الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / تعيين المحكم واستقلاله وحياده ومسؤوليته

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    663

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمـــة:

1. التحكيم كفكرة أو كنظام قديم قدم الزمان وقدم الإنسانية، فالتحكيم هو صـورة مـن صـور العدالة ويعتقد الفقهاء بأن التحكيم ظهر أولا في اليونان القديمة ما بين القـرنين الـسادس والرابع قبل الميلاد، وعرف التحكيم في روما منذ أقدم العهود وعرفـه كـذلك كـل مـن المصريين القدماء والاشوريين والبابليين والعرب قبل الإسلام حيث كان التحكـيم اختياريـا متروكا لتراضي المتخاصمين وقبل الإسلام عرفت المجتمعات العربية التحكيم ومثال ذلـك لجوء قريش للتحكيم كطريق لفض نزاعها مع القبائل العربية الأخرى حـول مـن سـيـضـع الحجر الأسود في مكانه بعد إعادة بناء الكعبة.

2. في دولـة الإمـارات العربية المتحدة قبل إعلان الاتحاد تطـرق قـانون الإجـراءات المدنية لسنة 1970 المعمول به في إمارة أبو ظبي إلى التحكيم وبالنسبة للإمـارات الشمالية (دبي – الشارقة – أم القيوين – عجمان – رأس الخيمة - الفجيرة) فقـد كان مطبق بها قانون العقود لسنة 1971 الذي تطـرق كذلك إلى التحكيم، وقد نصت المادة (13) من القانـون الاتحادي رقـم (11) لسنـة 1973 في شأن تنظيـم العلاقـات القضائية بين الإمارات على أن أحكام التحكيم الصادرة في إحدى الإمارات الأعـضاء قابلة للتنفيذ في سائر الإمارات الأعضاء في الاتحاد كما لم يكـن مـن الممكـن قـيـام المحكمة بالنظر لأسـاس النـزاع عندما يطلب منها إعطاء حكم المحكمـين صيغة التنفيذ.

3. ومنذ إنشاء غرف التجارة والصناعة في الإمارات كان بعض التجار يلجئـون إليهـا لـحـل بعـض نزاعاتهم من خلال لجان تسوية المنازعات عن طريق الوساطة والتحكيم والتي تـم تشكيلها في تلك الغرف.

4. كما ان قانون العمل الاتحادي رقم (8) لسنة 1980 في الإمارات نظم وفي المادتين (160) و (161) موضوع حل منازعات العمل الجماعية عن طريق لجنة سميت "لجنـة التحكـيم العليا".

5. صدر في عام 1992 القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 بشأن قانون إجراءات المحـاكم المدنية في شأن المعاملات المدنية ثم أنشأت غرفة تجارة أبو ظبي عام 1993 مركـز أبـو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري وبعد ذلك أنشأت غرفة تجارة وصناعة دبي مركز التحكـيم التجاري الدولي في عام 2002.

تعيين المحكم وما يشترط في المحكم:

تعيين المحكم:

1. يقوم أطراف النزاع بالاتفاق على أشخاص المحكمين فيتم تحديد اسـم المحكـم أو أسـماء المحكمين في اتفاقهم ويجوز قيام الأطراف بتحديد المحكم بصفته مثل رئيس غرفة تجـارة وصناعة دبي كما يجوز أن يختار كل طرف محكما ويترك اختيار المحكم المرجح للمحكمين المختارين.

2. ويمكن تفويض طرفي النـزاع لشخص ثالث طبيعي أو معنوي كهيئة مثلا لاختيار محكم او المحكمين (الهيئة).

3. واختيار المحكم قد يكون ضمني مثل الاتفاق على التحكيم وفق قواعد مركز دبـي للتحكـيم الدولي وبموجب تلك القواعد للمركز أن يختار المحكم ففي هذه الحالة يعتبر المحكم الـذي اختاره المركز قد تم اختياره من أطراف النزاع.

4. كما يمكن للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ان تعين المحكم او المحكمين بنـاءاً علـى طلب احد الأطراف إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده أو قـام مانع من مباشرته له ولم يكن هناك اتفـاق في هذا الشأن بين الخصوم.

5. القاعدة العامة أن يقوم طرفي التحكيم بالاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفيـة ووقـت اختيارهم فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي:

أ- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة اختياره بنـاءاً على طلب أحد الطرفين.

 ب- اما اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً ثـم يتفـق المحكمان على اختار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين أخرهما، تولت المحكمـة المختصة اختياره بناءا على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمـان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسرى هذه الأحكام في حالـة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثين محكمين.

ج- إذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليـه في هذا الشأن تولت المحكمة المختصة بناءا على طلب أحد الطرفين، القيام بـالإجراء أو العمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هـذا الإجـراء أو العمل.

د- تراعي المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التـي اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، ولا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.

تشكيل وتعين هيئة التحكيم:

     تشكيل الأطراف و تشكيل المحكمة لهيئة التحكيم:

     اعتبار التحكيم عمل إرادي يعني ضـمـن مـا يعنى حـق أطـراف النـزاع التحكيم في اختيار المحكم ويجب التفرقة هنا بين أمرين:

1. الأمر الأول: وفيها يتفق الخصوم على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم، وهنا تعمل إرادة الخصوم دون أدنى تدخل فيها.

2. الحالة الثانية: وفيها يختلف الخصوم على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم وما يتبع كالآتي:

- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين، ويكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع. وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقا للفقـرة الـسابقة دون غيرهـا صـاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم.

- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كـل طـرف محكمـا ثـم يتفـق المحكمان على اختار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر.

- إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما تولت المحكمة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الـذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتـسـرى هـذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين.

- إذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفق المحكمـان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن تولت المحكمة بناء على طلب أحد الطرفين، القيـام بـالإجراء أو العمـل المطلـوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل.

- تشكيل المحكمة لهيئة التحكيم يجب على المحكمة أن تراعي في المحكم الـذي تختـاره الشروط التي يتطلبها القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارهـا باختیـار المحكم على وجه السرعة، ولا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.

- عندما يتعلق الأمر بتعيين محكم واحد يجوز لكل من الطرفين أن يقترح على الآخر مـا - یلی:

أ- اسم شخص واحد ليكون الحكم الوحيد أو أسماء جملة أشخاص يمكن اختيار المحكم الواحد من بينهم.

ب- اسم مؤسسة واحدة أو أسماء عدة مؤسسات أو أسم شخص واحد أو أسـماء جملـة أشخاص يمكن اختيار سلطة التعيين من بينهما أو من بينهم، وذلـك إذا لـم يكـن الطرفان قد اتفقا على تسمية سلطة التعيين.

2- إذا انقضى ثلاثون يوما من تاريخ تسلم أحد الطرفين طلب التحكيم دون أن يتفق الطرفـان على تعيين المحكم الواحد، تولت تعيينه سلطة التعيين التي أتفق الطرفان على تسميتها فـإذا لم يكن الطرفان قد اتفقا على تسمية سلطة تعيين، أو إذا امتنعت السلطة التـي اتفقـا علـى تسميتها عن تعيين المحكم، أو لم تتمكن من إتمام تعيينه خلال ستين يوما من تاريخ تسليم الطلب الذي قدمه إليها أحد الطرفين في هذا الشأن جاز لكل من الطرفين أن يطلـب مـن المحكمة المختصة بتعين المحكم/المحكمين.

3- تقوم سلطة التعيين بناء على طلب أحد الطرفين بتعيين محكم واحد في اقرب وقت ممكـن وتتبع في هذا التعيين طريقة القوائم وفقا للإجراءات التالية، إلا إذا أتفـق الطرفـان علـى استبعاد هذه الطريقة أو رأت سلطة التعيين بما لها من سلطة تقديرية أن استعمالها لا يناسب ظروف الحال:

أ- ترسل سلطة التعيين إلى الطرفين بناء على طلب أحدهما نسخة متطابقـة مـن قائمـة تتضمن ثلاثة أسماء على الأقل.

ب- لكل من الطرفين خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلم هذه القائمة أن يعيـدها الـى سلطة التعيين بعد شطب الاسم أو الأسماء التي يعترض عليها وترقيم الأسماء المتبقيـة في القائمة حسب الترتيب الذي يفضله.

ج- بعد انقضاء المدة المذكورة في الفقرة السابقة تعين سلطة التعيين المحكم الواحد من بين الأسماء التي أعتمدها الطرفان في القائمتين اللتين أعيدتا إليها وبمراعاة ترتيب الأفضلية التي أوضحها الطرفان.

د- إذا تعذر لسبب ما تعيين المحكم الواحد بإتباع هذه الإجراءات كان لسلطة التعيـين أن تمارس سلطتها التقديرية في تعيينه.

4- تراعي سلطة التعيين، وهي بصدد اختيار المحكم، الاعتبارات التي من شأنها ضمان اختيـار محكم مستقل ومحايد وأن تأخذ بعين الاعتبار أنه من المستحسن أن يكون المحكم من جنسية غير جنسية أحد أطراف النزاع.

يجب توافر شروط معينة في المحكم:

1. يجب توافر الأهلية المدنية الكاملة في المحكم فلا يكون قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية. فالقاصر وبحكم عدم قدرته على التعاقـد بنفـسه أو التصرف في ملكه لا يملك القدرة على ولوج القضاء في شأن يخص الغير ونفـس الحكـم يطبق على المجنون والسفيه وذوي الغفلة وكل منهم لا يصلح أن يكون محكماً.

2. المحروم من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية لا يجوز تعينه محكما وكذلك المفلس ما لـم يرد إليه اعتباره.

3. لا يجوز ان يكون المحكم من احد الخصوم ولا يكون صاحب مصلحة في الدعوى كالـدائن والكفيل بالنسبة إلى نزاع بين المدين والغير وهذه القاعدة متعلقة بالنظام العام.

4. لا يجوز ان يكون المحكم ممنوعاً من التحكيم مثل القاضي وفق القانون في الإمارات (مادة 26 من القانون الاتحادي للسلطة القضائية) "لا يجوز لأي قاض بغير موافقة المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي أن يكون رئيسا لهيئة التحكيم أو محكما".

مسؤولية المحكم:

تنقسم مسؤولية المحكم لعدة أقسام:

1. مسؤولية إدارية: كأن يكون مقيدا بجدول مركز من مراكز التحكيم وان يقوم بالتحكيم وفق لنظام وإجراءات المركز فهو مسؤول عن حسن تطبيق تلك القواعد مع مراعاة ما تم الاتفاق علية من قبل الأطراف.

2. مسؤولية جنائية: كأن يتقاضى رشوة من أحد الأطراف.

3. مسؤولية مدنية: في حال تقاعسه عن أداء مهمته مما سبب ضرراً لأحد الأطراف فيمكن لـه الرجوع عليه بدعوى التعويض.

4. مسؤولية إجرائية: تتجلى بارتكابه خطأ مهنياً جسيماً كأن يسهو عن التوقيع على حكم التحكيم أو لا يطبق القانون الواجب التطبيق الذي أختاره الأطراف.

المسؤولية المدنية للمحكمين - قرار لمحكمة النقض الفرنسية:

    هل تتحمل هيئة التحكيم المسؤولية القانونية في حال عدم إصدار حكمها خلال الفترة الزمنية المحددة من قبل الأطراف؟

 عرض الموضوع على القضاء الفرنسي

    ينص قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسي بشأن التحكيم الداخلي بأنه إذا انتهت المهلـة الزمنية المحددة للمحكمين لإصدار حكمهم، فإن الأطراف يستطيعون الاتفاق على تمديد المهلـة، كما وتستطيع المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع إعطاء القرار بتمديد المهلة بناء على طلـب أحد الأطراف أو طلب الهيئة التحكيمية. وفي هذه القضية، أصدر المحكمون حكمهم في القـضية بعد انقضاء مدة 22 يوماً على مدة التحكيم المحددة من قبل الأطراف في اتفاق التحكيم وهي أربعة أشهر. وبعد سبع سنوات من إصدار الحكم قررت محكمة الاستئناف الفرنسية إبطـال حـكـم المحكمين نظرا لعدم صدوره ضمن المدة القانونية. وبعد انقضاء سنتين، تقدم الطرف الذي ربـح القضية التحكيمية، بعد أن لم يستطع تنفيذ حكم التحكيم، بدعوى ضد المحكمين الذين كانت تتكون منهم هيئة التحكيم، طالباً إلزامهم بالتعويض نظرا للضرر الذي أصـابه نتيجـة إلغـاء الحكـم. استجابت محكمة البداية لطلبه، وقضت بإلزام المحكمين بأن يدفعوا له مبلغ مائة وثلاثين ألـف فرنك فرنسي.

    استأنف المحكمون، فقضت محكمة استئناف في مدينة اخرى بتعديل الحكم، وعدم مسؤولية المحكمين، نظراً لأن أطراف التحكيم أنفسهم كانوا أيضاً مسؤولين عن انقضاء فترة التحكيم.

     طعن مقدم الدعوى بحكم محكمة الاستئناف أمام محكمة النقض الفرنسية، والتـي نقـضت الحكم، وأعادت الدعوى إلى غرفة أخرى من غرف محكمة الاستئناف. رأت محكمـة الـنقض الفرنسية في حكمها بأن التزام المحكمين هو التزام بغاية، إذ أنه التزام مطلق بالوصـول إلـى نتيجة، والنتيجة في هذه القضية هي إصدار الحكم ضمن المدة الزمنية المحددة في اتفاق التحكيم، وقد فشلوا في تحقيق هذه الغاية وفي الوفاء بالتزامهم، ولا بد بالتالي مـن اعتبـارهم مـسؤولين بتعويض الطرف المتضرر.

     مسألة المحكم وإلزامه بالتعويض:

    إذا كان المحكم لا يجبر على قبول مهمة التحكيم، فإن قبوله لها يوجب عليه أن يتممهـا وإلا كان مسؤولا عن تعويض الأضرار التي قد تصيب أحد الطرفين من جراء عدم التنفيذ.

    القاعدة العامة في المسؤولية المدنية أن كل خطأ سبب ضراراً للغير يؤدي الـى مـسؤولية فاعله عن تعويض المضرور عما حاق به من ضرر، ولأن المحكم هو مجرد شخص عادي يقوم بمهمة قضائية خاصة بناء على اختيار طرفي النزاع نفسهما فإن مسؤوليته مختلفة عن مسؤولية القاضي من وجهين:

    الوجه الأول: هو أن الاتفاق بينه وبين الخصوم قد يرتب مسؤوليته التعاقدية قبل الأطـراف إذا ما نكـل عن أداء المهمة التي قبلها أو تأخر في أدائها عن الوقت المحدد تأخرا ترتب عليـه ضرر لأحد الأطراف.

    الوجه الثاني: هو أن المحكم لا يتمتع بهذه الضمانات المقررة للقاضي على الرغم من قيامه بالوظيفة القضائية يتطلب بالفعل توفير الضمانات المناسبة له على نحو ما تـذهب إليـه بعـض التشريعات، فمسألة المحكم عن الأخطاء التي يرتكبها في التي يرتكبها في أدائه لمهمته خارج التزاماته المنصوص عليها في الاتفاق بينه وبين الطرفين تخضع للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية سواء فيمـا يتعلق بشروط قيام هذه المسؤولية أو فيما يتعلق بدعوى المسؤولية ذاتها. ذلك –

     وخلاصة القول – في مسؤولية المحكم – أنه يسأل عن خطئه، لكن مسؤولية المحكم تتجاوز مسؤولية القاضي؛ إذ القواعد العامة لا تتطلب لقيام المسؤولية المهنية جسامة الخطأ، ومع يرى بعض الاساتذة الأفاضل مثل الدكتور مصطفى الجمال أن الأمر ليس بذات الخطورة التـي يبدو عليها للوهلة الأولى. فمن ناحية أولى يلاحظ أن معيار الخطأ هو معيار سـلوك الـشخص المهني العادي إذا ما وجد في مثل ظروف المدعي عليه بالخطأ، ومن ثم فإن قيام الخطأ في حق المحكم سوف يتوقف بالضرورة على ظروف الفصل في الدعوى المعروضة عليه ومـن بينهـا مدى تخصصه الفني، فالمحكم المتخصص في القانون يختلف عن وضـع غيـر المتخصص، والمحكم الخبير في الأمور الفنية التي يثيرها النزاع غير المحكم البعيد عـن هـذا التخـصص، وهكذا. ومن ناحية ثانية فإن الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره لن يكون مشكلاً بذاته لخطأ مهني يسأل المحكم عن الضرر المترتب عليه على أي حال إلا في حالة العمد أو حالة مخالفـة حكـم مستفاد من الأدلة القطعية الثبوت والدلالة، لا بد من الأدلة المختلف فيها. وكلا الأمرين صـعب الإثبات.

استقلالية المحكم:

    هيئة التحكيم سواء كانت من محكم منفرد او اكثر من محكم تعمل دائما بإستقلال كامـل ولا يجب ان تتصرف وكأنها تمثل الطرف المسمى من قبلها ولا تتصرف كأنها محامي عـن احـد الاطراف بأي شكل من الاشكال.

رد المحكـم وتنحيته وعزلـه :

1. يجب أن يكون قبول المحكم بالكتابة أو بإثبات قبوله في محضر الجلسة عملا بنص الفقـرة الأولى من المادة 207 من قانون إجراءات المحاكم المدنية لدولة الإمارات العربية ويخضع المحكم لما يخضع له القضاء من حيث جواز ردهم وتنحيتهم وعزلم وتنص الفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المشار إليه أعلاه في حالة قبول المحكم للتحكيم فلا يجوز له التنحى عن القيام بعمله وإلا حكم عليه بالتعويضات لصالح الخصوم إذا نشأ ضـرر نتيجـة لهـذا التنحي سواء كان التنحي قبل البدء في المهمة أو في أثنائها...، وفي حالة وقـوع سـبب أو مانع جدي يحول دون قيام المحكم بالاستمرار في المهمـة الملقاة على عاتقـة كـالمرض الشديد فلا يلزم بالتعويض وتنص الفقرة الثالثة من المادة 207 من قانون إجراءات المحـاكم المدنية لدولة الإمارات العربية على أنه لا يجوز عزل المحكم إلا بموافقة الخصوم جميعـاً غير أنه يجوز للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وبناء على طلب الخصوم إقاله المحكم والأمر بتعيين بديـل عنه بالطريقة التي جري تعيينه بها ابتداء وذلك في حالـة ثبـوت أن المحكم أهمل قصدا العمل بمقتضى اتفاق التحكيم رغم لفت نظره خطيا بذلك.

2. وإذا صدر حكم من المحكم على الرغم من عزله فإنه يكون باطلا ولـو صـدر دون علـم المحكم بالإعفاء ما دام هذا الإعفاء قد تم من جانب الخصوم جميعهم.

3. إذا كان الإعفاء بعد صدور الحكم فإن الحكم يعتبر صحيحا ما لم يتفق الخصوم على اعتباره ه كان لم يكن.

4. لا يتصور العزل إلا إذ كان قد سبق تعيين المحكم وسبق قبوله للمهمة وفي حالة قيام المحكم بطلب مهلة ليحدد موقفه من تعيينه كمحكم أو أعتذر عن المهمة فلا يتصور وجود عزل.

5. علما بأن عزل المحكم قد يكون صراحة أو ضمنياً شفاهة أو كتابة وفي حالة مـا إذا كـان التحكيم بمقابل وعدم وجود اعتبارات جدية لعزل المحكم يحق له المطالبة بالتعويضات وفي حالة انقضاء الخصومة صلحاً أو بتنازل صاحب الحق أو بهلاك محل النزاع أو بإنقـضاء التحكيم لأي سبب من الأسباب كما إذا حكم ببطلانه أو بفسخه فلا يلزم الخصوم بتعـويض المحكم.

6. لا يجوز رد المحكم عن الحكم عملا بنص الفقرة 4 من المادة 207 من قانون إجـراءات المحاكم المدنية لدولة الإمارات العربية إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعـد تعيـيـن شـخـصه  ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفـع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى خلال خمسة أيام مـن إخبار الخصم بتعيين المحكم أو من تاريخ حدوث سبـب الـرد أو علمه به إذا كان تاليا لإخباره بتعيـين المحكم وفي جميع الأحوال لا يقبل طلب الرد إذا صدر حكم المحكمة أو أقفل باب المرافعة في القضية يبد أن التكلم في الموضوع أمام المحكم المطلوب رده لا يمنع من الإدلاء بالطلب في الميعاد ولا يسقط الحق فيه لأنه قصد بذلك إعطاء مهلة زمنية للخصم ليتروى من خلالها وليحدد موقفة من المحكم، وفي حالة صدور الحكم بقبول طلب الرد فلا يجوز للمحكم الطعن فيه.

7. لأنه ليس طرفاً في خصومة من جهته إليه وفي حالة عدم قبول طلب الرد للخـصم طـالـب الرد الطعن في الحكم إذا توافرت شروط الطعن لأن له مصلحة في أن ينظـر الخـصومة محكم يطمئن ويرتاح إليه، ويجوز التنـازل عـن طلب الرد بعد رفعه وترك الخصومة فيه عملاً بالأصل العام في القانون، وهذا مع خلاف المقرر.

8. بالنسبة لدعوى رد القاضي عن نظر الدعوى لانتفاء الأسباب التي تبرر عدم جواز النـزول عن هذه الدعوى الأخيرة.

9. وقضى بأن النص في الفقرة 4 من المادة 207 من قانون إجراءات المحاكم المدنيـة لدولـة الإمارات العربية يدل على أن المشرع قد حدد ميعاداً ناقصاً يتعين خلاله الإدلاء بطلـب رد المحكم أو طلب اعتباره غير صالح لنظر الخصومة وأنه أوجب رفع طلب الرد سواء فـي الحالات التي يجوز فيها رد المحكم أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم إلى المحكمة التي كان من اختصاصها أصلاً نظر النزاع وذلك خلال خمسة أيام مـن تحقـق أي مـن الحالات التي حددها ومنها تاريخ حدوث سبب الرد والعلم به – وذلك دون تفرقه في هـذا الصدد بين التحكيم عن طريق المحكمة أو خارجها إذ ورد الـنص عامـاً دون تخـصيص مواجها الحالتين – ومن ثم فإن مناط التمسك بعدم صلاحية المحكم كسبب لطلـب بطـلان حكمه أن يكون المتمسك بذلك قد سلك الطريق الذي حدده القانون لرد المحكم وفي الميعـاد سالف البيان.