عالما بالاحكام الشرعية: ويرى المالكية والشافعية والحنابلة أن يكون القاضي وهي شروط المحكم عالما بالأحكام الشرعية وهو العلم بالكتاب والسنة والإجماع والاختلاف والقياس ولغة العرب والفقه مع العقل والفهم والأمانة والتدين وان يكون من أهل الشهادة ويتصف بالاجتهاد فلا يصح تولية العامي أو الجاهل بالاحكام الشرعية منصب القضاء لقوله تعالى (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ)
وقوله تعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بما أنزل الله) ، العلم بأحكام الله سبحانه وتعالى لا تأتي إلى الجاهل بل لا يستطيع الحكم بموجبها إلا من كان عالما وهو العالم المجتهد وقد روي عن النبي (ص) قوله: (القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة قاض عرف الحق وقضى به فهو في الجنة وقاض قضى يجهل فهو في النار وقاض عرف الحق فجار فهو في النار)).
ويرى المالكية المقصود بالاجتهاد ان يكون مجتهدا في مذهب معين وليس في كل المذاهب .
ويرى المالكية في الحكم العدل ومن اهل الاجتهاد أو يكون عاميا استرشد بالعلماء فاذا لم يسترشد رد حكمه وان وافق قول قائل.
واختلف الشافعية بالنسبة للمحكم هل يشترط فيه العلم والفقه بصورة مطلقة أو فيه الفقه بالموضوع المطروح عليه ولهم في ذلك رأيان هما:
الرأي الأول يرى أصحاب هذا الرأي تحقيق شروط القاضي في المحكم وهي أهلية القضاء وإلا لا يصلح للتحكيم ).
أما أصحاب الرأي الثاني: اشترط العلم والفقه في الموضوع الذي يحكم فيه فقط .
أما الأمامية فيرون في الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء) وهي البلوغ والعقل والذكورة والايمان وطهارة المولد وذلك بإجماع آراء فقهائهم وعلى الأشهر أن يكون حرا كاتبا يتمتع بالبصر اضافة إلى النطق وغلبة الذكر وان يكون مجتهدا بالاحكام الشرعية وأصولها وذلك بمعرفة المقدمات الست وهي الكلام والاصول والنحو والتصريف ولغة العرب وشرائط الأدلة والأصول وهي أربعة الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل .
الرأي الراجح بالنسبة للاجتهاد
يرى غالبية فقهاء المسلمين ان يكون القاضي مجتهدا عالما بالشريعة الإسلامية في كل عمومياتها وجزئياتها سواء منها ما ورد في الكتاب ام السنة أم آراء الفقهاء على التفصيل الذي أوردنا في هذا الباب الا أن للقاضي ابن أبي القدم رأيا بذلك نورده هنا وهو و الذي أراء بعد هذا كله ان الاجتهاد المطلق والمقيد الما كان يشترط في الزمن الأول الذي ما يعرى فيه كل إقليم عن جماعة من المجتهدين الصالحين للقضاء والفتوى فأما في زمننا هذا وهو زمان ابن أبي الدم وقد خلت الدنيا منهم، وشغر الزمان عنهم، فلابد من جزم القول، والقطع بصحة تولية من اتصف بصفة العلم في مذهب امام من الأئمة، وهو أن يكون عارفا بغالب مذهبه ومنصوصاته وأقواله المخرجة، وأقاويل أصحابه، عالما بذلك، جيد الذهن، سليم الفطرة، صحيح الفكر، حافظا للمذهب وصوابه اكثر من خطئه، مستحضرا لما قاله أئمته قادرا على استخراج المعاني المفهومة من الالفاظ المنقولة عارفا بطرق النظر، وترجيح الادلة، قياسا ، فهما، فطنا قادرا على معرفة الأدلة ووضعها وترتيبها واقامتها على الاحكام المختلف فيها، متمكنا من ترجيح الأدلة بعضها على بعض.
فالمتصف بهذه الصفات هو الذي تصح توليته القضاء في زماننا هذا ولا أقل من ذلك .
والذي أراء ان ما أورده القاضي شهاب الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله الهمداني المعروف بابن أبي الدم هو الرأي الراجح في شروط الاجتهاد الذي يجب أن يتصف بها من يصلح للقضاء اذ أن القاضي يحكم على وفق المذهب الإسلامي وان العلماء المجتهدين قليلون وبالتالي يتعذر تعيين أمثالهم في القضاء لذا فان الحد الأدنى للتعيين هو العلم في فقه مذهب بحيث يمكنه من الفصل في النزاعات على وفق آراء فقهاء المذهب.
أما بالنسبة إلى المحكم فأني أرى أن يكون ذا علم بما معروض عليه من نزاع عارفا به ملما بأحكامه قادرا على الوصول إلى الحكم العادل الصحيح ليتسنى له الفصل في النزاع المعروض أمامه أما العلم الجامع لجميع احكام الشريعة الإسلامية فليس ضروريا للمحكم خاصة وأن مهمته تنحصر في الفصل بنزاع معين.