يعتمد نجاح نظام مجلس تسوية المنازعات على ثقة أطراف النزاع في أشخاص أعضائه ومؤهلاتهم الفنية. ولذلك يجب ألا يفرض اختياره للمرشحين لعضوية المجلس، كما يجب أن تكون السلطة التي تقوم بتعيين العضو في حالة عدم الاتفاق عليه، محايدة. ومن حيث عدد أعضاء المجلس فهو يتكون من عضو واحد أو ثلاث أعضاء وهو ما يحدده صاحب العمل في مستندات المناقصة. وتشير الإرشادات المرافقة للتعديل إلى تكوين المجلس من ثلاث أعضاء حيث تزيد قيمة العقد عن خمسة وعشرين دولار أمريكي، بحيث يعين كل طرف يعرضه على الطرف الآخر للقبول، ثم يختار الطرفان العضو الثالث كرئيس للمجلس، وبذلك يقع تعيين أعضاء المجلس جميعهم باتفاق طرفي عقد الأساس. وفي حالة اختلاف الطرفين في اختيار عضو المجلس الواحد أو رئيس المجلس ذي الثلاثة أعضاء فيجب عليهما تحديد جهة أخرى تكون لها سلطة التعيين، وتقترح الإرشادات إعطاء سلطة التعيين لرئيس الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين أو للشخص الذي يعينه .
ويتعين أن يتوافر لدى الشخص الذي يختار كعضو في المجلس المعرفة الفنية والخبرة المهنية في مجال العمل في المشروع محل العقد وأن يكون لديه القدرة على تفسيره وأن يكون متمكناً من لغة العقد. ويشترط في العضو الوحيد وفي رئيس المجلس المكون من ثلاثة أعضاء ألا يكونا من جنسية أحد طرفي عقد الأساس ما لم يكونا من جنسية واحدة. ويتعين على عضو المجلس أن يلتزم في عمله بالاستقلال والحياد والتأمين مراعياً في ذلك أحكام العقد. ومقابل ذلك فإن طرفي العقد يتعهدان بعدم مسؤولية أعضاء المجلس عن أعمالهم إلا إذا وقع العمل بسوء نية. وينتهي تعيين عضو المجلس باستقالته أو وفاته أو عدم قدرته على أداء عمله أو بالاتفاق بين صاحب العمل والمقاول.
وقد تضمن التجديد الذي أدخل به مجلس تسوية المنازعات في عقد أعمال الهندسة المدنية نموذجاً لمشارطة تعيين أعضائه بحيث يجري إبرام عقد بين كل عضو من أعضاء المجلس وبين طرفي عقد الأساس. ويتعين أن تكون شروط التعاقد متماثلة بالنسبة لكل عضو خصوصاً فيما يتعلق بالأتعاب فيما عدا الرئيس الذي يمكن أن ينظر في زيادة أتعابه عن العضوين الآخرين. ويتعهد العضو في المشاركة بمراعاة الحياد والاستقلال عن طرفي عقد الأساس وبإبلاغهما بأي ظرف يمكن أن يؤثر على مراعاة التزامه المذكور.
ويتضمن نموذج المشارطة أحكاماً تفصيلية قصد بها كفالة استقلال عضو المجلس والتأكيد على عدم انحراف سلوكه لمصلحة أحد الأطراف والتحقق من خبرته في مجال المشروع ومعرفة خصوصياته ومتى تحقق هذا الشرط الأخير فإن عضو المجلس يلتزم بالمحافظة على سرية المشروع وعدم إفشاء المعلومات التي يُدلي بها إليه أطراف عقد الأساس.
وفيما يتعلق بأتعاب أعضاء المجلس فإنه يجري الاتفاق عليها في مشارطة تعيينهم وفي حال الخلاف تتحدد الأتعاب على الأساس اليومي الذي تتحدد به أتعاب المحكمين وفقاً لقواعد المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (واشنطن). ويقع عب، الأتعاب على صاحب العمل والمقاول مناصفة لكن المقاول يدفع جملة الأتعاب ثم يرجع بنصفها على صاحب العمل بالتطبيق لبنود الدفع الواردة في عقد الأساس، وفي حال عدم دفع أتعاب أعضاء المجلس في المواعيد المرسومة فيحق لهم التنحي أو التوقف عن العمل لحين استيفاء أتعابهم.
ب نموذج أعمال البناء والهندسة (۱۹۹۹):
طبقاً للشروط العامة لنماذج عقود الأعمال الضخمة (لعام ١٩٩٩) تحال المنازعات إلى مجلس ليصدر قراره فيها. ويجب على الطرفين مجتمعين تعيين أعضاء المجلس في التاريخ المذكور في ملحق العطاء. ويشير دليل عقود الفيديك إلى أن المجلس يمكن أن يكون متفرغاً أي يكون له وجود دائم طوال مدة تنفيذ الأعمال أو غير متفرغ لا يجري تعيينه إلا بعد نشوب النزاع، ويجري الاختيار بين البديلين فى ضوء عدة عوامل مثل نوعية أعمال المشروع ومدتها واحتمالات التغيير فيها وحجم العقد وجنسية أطرافه. ويتشكل المجلس، حسب ما هو مبين في ملحق العطاء، إما من شخص واحد أو ثلاث أشخاص مؤهلين بشكل مناسب، وذلك حسب طبيعة المشروع وحجمه ومدته ومجالات الخبرة التي يتطلبها. وفي حالة المجلس المكون من ثلاثة أعضاء يتولى كل من طرفي عقد الأساس تسمية عضو يعرضه على الطرف الآخر للموافقة عليه، ثم يجري التشاور بين الطرفين والعضوين المعينين من قبلهما لتعيين العضو الثالث كرئيس للمجلس، ومن هنا نرى أن تعيين أعضاء المجلس هي عملية تجري باتفاق جميع الأطراف وهو أمر يساعد خصوصاً إذا جرى تصميم إجراءات عمل المجلس بنفس الطريقة، على تفادي طرح النزاع على التحكيم.
ويتعين اللجوء إلى سلطة التعيين المسماة فى الشروط الخاصة لتعبير العضو أو الأعضاء الذين أخفق الأطراف في تعيينهم في المواعيد المحددة ، ويجب على سلطة التعيين القيام بما يطلب منها بعد النشاء مع طرفي عقد الأساس . أما بالنسبة لأسلوب تعيين أعضاء المجلس فيه التعاقد بين طرفي عقد الأساس من جهة وكل عضو من أعض المجلس من جهة أخرى وفقاً لنموذج الشروط العامة لاتفاقية الفصل في المنازعات مشارطة تعيين العضو .
ويتضمن نموذج اتفاقية تعيين أعضاء المجلس أحكام التعاقد مع كا واحد منهم وهي تتناول إقرار العضو بحياده واستقلاله وبتوان الخبرة المطلوبة في الأعمال التي يقوم بها المقاول، كما يحدد النموذج التزامات العضو بعضها سلبى تمنعه من الارتباط بصاحب العمل أو المقاول خلال مدة استخدامه فى المجلس أو بعد توقفه عن العمل كالعمل كإستشاري لدى أياً منهما)، وفي المقابل يقع على العضو التزامات بأعمال إيجابية مثل الالتزام في ممارسة عمله بالقواعد الإجرائية المبينة في الشروط العامة وفي ملحقها، وأن يتواجد أثناء زيارات الموقع وجلسات الاستماع، وأن يكون مطلعاً على العقد ومتابعاً لتقدم الأعمال، وأن يتعامل معها على أنها أمور سرية وأن يعطي النصائح والآراء التي يطلبها منه صاحب العمل والمقاول مجتمعين بشرط موافقة أعضاء المجلس الآخرين . ويترتب على إخفاق العضو في تنفيذ أي من التزاماته عدم استحقاقه أية أتعاب أو مصروفات، ويتعين عليه أن يرد لكل من صاحب العمل والمقاول ما سبق أن تلقاه منهما. وقد استوجب النموذج من صاحب العمل والمقاول إصدار تعهد بعدم مسؤولية أعضاء المجلس عن أية مطالبات ناتجة عن ممارسة أعمالهم ما لم يثبت وقوع العمل بسوء نية كما استوجب النموذج من طرفي عقد الأساس تغطية المسؤولية المحتملة لأي عضو عن أعماله .
احب العمل والمقاول في وقت يتلقى أجره من الأول.
ويتضمن نموذج الشروط العامة أيضاً التزامات كل من صاحب العمل والمقاول التي تتعلق بارتباطات معينة بين أيا منهما وأي عضو من . المجلس من ناحية وبأتعاب وتكاليف الأعضاء من ناحية أخرى. ففيما يتعلق بالطائفة الأولى من الالتزامات يتعهد كل من طرفي عقد الأساس (صاحب العمل والمقاول بالامتناع عن تعيين أي عضو من أعضاء المجلس محكماً أو شاهداً في تحكيم يتعلق بالعقد ، وبالنسبة لالتزامات طرفي عقد الأساس مستحقات أعضاء المجلس عن النموذج ببيان عناصر الأتعاب والتكاليف التي تكبدها العضو وتحديد مستندات الدفع. ويقع على المقاول مستحقات العضو خلال ٥٦ يوماً من تقديم المستندات المثبتة تسديد جميع (الفواتير) ثم يرجع المقاول بنصفها على صاحب العمل، وإذا لم يستلم العضو مستحقاته خلال سبعين يوما من تقديم المستندات فإنه يجوز له أن يتوقف عن أداء خدماته (دون إخطار) لحين استلام مستحقاته أو أن يتخلى نهائياً عن أعماله بالاستقالة .
وقد عالج نموذج الشروط العامة لاتفاقية تعيين أعضاء المجلس أسباب إنهاءها وإجراءات الإنهاء، فاتفاقيات تعيين الأعضاء تنتهي نهاية طبيعية بانتهاء أعمال المجلس وذلك عندما تصبح المخالصة النهائية الصادرة من المقاول بالنسبة لمستحقاته لدى صاحب العمل نافذة. كما أن اتفاقية التعيين مع كل عضو تنتهي إما بإجراء يصدر من صاحب العمل والمقاول مجتمعين أو بإجراء يصدره العضو ذاته. فمن جانب طرفي عقد الأساس (صاحب العمل والمقاول) يجوز لهما في حالة إخفاق العضو في الالتزام باتفاقية تعيينه إنهاؤها بمجرد إخطار العضو بذلك، وأما من جنب العضو فيجوز له، إذا أخفق صاحب العمل أو المقاول بالالتزام بالاتفاقية، أن ينهيها بإخطار يوجه إليهما . وأخيراً فإن أي نزاع أو مطالبة ذات صلة باتفاقية أو مشارطة التعيين تجري تسويته بمعرفة محكم واحد وفقاً لقواعد التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية .
رابعا القواعد الإجرائية لتدخل المجلس وسلطاته
أ- نموذج (۱۹۸۷): ينص تعديل نموذج عقد أعمال الهندسة المدنية على إحالة أي نزاع ينشأ عنه أو عند تنفيذ الأعمال إلى مجلس تسوية المنازعات ليتخذ بشأنه قراراً خلال ٨٤ يوما من تلقي الإخطار بإحالة النزاع إليه بوصفه أي المجلس فريق خبراء وليس هيئة تحكيم . ويجب أن يحدد الطرف الذي أحال النزاع إلى المجلس (المدعي) في طلب الإحالة موضوع النزاع ونصوص العقد المتعلقة به والقرار المطلوب إصداره، ويجب إرسال صورة من الطلب إلى الطرف الآخر (المدعى عليه) ليمكنه بالتالي الرد عليه وإرسال الرد إلى المجلس . ويتضح من مراجعة القواعد الإجرائية لعمل المجلس أنها تترك حرية تقدير واسعة للمجلس في اختيار طريقة التوصل إلى قرار بشأن تسوية النزاع، ومن ثم فإن المجلس يقدر مدى ضرورة سماع ترقى النزاع وله أن يطلب منهما تقديم مستندات إضافية والسماح لأعضاء المجلس بدخول مواقع العمل. وفي جميع الأحوال يتعين على المجلس إتاحة الفرصة لكل من الطرفين لعرض وجهة نظره والالتزام بمبدأ المواجهة أي عدم اتخاذ أي إجراء إلا في مواجهة الطرفين وقد نصت القواعد صراحة على عدم قيام المجلس بمعاينة موقع العمل إلا في حضور الطرفين أو ممثليهم.
ووفقاً للبند ٢/٦٧ من عقد أعمال الهندسة المدنية تشمل سلطة المجلس، فضلا عن وضع إجراءات إصدار قراره البحث في اختصاصه بنظر النزاع وتحديد نطاقه والتحقيق في الوقائع والمسائل اللازمة لإصدار القرار ومراجعة أي آراء أو تعليمات أو تحديدات أو شهادات أو تقديرات أصدرها المهندس بشأن النزاع وإصدار قرارات وقتية تتضمن مثلاً تدابير تحفظية.
ب- نموذج (۱۹۹۹):
تتماثل القواعد الإجرائية التي ينجز المجلس وفقها أعماله مع القواعد التي وضعها التعديل (۱۹۹۶) الذي أدخل على عقد أعمال الهندسة المدنية، لذلك نكتفي هنا بالإحالة إليها مع الإشارة إلى بعض القواعد الهامة التي وضعتها القواعد الإجرائية المرافقة لنماذج عام ١٩٩٩ وأيضاً إلى ما جاء في الشروط الخاصة بشأن سلطة المجلس في إصدار آراء استشارية.
١- الزيارات الدورية: يتعين على المجلس القيام بزيارات دورية للموقع بناءً على طلب صاحب العمل أو المقاول لكي يكون أعضاؤه على دراية بتقدم الأعمال وملمين بأية مشاكل أو مطالبات فعلية أو محتملة، وتجري الزيارات في حضور كل من صاحب العمل والمقاول والمهندس. ويجب على المجلس أن يعد تقريراً عن أعماله خلال زيارة الموقع ويرسله لطرفي عقد الأساس.
2- التزام حقوق الدفاع: يجب على المجلس أن يتصرف بإنصاف تجاه صاحب العمل والمقاول ويمتنع عليه أن يبدي اي راعي يشان موضوع أو أسانيد أو مذكرات مقدمة من الطرفين ، ويقع على المجلس الالتزام بأن يعطى لكل منهما قرض معقولة لعرض قضيته وللرد على ادعاء الطرف الآخر وأن يتخذ الإجراءات المناسبة دون تأخير أو نفقات غير ضرورية على المجلس، بالنسبة للاتصالات التي أجري بين المجلس وأي طرف أن يخطر بها الطرف الآخر.
3 - إدارة الجلسات: يجوز للمجلس عقد جلسات استماع بخصوص النزاع ويجوز له أن يطلب من الطرفين تقديم مستندات كتابية قبل الجلسة أو خلالها وللمجلس سلطة إدارة الجلسات حسبما يراه مناسباً دون الالتزام بأي قواعد أو إجراءات عدا تلك التي تتضمنها شروط العقد والقواعد الإجرائية (۵۸) وللمجلس أن يرفض السماح لغير ممثلي الطرفين والمهندس حضور الجلسات وللمجلس سلطة تقدير الاستمرار في أعماله حال غياب أحد الطرفين رغم إخطاره بالجلسة .
٤- إصدار القرار يجب على أعضاء المجلس، بعد جلسة الاستماع أن ينفردوا للمداولة وإعداد قرار المجلس، ويجب عليهم الاجتهاد لإصدار القرار بالإجماع وإلا فإنه يكتفي بصدوره بالأغلبية . ويجوز للأغلبية اتخاذ القرار حتى في حالة غياب عضو حضور جلسة الاستماع ما لم يكن الغائب هو الرئيس أو في حال اعترض طرفي النزاع على ذلك . وفي الموضوعات المعقدة يجوز للمجلس أن يصدر قراراته على مراحل. آراء استشارية: أجازت الشروط العامة (البند ٢/٢٠-٧) لأطراف العقد الاتفاق على إحالة أي موضوع للمجلس لإبداء رأيه في شأنه. وتظهر أهمية هذه الإضافة في أنها تقدم آلية لمنع نشوء نزاع في الموضوع المحال طلب الرأي بشأنه إلى المجلس. فإذا اتخذ طرفا العقد وجهات نظر مختلفة بشأن موضوع معين فإنه بإمكانهم استنهاض المجلس ليبدي رأيه فيه. ويشير دليل عقود الفيديك إلى أنه توجد إجراءات محددة لطلب الرأي أو إصداره فيمكن أن يجري ذلك شفاهة ودون جلسات مرافعة رسمية، وإلى أن ما يصدره المجلس من آراء ليس ملزماً للأطراف ولا للمجلس نفسه الذي لا يمنعه إصداره لرأي معين أن يصدر من
خلال الإجراءات الأصلية لإصدار قراراته قرار مخالف لرأيه في الموضوع.