بحقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة أو حكم بشهر إفلاسه ما لم يكن قد رد إليه اعتباره المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية أما الشروط التي أوردتها المادة (16) من قانون التحكيم المصري والمادة (15) من قانون التحكيم الأردني فهي كما يلي:
1. ألا يكون المحكم قاصرًا : اشترط المشرعان المصري والأردني أن يكون المحكم متمتعا بالأهلية الكاملة وفق قانونه الشخصي بان يكون بالغا سن الرشد دون وجود عوارض للأهلية .
2. ألا يكون المحكم محجوراً عليه : لا يجوز أيضا للمجنون أو السفيه أو المعتوه أو ذي الغفلة أن يكون محكما لأنه لا يملك حق التصرف في حقوقه وأمواله متي تم توقيع الحجز عليه، وتعتبر تصرفاته باطلة، فالمحكم الذي يختاره الأطراف عادة ما يكون مبعث ثقة وطمأنينة عند المحتكمين.
3. الا يكون محكوما عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف : حظرت أحكام قانون التحكيم المصري الجديد تعيين شخص حكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف وهذا النص يغاير أحكام المادة الملغاة التي كانت تتطلب الحكم بالفعل بعقوبة جنائية وحرمانه من حقوقه كاثر لها، ومن هنا كان أكثر تحديداً، يتطلب توقيع عقوبة جنائية سواء أكانت في جنحة أم جناية، ومن ثم الحكم بالبراءة أو وقف التنفيذ لا يحول دون اختياره وإن لم يقصرها على الجرائم المخلة بالشرف على نحو ما تطلب النص الجديد.
مع تأييدي لهذا الرأي - أن النص الجديد كان أدق من النص الملغي لأن الحكم بعقوبة جنائية سيندرج تحته أية عقوبة جنائية ولو كانت في جنحة غير مخلة بالشرف كالضرب مثلا، بل وحتى لو كانت مخالفة ( كمخالفات المرور) أو ما شابهها ، ولذلك أحسن المشرع إذ حدد المقصود بالعقوبة الجنائية فحصرها في الجنابة أو الجنحة المخلة بالشرف والتي يترتب عليها حرمان المحكوم عليه من حقوقه المدنية، ويلاحظ أيضا أن المحظور تعيينه محكما هو المحروم من حقوقه المدنية وليس المحروم من مباشرة حقوقه السياسية، لأن حرمان الشخص من مباشرة حقوقه السياسية لدوافع سياسية لا ينقص من إرادته ولا ينال من كمال اهليته المدنية، ولا ينزله منزلة ناقص الأهلية.
4. عدم شهر إفلاسه: حظر قانون التحكيم المصري على من أشهر إفلاسه أن يكون محكما لأنه لا يملك حق التصرف في حقوقه متى تم شهر إفلاسه والمفهوم من هذا أنه لا يكفي التوقف عن دفع الديون، بل لابد من شهر الإفلاس .
من قانون التحكيم الأردني، في حين نجد أن قانون التحكيم المصري كان أقل تشددا منه، حيث أجاز لمن أشهر إفلاسه ورد إليه اعتباره أن يتولى مهمة التحكيم وبالرغم من نص قانون التحكيم المصري على ضرورة توافر الأهلية في المحكم، فقد جاء قرار وزير العدل المصري رقم 2105 لسنة 1995، الصادر بشأن وضع قوائم المحكمين ليؤكد على ضرورة توافر شرط الأهلية للمحكم حيث نصت المادة (3) منه على أنه : تخضع هذه القوائم للمراجعة السنوية لحذف اسم فقد شرطاً أو أكثر من هذه الشروط المقررة في المحكم.
وجاء في نص المادة (4) من ذات القرار أنه على كل من يدرج اسمه في قوائم المحكمين موافاة المكتب وقبل إجراء المراجعة السنوية ببيان مصحوب بالمستندات التي تفيد استمرار الشروط المنصوص عليها في البند الأول من المادة (16) من قانون التحكيم المصري .
و خلاصة ذلك أن توافر الأهلية هو ضرورة أكيدة فيمن يختار محكماً ، لأن ذلك يحقق بالمقابل ضمانة للأطراف المحتكمة تطلبها القانون كشرط صحة التولي المحكم مهمته ولضمان سير إجراءات التحكيم بكل يسر وسهولة دون وجود أي عقبات في المهمة.
ثانياً: قبول المحكم لمهمته
يلاحظ أن المشرعين المصري والأردني لم يحددا شكلاً معيناً للكتابة، فمن
الجائز أن تتم في صلب عقد التحكيم، أو في صورة خطاب يرسله المحكم إلى المحتكمين،
من يستوجب أن يكون القبول كتابة ، مثل نظام التحكيم السعودي، حيث نصت المادة (50) منه على أنه (يودع أطراف النزاع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة... وأن يبين بها موضوع النزاع وأسماء الخصوم وأسماء المحكمين، وقبولهم نظر النزاع.
أما في القانون الفرنسي، فإن قبول المحكم للمهمة بعد إجراء جوهريا لتشكيل هيئة التحكيم، حيث نصت المادة (1432) من قانون المرافعات الفرنسي على أن تشكيل هيئة التحكيم لا يكون نهائياً ومكتملاً إلا بقبول المحكم للمهمة التي عهد إليه بها، وأن مهمة المحكمين تنتهي خلال سنة أشهر على الأكثر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته المادة 1466 مرافعات فرنسي).
ومن الملاحظ أن كثيرا من الاتفاقيات الدولية لم تتعرض الموضوع قبول المحكم لمهمته، وإن كانت بعض القوانين غير مجمعة على شكل القبول إذا لم يكن مكتوباً، إلا أنه يعبر عنه بشكل واضح، وكثيرًا ما يستدل على هذا القبول بتبادل الرسائل الخطية، أو من خلال المحاضر التي تنظم هذا الموضوع، فمثلاً نجد أن اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري لسنة 1987 نصت في المادة (2/14) على أن على المحكم قبل أن يباشر مهمته أن يؤدي اليمين التالية أمام رئيس المركز أو من ينيبه اقسم بالله العظيم أن أحكم بالعدل، وأن أراعي القانون واجب التطبيق وأزدي مهمتي بأمانة ونزاهة وتجرد .