يوجد نوعان من الشروط شروط عامة اتفقت عليها أغلب القوانين، وأخرى خاصة اختلفت القوانين والفقه بشأنها، فأما النوع الأول من الشروط فهي عدة، أولها وجوب تمام الأهلية في المحكم، أي أن لا يكون قاصر ، ويجب كذلك أن لا تتوفر فيه أي من عوارض الأهلية أو موانعها ، علماً أن تحديد مسألة الأهلية تخضع للقانون الخاص لكل شخص، إذ هي تُعد من مسائل القانون الدولي الخاص، والتي يرجع في تحديدها إلى القانون الشخصي الذي قد يعتمد على الجنسية أو على الموطن كأساس في التحديد أما الشرط الثاني فهو انتفاء المصلحة الشخصية في النزاع، أي أن لا تكون للمحكم مصلحة في النزاع المعروض عليه، وهناك شرط آخر توسع الفقه في شرحه ألا وهو حياد المحكم واستقلاله عن أطراف النزاع، وعدم وجود مصالح خاصة تربطه بأي من الأطراف ، ونستطيع القول أن كل الشروط المذكورة سابقاً هي الشروط ذاتها الواجب توافرها في القاضي، وهذا يظهر مدى التقارب بين الأثنين، وأخيراً أن لا يمارس المحكم في الوقت ذاته عملاً قضائياً ، إذ يُعد بتوليه التحكيم هنا إرباكاً للعدالة ومساساً بالمصلحة العامة كل ما سبق ذكره هي شروط عامة متفق عليها من قبل أغلب القوانين .
أما الشروط الخاصة أو المختلف بأمرها، فأولها الجنس، أي هل يجوز للمرأة أن تكون محكماً أم لا ؟ لقد سكتت معظم القوانين عن هذه المسألة إذ لم تنص على الجواز أو المنع ، وأدى هذا السكوت إلى السماح للمرأة بالتحكيم، إلا أن قانون التحكيم المصري رقم (27) لسنة 1994 أشار إشارة صريحة بعدم اشتراط كون المحكم من جنس أو جنسية معينة، وذلك في الفقرة (2) من المادة (16)، أما الشرط الآخر فهو الجنسية وهل يؤثر كون المحكم من جنسية معينة أم لا؟، فالموقف السابق ذاته ينطبق هنا كذلك لم يتم النص عليها إلا من بعض القوانين كما هو الحال في قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 وذلك في المادة السابقة ذاتها.
وأخيراً تبقى مسألة الخبرة التي تم النص عليها من قبل بعض القوانين أمثال المادة الرابعة من نظام التحكيم السعودي . وبين من لا يرى وجود مانع من كون المحكم جاهلاً بقسم منها، وخاصة في حال وجود أكثر من محكم ، لذلك فليس بالضرورة أن يكون المحكم ملماً وخبيراً في كل الأمور القانونية والتجارية، بل يكفي ان يكون خبيراً في النزاع المعروض عليه، وكذلك ببعض المسائل القانونية الاساسية.
ويقع علينا هنا التفرقة بين المحكم والخبير، إذ يعرف الخبير بأنه: الشخص الذي يعطي رأيه في مسألة ما استناداً إلى معرفته وخبرته واختصاصه في الأمور الفنية والعلمية ، إلا أن رأيه يكون غير ملزم لأي من أطراف النزاع ، وإنما يدخل في إطار السلطة التقديرية للقاضي في الأخذ به أو تركه، أما قرار المحكم فيكون ملزماً لأطراف النزاع وواجب التنفيذ عليهم، لأن المحكم شخص أعطاه الخصوم باتفاقهم مهمة الفصل في النزاع القائم بينهم ولا يشترط فيه معرفة أو دراية بعلم أو فن بل قد يكون غير متخصص ولا خبرة له إلا في حدود النزاع المعروض عليه والجوانب القانونية ذات الصلة وتنحصر مهمته في الفصل بالنزاع المعروض عليه، فقراره يشبه القرار الذي يتخذه القاضي، وتطبيقاً لذلك جاء في قرار لمحكمة التمييز الاتحادية في العراق، إن شرط العاقد كنص الشارع، فإذا اتفق العاقدان على تحكيم شخص ثالث لفض النزاع الناتج عن تنفيذ عقد المقاولة كان قضاء المحكم قضاءً ملزماً وحاسماً للنزاع).
وهناك فرق آخر وهو إن الخبير ملزم بأداء اليمين قبل الإدلاء بأقواله ، أما المحكم فهو كالقاضي لا يُلزم بأداء اليمين الا ان القوانين والاتفاقيات الدولية أكدت على وجوب احترام مبدأ المواجهة في التحكيم، أما في الخبرة فلا يشترط مراعاة هذا المبدأ.