سبق أن ذكرنا أن تشكيل هيئة التحكيم يتم أساساً باتفاق الخصوم ووفق إرادتهم . فمن حقهم اختيار محكميهم ، كما أنهم يتمتعون إزاء ذلك بسلطة واسعة . على أنه تجدر ملاحظة أن سلطتهم في ذلك ليست سلطة مطلقة ، وإنما تخضـع لبعض الضوابط والشروط التي تفرضها القواعد أو القانون الذي يخضع له التحكيم . وقـد أجملت المادة 16 من قانون التحكيم المصري هذه الشروط فنـصت على أنه « لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محـروماً مـن حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ؛ ما لم يرد إليه اعتباره » . « ولا يـشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة إلا إذا اتفـق طرفا التحكيم أو نص القانون على غير ذلك » .
فيجوز أن يكون المحكم من غير المصريين كما أسلفنا وعليه فإنه يتعين أولا أن يكون المحكم شخصا طبيعيا فلا يجوز أن يعهـد بالتحكـيم لشخص اعتباري ، وأن يتمتع بكامل الأهلية لمباشرة كافة حقوقه المدنية ، وهو ما أجملته في عبارة وجيزة المادة 1/1451 من قانون المـرافعات الفرنسي الجديد فنصت على أنه لا يجوز أن يعهد بالتحكيم إلا لشخص طبيعي يتمتع بالأهلية الكاملة لمباشرة كافة حقوقه المدنية . ومـن ثـم فإنه لا يجوز على ضوء قانون التحكيم المصري وقانون المرافعات الفرنسي أن يكون المحكم مركزاً أو غرفة تجارية أو هيئة ، كما لا يجـوز أن يكون المحكم قاصرا ولو كان مأذونا له بالإدارة أو محجورا عليه لسفه أو عته أو غفلة ، لأن مثل هذا الشخص ناقص الأهلية لا يلي أمر نفسه فكيف يعهد إليه بأمر غيره ، والفصل فيما شجر بينهم من أوجه خلاف. كمـا لا يجوز أن يكون المحكم محكوما عليه في جناية أو جنحة مخلـة بالشرف ، أو بسبب شهر إفلاسه ، لأن ذلك يجعله غير أهل للثقة فيما يصدر عنه ، خاصة وأن حكم التحكيم يحوز شأن الأحكام القضائية حجية الشئ المحكوم فيه.