بعد قبول طلب التحكيم من قبل السكرتير العام للمركز الدولي، يتم تشكيل هيئة التحكيم في أقرب وقت ممكن، وذلك وفقا للمادة (1/37) من اتفاقية واشنطن، وإذا لم يتم تكوين الهيئة في ظرف (10) أيام من إرسال السكرتير العام إخطاره بتسجيل الطلب أو في خلال أي مدة أخرى، يقوم الرئيس بتعيين المحكم أو المحكمين الذين لم يتم تعيينهم بعد، وذلك بناء على طلب أي من الطرفين وبعد التشاور بينهما.
وهناك ثلاثة أسباب رئيسية يمكن من خلالها تبرير أهمية هذا التعيين وبدون
تأخير:
أولاً: لا يمكن اتخاذ أي قرار يتعلق بإجراءات التحكيم وينفع أطراف النزاع إلا بعد تعيين هيئة التحكيم.
ثانياً: مراعاة الوقت في التحكيم الدولي يفرض عدم حصول أي تأخير في تعيين هذه الهيئة لأن الوقت عنصر أساس في التحكيم الدولي، ولاسيما العقود الدولية في ومجال الاستثمار التي تكون مفيدة في الغالب بعنصر الوقت وأخيرا هناك عنصر المال، فالتحكيم هو عملية مكلفة ودفع النفقات يرتبط ببدء عملية التحكيم .
إن عدد المحكمين كما نصت عليه اتفاقية واشنطن هو عدد فردي، فقد جاء بالمادة (2/37) أن الهيئة تتكون من شخص واحد أو من أي عدد فردي من المحكمين الذين يعينون حسب اتفاق الطرفين، وإذا لم يتفق الطرفان على عدد المحكمين وطريقة تعيينهم، فإنه وفقاً لنفس المادة الفقرة الثانية (ب) تتكون الهيئة
من ثلاثة محكمين يعين كل طرف واحد منهم والثالث يعين باتفاق الطرفين . هذا ويعين المحكمون من قوائم المحكمين التي شكلها المركز ويتم إعداد القائمة وفقا لما نصت عليه المادة (13) من اتفاقية واشنطن على الشكل الآتي:
1- تقوم كل دولة من الدول المتعاقدة بتعيين أربعة أشخاص يمكن أن يكونوا من مواطنيها أو من غير مواطنيها.
٢- يمكن لرئيس مجلس الإدارة، أي المدير العام للبنك الدولي أن يقوم بتعين عشرة أشخاص مختلفي الجنسية في القائمة . إن الأشخاص الذين يعينون في القوائم يجب أن تتوافر فيهم شروط المادة (1/14) من اتفاقية واشنطن والتي جاء بها ( يكون الأشخاص المعينون بالقوائم من ذوي الأخلاق العالية وأن يكون معترف بكفاءتهم في مجال القانون والتجارة والصناعة والمال بحيث يمكن الاعتماد عليهم في ممارسة الحكم على الأمور كما مستقلا، وتشكل كفاءتهم في مجال القانون أهمية خاصة في حالة الأشخاص أعضاء هيئة التحكيم )، أما الفقرة (2) من ذات المادة فقد جاء بها يراعي الرئيس فضلاً عن ذلك في اختيار من يعينهم بالقوائم أهمية ضمان تمثيل النظم القانونية الرئيسية في العالم وكذلك الأشكال المختلفة للنشاط الاقتصادي، فالعالم اليوم هو عالم مختلط يمكن أن نجد فيه دولا اشتراكية ودولا رأسمالية ودولا إسلامية وأخرى غير إسلامية ودولا صناعية غنية متقدمة ودولاً نامية والتجارة الدولية تربط بين هذه الدول جميعا ومن ثم فإن أي خلاف في ميدان التجارة الدولية يحال إلى التحكيم، فتظهرالحاجة إلى محكم يكون موضع ثقة واطمئنان لدى الأطراف كافة. هذا وقد اشترطت الاتفاقية أن يكونوا المحكمين في النزاع غير جنسية أطراف النزاع ولكن يستثنى من ذلك عندما يكون النزاع منظور من قبل محكم واحد أو أن يكون كل محكم تم اختياره بناء على اتفاق الأطراف، فيجوز أن يكونوا من نفس جنسية أطراف النزاع وأيضاً أجازت الاتفاقية اختيار محكمين من خارج القوائم المعدة من قبل المركز ولكنها اشترطت أن تتوافر فيهم الصفات المطلوبة في المادة (14) من الاتفاقية إلا في حالة من يتم تعيينهم من المحكمين من قبل رئيس المجلس في حالة عدم اتفاق الأطراف المتنازعة طبقا للمادة (38) من الاتفاقية، فإنه يجب تعيينهم من القوائم المعتمدة من قبل المركز.
أما طلب عزل المحكم أو استقالته أو في حالة وفاته تنطبق عليه مواد الاتفاقية ذاتها التي سبق وان تم شرحها بخصوص إجراءات التوفيق إلا أن الأمر لا يقتصر على هذا حتى يصدر الحكم التحكيمي فيجب على الطرفين أن يختارا القانون المطبق على النزاع المعروض أمام هيئة التحكيم، وهذا ما نبحثه في الفرع الثالث من هذا المطلب.