المحكم وهيئة التحكيم / شروط المحكم عند العرب قبل الإسلام / الكتب / حكم التحكيم (دراسة مقارنه في القانون الكويتي والمصري) / المحكم عند العرب قبل الإسلام
كان التحكيم هو الوسيلة السائدة لفض المنازعات في مجتمعات العرب القبلية، إذ كان النظام الحكم عند العرب مظهرين أحدهما قبلي في المجتمعات البدوية، والآخر نظام دولة المدينة في المناطق الحضرية في الجزيرة العربية، والنظام القبلي هو النظام السائد عند العرب قبل الإسلام حيث تخضع القبيلة لدستور نظمته التقاليد الموروثة والأعراف.
وقد كان للقبيلة "مجلس" يتألف من علية القوم فيها والأشراف ذو الشأن وأصحاب الحل والربط والوجهاء، كما أن لها " شيخ " يرأسها ويتربع على قمتها يتصف بأصالة النسب وسداد الرأي، أما النظام الحضري فكان له ملك يتم اختياره غالباً عن طريق الوراثة، ومجالس استشارية إلى جانب الملك تمثل فيه جميع القبائل التابعة للدولة.
وما يدل على قدم التحكيم عند العرب بأنهم جعلوا في قصصهم قصة أرنب وثعلب احتربا: إذ اختطف الثعلب من الأرنب ثمرة، فتضاربا، فأتيا جحر ضب فحكماه بينهما في حديث عذب جميل حفظه التاريخ فكان منه قول الضب: في بيته يؤتي الحكم.
فقد كان العرب قبل الإسلام لا يعرفون سوى التحكيم طريقاً لفض المنازعات التي تقع بينهم - أفراداً أو جماعات . بديلاً للقتال الفردي أو الجماعي، وكان من مفاخر القبائل أن يكون فيها "حكم" ينزل الناس عند حكمه، ومن أشهرهم وقد اشتهر بين العرب قبل الإسلام عدد من " المحكمين " أو "الحكام"، عرفوا بالعقل والحلم والحكمة، وباختلاف الناس إليهم للحكم فيما يشتجرون فيه، منهم الحاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس، وقس بن ساعدة، وأكثم بن صيفي، وعبد المطلب بن هاشم، ومن النساء سخر بنت لقمان، وهند بنت الخس، وجمعة بنت حابس، وبنت عامر بن الظرب .
وللمحكم عند العرب قبل الإسلام اختصاصاً نوعياً بالفصل في المنازعات الجنائية والمدنية والخلافات التي تنشأ حول الميراث، بل تمتد اختصاصاته النوعية لتفصل في المنازعات الأدبية التي كانت تعقد في سوق عكاظ ، واختصاصاً مكانياً فهو في الغالب أحد أفراد القبيلة التي يستعين به أفرادها.