واني أرى اشتراط السمع والكلام فيمن يعين للتحكيم هو الأسلم، أذ من لا يسمع لا يمكن أن يكون ملما في الادعاء والخصومة وكذلك من لا يستطيع الكلام لا يمكن ان يوصل ما يريد استيضاحه من الخصوم اليهم وبالتالي ليس باستطاعته استيعاب خلافاتهم وخصوماتهم ليتمكن من اصدار الحكم العادل الصحيح في النزاع المعروض عليه.
أما النظر فلا ارى له تأثير على المحكم بل يمكن للمحكم الأعمى استيعاب الخصومة واصدار الحكم المناسب بها.
اني ارى ان الرأي الأول وهو أن يكون المحكم أهلا للقضاء وبالتالي فيجب أن تتوفر فيه شروط القاضي هو الرأي الراجح وذلك للأسباب الآتية:
١- ان مهمة المحكم لا تفرق عن مهمة القاضي اذ كلاهما يقوم بالفصل في المنازعات التي تحدث بين المتخاصمين الا أن ولاية القاضي ولاية عامة مستمدة من الامام ممثل المجتمع أما المحكم فان ولايته ولاية خاصة مستمدة من طرفي النزاع الذين تراضيا على تكليفه بمهمة الفصل في نزاعهما وبالتالي يجب أن يكون المحكم مستوفيا للشرائط التي تدخل الطمأنينة في نفوس الخصوم وهذه الشروط ليس أقل مما يتوفر في القاضي .
٢- إن حجة أصحاب الرأي الثاني هو اعتبار التحكيم من باب الوكالة ليس بالصواب إذ أرى ان الوكالة تختلف عن التحكيم الذي هو نوع من أنواع القضاء وهو بهذا يختلف عن الوكالة التي تحول الوكيل القيام بالأعمال الخاصة بالموكل أي ينيب عن الموكل في اعماله والتحكيم ليس من هذا الباب بل مهمته فض النزاع الحاصل بين طرفيه وهذا لا يمثل ما يريده أحد أطراف النزاع حتى يقال عنه نوع من انواع الوكالة.