الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / عالماً فطناً ذا رأي ومشورة و ورع / الكتب / التحكيم في الشريعة الاسلامية / شروط المحكم في الشريعة الاسلامية

  • الاسم

    د. عبدالله بن محمد آل خنين
  • تاريخ النشر

    1420-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة فؤاد بعينو للتجليد
  • عدد الصفحات

    447
  • رقم الصفحة

    65

التفاصيل طباعة نسخ

 

 والذي يظهر لي: أنه يشترط الاجتهاد في القاضي، فإذا تعذر جاز تولية المقلد أخذ بقاعدة تولية الأصلح، فإذا تعذر جاز الأمثل فالأمثل، ولا يجوز بحال تولية الجاهل الذي ليس له معرفة بالأحكام التي ولي فيها.

وصرح المالكية بالحديث عن هذا الشرط في الحكم، قال اللخمي (ت: 4۷۸ه): «إنما يجوز التحكيم إذا كان المحكم عدلاً من أهل الاجتهاد، أو عامية واسترشد العلماء، فإن حكم ولم يسترشد وإن وافق قول قائل؛ لأن ذلك تخاطر منه وغرر.

وقال الخطاب (ت: 954 ه) منهم: «قال في التوضيح: قال ابن رشد: وأشار المازري واللخمي إلى أن الجاهل ينفق على بطلان حكمه؛ لأن تحكيمه خطر وغرر».

وأشار القرافي (ت: 684ه) من المالكية إلى أن المراد بالاجتهاد: الاجتهاد في مذهب معين لا الاجتهاد على الإطلاق.

وصرح الشافعية بالحديث عن هذا الشرط في الحكم - أيضا - واختلفوا: هل يشترط فيه العلم والفقه مطلقة، أو يكفي فيه الفقه والمعرفة والذي يظهر لي: أنه يشترط في المحكم الفقه والمعرفة بما يحكم فيه من قضية معينة وما يتعلق بها فقط ولو مقلداً؛ ذلك لأن التحكيم يكون في واقعة معينة فقط، فإذا كان المحكم عالما بها كفى ذلك.

وقصة تحكيم سعد بن معاذ - له - دالة على ذلك.

 مسألتان لهما تعلق بهذا الشرط (العلم بالأحكام الشرعية):

 المسألة الأولى: الأحكام الواجبة التطبيق في التحكيم.

الإسلام هو دين المسلمين، وأحكامه واجبة التطبيق في ديارهم، فلا يجوز التحاكم إلى غيره، ولا الحيدة عن أحكامه في أي شأن من شؤون الحياة.

وإنفاذ أحكام الإسلام فيما شجر بين الخصوم واجب على الحكام ومن في حكمهم من القضاة والمحكمين، ولذا فإن الواجب على الحكم المسلم الحكم بما أنزل الله في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما استمد منهما أو أحدهما من أحكام شرعية، سواء كان ذلك في الأحكام الكلية، أم في طرق الحكم والإثبات من شهادة، وإقرار، ونكول، وغيرها، ولا يجوز الحكم بالقوانين الوضعية، ولا التحاكم إليها، وأصل ذلك: قول الله - عز وجل -: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله؟ وقوله: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).

وقوله: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسلیماً).

وذلك جار في أي قضية أحد طرفيها مسلم، وقد حكى ابن قدامة (ت: ۲۰ه) الحنبلي عدم الخلاف على ذلك في صورة تحاكم المسلم مع الذمي، فهو يقول: «وإن تحاكم مسلم وذمي وجب الحكم بينهم بغير خلاف؛ لأنه يجب دفع ظلم كل واحد منهما عن صاحبه ».

كما أنه جار بين غير المسلمين، كالمستأمن، والمهادن، والذمي" في خصومة بعضهم مع بعض في ديار الإسلام إذا تحاكموا إلينا؛ لقوله - تعالى - : ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط )، وقوله :

(وأن احكم بينهم بما أنزل الله)، ففي هذا بيان بأن الحكم الواجب التطبيق فيما تشوجر فيه هو ما أنزل الله مما جاء في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان الخصوم من غير المسلمين إذا تخاصموا إلينا، سواء أكان الحاكم قاضيا أم محكماً مسلما.

ويتفرع عما ذكرنا من وجوب تحاكم الخصوم إلى أحكام الإسلام في أي قضية أحد طرفيها مسلم عدم جواز التعاقد في أي قضية أحد طرفيها

مسلم بتحكيم جهة لا تحكم بأحكام الإسلام داخل بلاد المسلمين أو خارجه، وإذا وقعت مشارطة على ذلك فهي باطلة يجب ردها والتحاكم إلى القاضي أو الحكم المسلم الذي يحكم بأحكام الشرع الواجبة التطبيق في بلاد الإسلام؛ لأن جعل الفصل في قضية أحد طرفيها مسلم إلى كافر تولية له على المسلم، وهو محرم، يقول - تعالى -: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).

كما أن جعل كافر يحكم بين الكفار في ديار الإسلام بعد عدولا عن أحكام الإسلام الواجبة التطبيق في دياره، ولا يطيقها إلا قاض أو محكم مسلم.

وأما لو كان الطرفان كافرين ممن يقيمون في بلاد الإسلام إقامة مؤقتة وتشارطا على التحكيم ليحكم بينهم خارج بلاد الإسلام فسائغ أن يحكم بينهم محكم مثلهم، وسائغ رفض الحكم بينهم في ديار الإسلام، يقول ابن تيمية (ت: ۷۲۸ه): «وحقيقة الآية) إن كان مستجيبة لقوم آخرين لم يأتوه لم يجب عليه الحكم بينهم كالمعاهد من المستأمن وغيره الذي يرجع إلى أمرائه وعلمائه.

 المسألة الثانية: تحریم تحكيم الأعراف المخالفة للشرع محلية أو دولية:

د يحرم التحكيم بالرجوع إلى أعراف وعادات مخالفة للشرع محلية أو دولية؛ لمخالفة ذلك للأحكام الواجبة التطبيق عند التحكيم وهي أحكام الشرع، فالواجب الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما تشاجر فيه المتخاصمون، يقول - تعالى - :( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)، ويقول - تعالى -: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون).

وهذا ظاهر في المنع من التحاكم إلى أي عرف مخالف للشرع.

يقول السرخسي (ت: 4۹۰ ه): «كل عرف ورد النص بخلافه فهو غير معتبر ».

ويقول - أيضا -: « إن التعامل بخلاف النص لا يعتبر، وإنما فيما لا نص فيه.

ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت: ۱۳۸۹ه): «... فأي عوائد قبلية تمس مصالح المسلمين عامة، أو تهون العدوان عليهم أو على أفرادهم، أو يكون فيها إلزام الأفراد أصحاب هذه العوائد مما لا يلزمهم شرعا فهي باطلة».