صرح بعض العلماء بالكلام عن شرط البصر والسمع في الحكم، واختلفوا في تحكيم الأعمى على قولين:
القول الأول: لا يجوز تحكيمه، وإن حكم فقضاؤه باطل.
القول الثاني: يجوز تحكيم الأعمى.
والذي أرجحه: هو قول الثاني من جواز تحكيم الأعمى، وأنه لا يشترط البصر فيمن يحكمه الخصمان؛ وذلك لقوة ما عللوا به.
أما اشتراط السمع في الحكم: فقد صرح الشافعية بعدم جواز تحكيم الأصم؛ لعدم أهليته للقضاء.
ولهذا قوة؛ لأن الحكم يحتاج إلى سمع أقوال الخصوم ودفوعهم، وهذا متعذر من الأصم، ولكن إذا كان التحكيم جزئياً في مجال خبرة ونحوها فهو شهادة يقبل تحكيمه فيها متى قبل شهادته.
أما اشتراط الكلام في الحكم: فلم أقف من ذكره، وقد سبق أن أوردنا خلاف العلماء في اشتراط الكلام في القاضي.
والذي يظهر لي: أنه يشترط في الحكم أن يكون متكلماً؛ إذ لابد للحكم من مباحثة الخصوم والشهود، وطريق ذلك كله الكلام، ولكن إذا كان التحكيم جزئياً فهو شهادة، فيقبل تحكيمه متى قبلت شهادته.