يخضع اختيار المحكمين ـ أو ما يسمى بهيئة التحكيم ـ لاتفاق الطرفين ، سواء فيما يتعلق بتسمية هيئة التحكيم ، أو كيفية ووقت اختيارهم . مع مراعاة أنه إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً . فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين ، أو على كيفية اختيارهم ، فيتبع الآتي :
* إذا لم يتفق الطرفان على عدد المحكمين يكون العدد ثلاثة .
* إذا اتفق طرفا التحكيم على محكم واحد ، ولم يحددا كيفية تعيينه ، تولت المحكمة المختصة بالفصل في مسائل التحكيم التي يحيلها المشرع في هذا القانون إلى القضاء المصري ، اختياره بناء على طلب أحد الطرفين .
وإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ، اختار كل طرف محكماً ، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث ، فإذا لم يتفق هذان المحكمان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما ، تولت المحكمة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ، ويكون لهذا المحكم رئاسة هيئة التحكيم .
وإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوماً لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، تولت المحكمة السالفة الذكر تعيينه . وكذلك الحال إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتعيين آخرهما ، حيث تتولى تلك المحكمة اختيار المحكم الثالث بناء على طلب أحد الطرفين .
وبناء عليه ، إذا وجه محامي الشركة المحتكمة خطاباً لحكم الشركة المحكم ضدها لإعلانه باسم محكم المحتكمة ووسيلة الاتصال به حتى يتم البدء في إجراءات التحكيم ، بيد أن محكم الشركة المحتكم ضدها لم يحرك ساكناً ، فإنه يحق للشركة المحكمة اللجوء إلى المحكمة المختصة لتعيين محكم عن المحتكم ضدها .
وفي هذا الصدد ، أوضحت محكمة النقض بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي، أنه : ومتى اتفق المتعاقدان على التحكيم للفصل فيما قد ينشأ بينهما من نزاع في تنفيذ العقد المبرم بينهما في هذا الخصوص يستوي في ذلك أن يكون المتعاقدان قد أغفلا أصلاً الاتفاق على تحديد أشخاصهم أو اتفقا على المحكم ، ثم قام مانع من مباشرته للعمل ، أو نشأ خلاف بينهما بشأن تحديد شخص هذا المحكم » .
وبناء عليه ، خلصت إلى أنه : « لما كان هذا ، وكان الطاعنان والمطعون ضدهما قد اتفقا في البند الثاني عشر من الاتفاقية المؤرخة 2007/3/14 الموقعة منهم على أنه في حالة حدوث أي نزاع أو خلاف بين طرفي هذه الاتفاقية ، يجب إحالة ذلك النزاع أو الخلاف إلى التحكيم من قبل محكم واحد إذا تم الاتفاق على تعيينه .
ولما كان قد وقع نزاع بين طرفي هذه الاتفاقية ، وكانت المطعون ضدها قد طلبت من الطاعنة بموجب الإنذار المؤرخ 2008/3/23 تنفيذ التزاماتها وفي حالة رفض سداد المبالغ المستحقة لها تسمية محكم من طرفها خلال سبعة أيام لمباشرة إجراءات التحكيم، وكانت الطاعنة قد امتنعت عن تسمية المحكم فلجأت المطعون ضدها إلى المحكمة الابتدائية المختصة بنظر النزاع لتعيين محكم للفصل في النزاع الذي نشأ بين المتعاقدين بشأن تنفيذ العقد ، فإن إجابتها المحكمة إلى ذلك ، ومن ثم فإن النعي يضحى على غير أساس .
وقد عالج المشرع الإماراتي هذه المسألة بما نص عليه من أنه :
- 1 - إذا وقع النزاع ، ولم يكن الخصوم قد " أنفقوا على المحكمين ، أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل ، أو اعتزله، أو عزل عنه ، أو حكم برده ، أو قام مانع من مباشرته له ، ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم ، عينت المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين ، وذلك بناء على طلب أحد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له .
-2 - ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن .
واستظهرت المحكمة من هذا النص أنه : « يدل على أنه متى اتفق المتعاقدان على التحكيم للفصل فيما قد ينشأ من نزاع في تنفيذ العقد المبرم بينهما ، فإنه يحق لأي منهم الالتجاء إلى القضاء لتعيين المحكم أو المحكمين إذا ما نشأ نزاع بينهما في هذا الخصوص يستوي في ذلك أن يكون المتعاقدان قد أغفلا أصلاً الاتفاق على تحديد أشخاصهم أو اتفقا على المحكم ، ثم قام مانع من مباشرته للعمل أو نشأ خلاف بينهما بشأن تحديد شخص هذا المحكم ، فإذا ما قضت المحكمة المختصة بالفصل في هذا النزاع بتعيين محكم معين للفصل في الخلاف الذي نشأ بين المتعاقدين بشأن تنفيذ العقد فإن الحكم الصادر بذلك لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .
وبناء عليه ، خلصت المحكمة إلى أنه : « لما كان ذلك ، وكان العقد المبرم بين الطرفين قد نص في البند [ 1/40] منه على أنه: « في حالة أي نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن هذه الاتفاقية أو الأمور المتعلقة بها ، على الطرفين حلها عبر التفاوض وفي حالة الطرفين حلها تتم إحالتها إلى التحكيم أمام محكم واحد يتم اختياره بموافقة الطرفين ... .
وكان المطعون ضده قد لجأ إلى المحكمة الابتدائية لتعيين محكم بعد أن رفضت الطاعنة عدم استطاعة حل النزاع عبر التفاوض ، فإن الحكم بتعيين محكم يكون غير قابل للطعن فيه بطريق وسلطة المحكمة في هذا الشأن ليست طليقة من كل قيد ، وإنما يجب عليها أن تراعي في ذلك الآتي :
الشروط التي يتطلبها القانون .
* الشروط التي يكون الطرفان قد اتفقا عليها .
* أن تصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة .
وقد نظم قيد المحكمين في قوائم يتم الترشيح منها، قرار وزير العدل المصري رقم:
[2105] لسنة 1995.
وأخيراً ، فقد عالج المشرع حالة مخالفة أحد الطرفين للإجراءات التي تم الاتفاق عليها بشأن اختيار المحكمين ، وحالة عدم اتفاق المحكمين المعينين على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه ، وحالة تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن ، بأن عهد المشرع إلى المحكمة السالفة الذكر بالقيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب . وذلك ما لم ينص في الاتفاق على إتمام هذا الإجراء أو العمل بكيفية أو بطريقة أخرى .
وقد اختلف الرأي في الفقه حول أداة اللجوء إلى المحكمة لاختيار المحكم بواسطتها ، وما إذا كان ذلك يجرى عن طريق رفع دعوى أم من خلال ما يعرف بالأمر على عريضة ، أم يكتفى بتقديم طلب إلى رئيس المحكمة .
وتنظر المحكمة هذا الطلب ـ تعيين محكم - بكامل هيئتها ، ثم تصدر حكماً بتعيين الحكم . ويترتب على مخالفة ذلك البطلان .
فإن لم يعترض الطرف الآخر طوال إجراءات التحكيم على تعيين المحكم بأمر على عريضة ، اعتبر ذلك نزولاً عن الحق في الاعتراض .
وكذلك الحال بالنسبة لتعيين المحكم على نحو مخالف للشرط الوارد في اتفاق التحكيم ، فإن عدم الاعتراض على ذلك يعد نزولاً من الشركة الطاعنة عن حقها في الاعتراض على تعيين المحكم بالمخالفة للشرط الوارد في اتفاق التحكيم .
وقد سبق لمحكمة النقض بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي، أن خلصت إلى أن الحكم الصادر بتعيين محكم لا يقبل الطعن بالاستئناف ، وساقت تأسيساً لقضائها الأسانيد الآتية :-
إنه من المقرر أن مدى قابلية الحكم للطعن فيه من الأمور المتعلقة بالنظام العام لاتصالها بالأصول التي يقوم عليها نظام التقاضي وللمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها لمسألة قبول الطعن أو جوازه للتحقق من توافر استيفائه الشكل القانوني ، وإن النص في الفقرة الأولى من المادة ( 203) من قانون الإجراءات المدنية على أنه يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد الأساسي أو باتفاق لاحق عرض ما ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر كما يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة .
والنص في المادة [ 204 ] من ذات القانون على أنه: « إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده أو قام مانع من مباشرته له ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم ، عينت المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب أحد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ، ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له » .
ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن .
وقد أوضحت محكمة النقض بدائرة القضاء بإدارة أبو ظبي أنه: « متى اتفق المتعاقدان على التحكيم للفصل فيما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ العقد المبرم بينهما فإنه يحق لأي منهما الالتجاء إلى القضاء لتعيين أشخاص المحكمين إذا ما نشأ نزاع بينهما في هذا الخصوص ، يستوي في ذلك أن يكون المتعاقدان قد أغفلا أصلاً الاتفاق على تحديد أشخاصهم أو اتفقا على المحكم ، ثم قام مانع من مباشرته للعمل أو نشأ خلاف بينهما بشأن تحديد شخص هذا المحكم، فإذا ما قضت المحكمة المختصة بالفصل في هذا النزاع بتعيين محكم معين للفصل الخلاف الذي نشأ بين المتعاقدين بشأن تنفيذ العقد ، فإن الحكم الصادر بذلك لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن » .
وبناء عليه ، خلصت هذه المحكمة إلى أنه : لما كان ذلك ، وكان العقد المبرم بين الطرفين قد نص في المادة [ 1/40 ] منه على أنه في حالة أي نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن هذه الاتفاقية على الطرفين حلها عبر التفاوض ، وفي حالة عدم استطاعة الطرفين حلها تتم إحالتها إلى التحكيم أمام محكم واحد ، وكان المطعون ضده قد لجأ إلى المحكمة الابتدائية لتعيين محكم بعد أن رفض الطاعن حل النزاع ، فإن الحكم بتعيين محكم يكون غير قابل للطعن فيه بطريق الاستئناف »
وأكدت المحكمة على ذلك في حكمها الصادر بجلسة 6/10/ 2010 بقولها: « إنه من المقرر عملاً بالمادتين [203]، [204 ] من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا اتفق الخصوم
على التحكيم فيما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ العقد المبرم بينهم ، ولم يكونوا قد اتفقوا على أشخاص المحكمين ، أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل ، أو اعتزله ، أو عزل عنه ، أو حكم برده ، أو قام مانع من مباشرته له ، ووقع نزاع بينهم في هذا المحكمة المختصة أصلاً بنظر موضوع النزاع المتعلق بالتحكيم ـ وبناء على طلب أحد الخصوم ـ من يلزم من المحكمين ، ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن .
ويجب ـ حتى يتم تعيين المحكم ـ أن يقبل القيام بمهمته ، وأن يكون هذا القبول كتابة .
وبذات المعنى يجرى نص المشرع الإماراتي على أنه :
يجب أن يكون قبول المحكم بالكتابة أو بإثبات قبوله في محضر الجلسة .
ومن جهة أخرى ، فإن اشتراط الكتابة في موافقة المحكم على قبول المهمة إنما هو إجراء تنظيمي يقوم مقامه حضور المحكم للجلسات .
ذلك أنه وإن كان يشترط أن يقبل المحكم مهمته كتابة ، فإن هذا القبول قد يتم بطريقة صريحة ، وقد يتم بطريقة ضمنية كحضوره جلسة الإجراءات وتوقيعه على محضر الجلسة الذي تضمن قرار اتخاذه مكتبه مقراً للاجتماعات ، إذ يقطع ذلك قبوله القيام بمهمته كتابة ودون أن تكون هناك حاجة إلى تحرير ورقة منفصلة تتضمن ذلك القبول .