الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / عالماً فطناً ذا رأي ومشورة و ورع / الكتب / حكم التحكيم (دراسة مقارنه في القانون الكويتي والمصري) / ألا يكون المحكم خصماً أو جاهلاً

  • الاسم

    د. عبدالله عيسى علي الرمح
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفتح للدراسات والنشر
  • عدد الصفحات

    532
  • رقم الصفحة

    90

التفاصيل طباعة نسخ

ألا يكون المحكم خصماً أو جاهلاً

   يشترط ألا يكون المحكوم له أحداً من أصول المحكم وفروعه، وأن لا تكون زوجته وشريكه في المال الذي سيحكم به - ونحو ذلك - فإذا حكم لا ينفذ، بل لا يجوز حكمة، وهذا شرط بديهي، يقابله مظهر الحيدة الذي ينبغي أن يتحلى به المحكم في القانون الوضعي، كما يجب أن يكون المحكم عالماً بأحكام الشريعة الإسلامية وفي ذلك يقول الماوردي: "علمه بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله الثابتة من أقواله وأفعاله عالما بتأويل السلف فيما اجتمعوا عليه، عارفا بالقياس الموجب لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها والمجمع عليها"، وبمفهوم المخالفة لا يجوز تحكيم المحكم الجاهل بأحكام الشريعة الإسلامية بل يجب أن يكون من أهل الإجتهاد أي عالماً بالأحكام الشرعية، وإن كان هناك خلاف بين العلماء في جواز تحكيم الجاهل، فقد جزم بذلك بعض الحنفية والمالكية تحكيم الجاهل إذا ما استرشد العلماء عند الضرورة كما في عقد النكاح إذا ما شاور العلماء، أما إذا قضى الجاهل ولم يشاور العلماء يبطل حكمه ولا ينفذ، واختلف الشافعية في أن اشتراط العلم والفقه مطلقا أو يكفي فيه الفقه والمعرفة بما يحكم فيه، فاشترط بعضهم في المحكم أهلية القضاء المطلقة لا بالنسبة للواقعة المحكم فيها فحسب، فلا يجوز أن يحكم لا أن يكون فقيه.وزاد على ذلك الماوردي بأن يكون مجتهداً، اقتصر الرملي على اشتراط الإجتهاد عند وجود قاض في البلد»، واكتفى الحنابلة) باشتراط علم المحكم بالإجتهاد سواء كان إجتهاد المحكم مطلقاً، أو إجتهاده فيما حكم فيه. 

توثيق هذا الكاتب

خلاصة وتعقيب الباحث على شروط المحكم

  الحق بأنه من خلال استعراض شروط المحكم، وكذلك القاضي، في كتب الأئمة لن نجد شرطاً واحداً سالماً من الخلاف، أو من الإستثناء، وللبيان نقصر حديثنا في تعقيبنا على هذه الشروط ومدى ملائمتها لعصرنا الحالي ومدى إتفاقها أو إختلافها مع ما جاء به القانون الوضعي(لمصري والكويتي)، ونخص بالتعقيب شرطي الإسلام والجنس.

  والملاحظ أن ما قال به علماء المسلمين الأقدمين والمعاصرين حول شروط المحكم في الفقه الإسلامي وجود ثمة أمور متفق عليها وأخرى محل خلاف، ونظراً لكون المحكم كالقاضي، فقد شدد الفقهاء المسلمون، أو بعض منهم، في الشروط التي يجب أن تتوفر فيه من حيث العدالة والنزاهة والحياد والعلم وغيرها من الشروط التي تمثل حدود دنيا فيمن يشتغل بالقضاء والذي وصفته مجلة الأحكام العدلية بأنه: " الذات الذي نصب وعين من قبل السلطان، لأجل فصل وحسم الدعوى، والمخاصمة الواقعة بين الناس، توفيقاً لأحكامها المشروعة.

   ويقول العسقلاني في شرح هذا الحديث : قوله: (مع تميم الداري) أي الصحابي المشهور وذلك قبل أن يسلم تميم، وعلى هذا فهو من مرسل الصحابي لان ابن عباس لم يحضر هذه القصة، وقد جاء في بعض الطرق انه رواها عن تميم نفسه، بين ذلك الكلبي في روايته المذكورة فقال: " عن ابن عباس عن تميم الداري قال: بريء الناس من هذه الآية غيري وغير عدي بن براء، وكانا نصرانيين مختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام في تجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم " ويحتمل أن تكون القصة وقعت قبل الإسلام ثم تأخرت المحاكمة حتى أسلموا كلهم فإن في القصة ما يشعر بأن الجميع تحاكموا إلى النبي و فلعلها كانت بمكة سنة الفتح وقوله: "فلما قدما بتركته فقدوا جاما "، في رواية ابن جريج عن عكرمة أن السهمي المذكور مرض فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه ثم أوصی إليهما، فلما مات فتحا متاعه ثم قدما على أهله فدفعا إليهم ما أرادا، ففتح أهله متاعه فوجدوا الوصية وفقدوا أشياء فسألوهما عنها فجحدا، فرفعوهما إلى النبي ﷺ  ، فنزلت هذه الآية إلى قوله: (من الآثمين)، فأمرهم أن يستحلفوهما، قوله: (جاما) بالجيم وتخفيف الميم أي إناء، قوله: ( مخوصا) بخاء معجمة وواو ثقيلة بعدها مهملة أي منقوشاً فيه صفة الخوص، ووقع في بعض نسخ أبي داود " مخوضاً " بالضاد المعجمة أي مموهاً والأول أشهر، ووقع في رواية ابن جريج عن عكرمة " إناء من فضة منقوش بذهب " وزاد في روايته أن تميماً وعدياً لما سئل عنه قالا اشتريناه منه، فارتفعوا إلى النبيﷺ فنزلت : " فإن عثر على أنها استحقا إثما "، ووقع في رواية الكلبي عن تميم "فلما أسلمت تأثمت، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمسمائة درهم وأخبرتهم ان عند صاحبي مثلها "، و قوله : (فقام رجلان من أولياء السهمي) أي الميت، وقع في رواية الكلبي "فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم" وسمي مقاتل بن سليمان في تفسير الآخر المطلب بن أبي وداعة وهو سهمي أيضا، لكنه سمي الأول عبد الله بن عمرو بن العاص، وكذا جزم به يحيى بن سلام في تفسيره، وقول من قال عمرو بن العاص أظهر، والله اعلم ، واستدل بهذا الحديث لجواز رد اليمين على المدعي فيحلف ويستحق..، واستدل به ابن سريج الشافعي المشهور للحكم بالشاهد واليمين، وتكلف في انتزاعه فقال: أن قوله تعالى : " فإن عثر على أنها استحقا إثما" لا يخلو إما أن يقرأ أو يشهد عليهما شاهدان أو شاهد وامراتان أو شاهد واحد، قال: وقد أجمعوا على أن الإقرار بعد الإنكار لا يوجب يمينا على الطالب، وكذلك مع الشاهدين ومع الشاهد والمرأتين فلم يبق إلا شاهد واحد فلذلك استحق الطالبان يمينهما مع الشاهد الواحد، واستدل بهذا الحديث على جواز شهادة الكفار بناء على أن المراد بالغير الكفار والمعنى (منکم) أي من أهل دينكم ، أو أخران من غيركم ) أي من غير أهل دينكم، وبذلك قال أبو حنيفة ومن تبعه، وتعقب بانه لا يقول بظاهرها فلا يجيز شهادة الكفار على المسلمين، وإنما يجيز شهادة بعض الكفار على بعض، فالآية دلت بمنطوقها على قبول شهادة الكافر على المسلم، وبإيمانها على قبول شهادة الكافر على الكافر بطريق الأولى، ثم دل الدليل على أن شهادة الكافر على المسلم غير مقبولة فبقيت شهادة الكافر على الكافر على حالها، وخص جماعة القبول بأهل الكتاب وبالوصية وبفقد المسلم حينئذ، منهم ابن عباس وأبو موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وشريح وابن سيرين والأوزاعي والثوري وأبو عبيد وأحمد، وهؤلاء أخذوا بظاهر الآية، وقوي ذلك عندهم حديث الباب فإن سياقه مطابق لظاهر الآية، وقيل المراد بالغير العشيرة، والمعنى : منكم أو من عشيرتكم، أو آخران من غيركم أو من غير عشيرتكم وهو قول الحسن، واحتج له النحاس بأن لفظ " آخر "لا بد أن يشارك الذي قبله في الصفة حتى لا يسوغ أن تقول مررت برجل كريم ولئيم آخر، فعلى هذا فقد وصف الإثنان بالعدالة فيتعين أن يكون الآخران كذلك، وتعقب بأن هذا وان ساغ في الآية الكريمة لكن الحديث دل على خلاف ذلك، والصحابي إذا حكى سبب النزول كان ذلك في حكم الحديث المرفوع إتفاقا، وأيضاً ففي ما قال رد المختلف فيه بالمختلف فيه لان إتصاف الكافر بالعدالة مختلف فيه وهو فرع قبول شهادته فمن قبلها وصفه بها ومن لا فلا، واعترض أبو حبان على المثال الذي ذكره النحاس بأنه غير مطابق فلو قلت جاءني رجل مسلم وآخر کافر صح بخلاف ما لو قلت جاءني رجل مسلم وكافر آخر، والآية من قبيل الأول و الثاني، لأن قوله أو أخران من جنس قوله إثنان لان كلا منهما صفة (رجلان) فكأنه قال فرجلان إثنان ورجلان آخران، وذهب جماعة من الأنمة إلى أن هذه الآية منسوخة وان ناسخها قوله تعالى : "ممن ترضون من الشهداء"، واحتجوا بالإجماع على رد شهادة الفاسق، والكافر شر من الفاسق ، وأجاب الأولون بأن النسخ لا يثبت بالإحتمال وإن الجمع بين الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وبأن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن حتى صح عن ابن عباس وعائشة وعمرو بن شرحبيل وجمع من السلف أن سورة المائدة محكمة، وعن ابن عباس " أن الآية نزلت فيمن مات مسافراً وليس عنده أحد من المسلمين، فإن اتهما استحلفا "، أخرجه الطبري بإسناد رجاله ثقات، وأنكر أحمد على من قال إن هذه الآية منسوخة، وصح عن أبي موسى الأشعري أنه عمل بذلك بن النبي ﷺ  ، فروى أبو داود بإسناد رجاله ثقات عن الشعبي قال: حضرت رجلاً من المسلمين الوفاة بدقوقا ولم يجد احداً من المسلمين فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة بتركته ووصيته فأخبر الأشعري فقال : هذا لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ﷺ  ، فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا ولا كتما ولا بدلا وأمضى شهادتهما، ورجح الفخر الرازي وسبقه الطبري لذلك أن قوله تعالى : "یا ایها الذين آمنوا" خطاب للمؤمنين، فلما قال : ( أو آخران) وصح إنه أراد غير المخاطبين فتعين إنهما من غير المؤمنين، وأيضا فجواز إستشهاد المسلم ليس مشروطة بالسفر وإن أبا موسى حكم بذلك فلم ينكره أحد من الصحابة فكان حجة، وذهب الكرابيسي ثم الطبري وآخرون إلى أن المراد بالشهادة في الآية اليمين، قال : وقد سمي الله اليمين شهادة في آية اللعان، وأيدوا ذلك بالإجماع على أن الشاهد لا يلزمه أن يقول أشهد بالله وأن الشاهد لا يمين عليه انه شهد بالحق، قالوا فالمراد بالشهادة اليمين لقوله : (فيقسمان بالله) أي يحلفان، فان عرف إنهما حلفا على الإثم رجعت اليمين على الأولياء، وتعقب بأن اليمين لا يشترط فيها عدد ولا عدالة، بخلاف الشهادة، وقد اشترطا في هذه القصة فقوي حملها على أنها شهادة، وأما إعتلال من اعتل في ردها بأنها تخالف القياس والأصول لما فيها من قبول شهادة الكافر وحبس الشاهد وتحليفه وشهادة المدعي لنفسه واستحقاقه بمجرد اليمين فقد أجاب من قال به بأنه حكم بنفسه مستغني عن نظيره، وقد قبلت شهادة الكافر في بعض المواضع كما في الطب، وليس المراد بالحبس السجن وإنما المراد الإمساك لليمين اليحلف بعد الصلاة، واما تحليف الشاهد فهو مخصوص بهذه الصورة عند قيام الريبة، واما شهادة المدعي لنفسه واستحقاقه بمجرد اليمين فان الآية تضمنت نقل الإيمان إليهم عند ظهور اللوث بخيانة الوصيين، فيشرع لهما أن يحلفا ويستحقا كما يشرع لمدعي الدم في القسامة أن يحلف ويستحق، فليس هو من شهادة المدعي لنفسه بل من باب الحكم له بيمينه القائمة مقام الشهادة لقوة جانبه.

   ويرى ابن حزم بأنه لا يجوز أن يقبل كافر أصلاً لا على كافر ولا على مسلم حاشا الوصية في السفر فقط، فإنه يقبل في ذلك مسلمان أو کافران من أي دين كانا، أو كافر وكافرتان، أو أربع كوافر، ويحلف الكفار ههنا مع شهادتهم بعد الصلاة لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربي ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين - برهان ذلك قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، والكافر فاسق فوجب أن لا تقبل، بل يجب أخذ حكم الله كله وأن يستثنى الأخص من الأعم ليتوصل بذلك إلى طاعة الجميع.

    ويقول ابن القيم في قبول شهادة الكفار على المسلمين في السفر:

(... فقد دل عليها صريح القرآن وعمل بها الصحابة، وذهب إليها فقهاء الحديث - قال صالح بن أحمد قال أبي لا تجوز شهادة أهل الذمة إلا في موضع في السفر الذي قال الله تعالى فيه: "أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض"، فأجازها أبو موسى الأشعري، وقد روي عن ابن عباس أو آخران من غيركم من أهل الكتاب وهذا موضع ضرورة، لأنه في سفر ولا تجد من يشهد من المسلمين، وإنما جاءت في هذا المعنى، قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي سألت أحمد. ويقصد بذلك الإمام أحمد بن حنبل۔ فذكر هذا المعنى قلت فإن كان ذلك على وصية المسلمين هل تجوز شهادتهم قال نعم إذا كان على الضرورة . قلت أليس يقال هذه الآية منسوخة قال من يقول وأنكر ذلك، قال وهل يقول ذلك إلا إبراهيم وقال في رواية ابن عبدالله تجوز شهادة النصراني واليهودي في الميراث على ما أجاز أبو موسى في السفر وأحلفه وقال في رواية أبي الحارث لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني في شيء إلا في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم - قال الله تعالى: "أو آخران من غير م"، فلا تجوز شهادتهم إلا في هذا الموضع، وهذا مذهب القاضي شريح وقول سعيد بن المسيب وحكاه عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري).

وقد اختلف العلماء في فهم قوله تعالى: "ذوا عدل منگم أو آخران من غيركم " على ثلاثة أقوال:

    الأول: أن الكاف والميم في قوله سبحانه " منكم " ضمير للمسلمين وقوله أو آخران من غيركم للكافرين، فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة في السفر إذا كانت بوصية، وهو الأشبه بسياق الآية مع ما تقرر من الأحاديث التي وردت في أسباب نزول الآيات وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل أبي موسى الأشعري وعبدالله بن قیس وعبدالله بن عباس - فمعنى الآية على هذا القول - أن الله تعالى أخبر أن حكمة في الشهادة على الموصي إذا حضره الموت أن يكون شهادة عدلين، فإن كان في سفر وهو الضرب في الأرض ولم يكن معه أحد من المؤمنين فليشهد شاهدان ممن حضره من أهل الكفر، فإذا قدما وأديا الشهادة على وصيته حلفا بعد الشهادة أنهما ما كذبا وما بدلا وأن ما شهدا به حق، وما كتما فيه شهادة، وحكم بشهادتهما، فإن عثر بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا ونحو هذا مما هو إثم . حلف رجلان من أولياء الموصي، وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما - هذا معنى الآية على مذهب أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير وأبی مجلز وشريح وعبيدة السلماني وابن سيرين ومجاهد وقتادة والسدي وابن عباس وغيرهم وقال به من الفقهاء سفيان الثوري ومال إليه أبو عبيد القاسم ابن سلام لكثرة من قال به واختاره أحمد بن حنبل وقال شهادة أهل الذمة جائز على المسلمين في السفر عند عدم المسلمين وكلهم يقولون منكم من المؤمنين ومعنى من غيركم يعني الكفار والآية محكمة على مذهب أبي موسى وشريح وغيرهما.

والقول الثانى: لابن عباس وأبو موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وشريح وابن سيرين والأوزاعي والثوري وأبو عبيد وأحمد، وهؤلاء أخذوا بظاهر الآية، وأنه لا نسخ فيها، قاله الزهري والحسن وعكرمة ويكون معنى قوله تعالى: "منكم" أي من عشيرتكم وقرابتكم، لأنهم أحفظ وأضبط وأبعد عن النسيان - ومعنى قوله: "أو آخران من غيركم" أي من غير العشيرة والقرابة، وقد نقل القرطبي عن أبي جعفر إلتماس مناقشة هذا التفسير، ثم قال على أنه قد عورض هذا القول بأن في أول الآية "يا أيها الذين آمنوا" فالخطاب لجماعة المؤمنين فيكون قوله: (منكم من المؤمنين) المخاطبين في الآية وقوله (من غيركم من غير المؤمنين) ولم يرد للعشيرة ولا للقرابة ذكر مطلقا. 

   وهكذا يتبين لنا، لئن كان هذا الجانب اليسير من النصوص التي تزخر بها كتب الفقه والتفسير والحديث تبين آراء العلماء والفقهاء في شهادة غير المسلمين على المسلمين، وتدل دلالة صريحة وقاطعة على أن كثيرا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وفقهاء الأمصار والأئمة المجتهدين يرون جواز هذه الشهادة ويقبلونها في القضاء ويحكمون بها، وإن كانوا يختلفون بعد ذلك في النطاق والمسائل التي تقبل فيها هذه الشهادة، فإن الشريعة الإسلامية اعترفت بتغير الأحكام بتغير الظروف وبشكل خاص بتغير الأزمان، فلا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان.

   ومن البديهي أن ننتهي من هذه النقطة لنوضح فكرة هامة في شأن مسألة الخلاف على ديانة المحكم مؤداها إذا كان أطراف النزاع في خصومة التحكيم من المسلمين يعيشون في بلد يتحاكم فيه إلى القوانين الوضعية فمن الأمور المسلم بها أنهم بقصدهم من اللجوء إلى التحكيم الحصول على . حكم يرتضونه بشرط ألا تكون طلبات الخصوم تنطوي على ما يتعارض مع أحكام الفقه الإسلامي.

   ولقد جرى العمل على عدم تعيين المرأة قاضياً أو محكماً في الكويت وهو أمر شائك، إذ لم ينص قانون تنظيم القضاء الكويتي على شرط الذكورة، كما أن الشروط اللازمة في المحكمين في قانون المرافعات الكويتي لم تذكر من بينها شرط الذكورة، ونرى أنه لا خشية من أن تتولى المرأة التحكيم .