الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / تعيين المحكم / الكتب / التنظيم القانوني للمحكم / تقييم مسألة اختيار المحكم:

  • الاسم

    دكتور طارق فهمي الغنام
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    120

التفاصيل طباعة نسخ

تقييم مسألة اختيار المحكم:

   إن اختيار المحكم هو حق مكفول للأطراف، و هو يقترن بقيود و ضوابط تشملها الاتفاقات الدولية وقواعد التحكيم الدولي و الوطني، ولما كان علي الأطراف الالتزام بتلك الضوابط، فقد رأينا أن ننقي تلك الضوابط قد تتعلق باختيار المحكم من أي شائبة علي النحو التالي:

أ بالنسبة لاختيار المحكمين في حالة عدم اتفاق الأطراف:

  كما سبق أن أشرنا فإن المادة 17 من قانون التحكيم المصري تقضي بأنه في حالة ما إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، ولم يتفق طرفا التحكيم علي طريقة اختيار المحكم الثالث، فإنه على كل طرف اختیار محکم ثم يتفق المحكمان علي اختيار المحكم الثالث، ثم تناول المشرع حالة تقاعس أحد طرفي التحكيم في تعيين محكمه في خلال الثلاثين يوماً التالية علي تسلمه طلب التحكيم، بأن أناط بالمحكمة المشار إليها في المادة (9) اختياره بناءً علي طلب أحد الطرفين.

    ويلاحظ من هذا النص مدى الضرر الواقع على المحتكم حسن النية الذي التزم بتنفيذ اتفاق التحكيم باللجوء إلى التحكيم عند نشوء النزاع، وقام بتعيين محكمه وفقاً للتنظيم الذي نص عليه المشرع، في الوقت الذي يتخلف المحتكم ضده في تعيين محكمه بعد إعلانه إعلاناً سليماً بطلب التحكيم، مما يؤدي إلى لجوء المحتكم مضطراً إلى القضاء لإكمال تشكيل هيئة التحكيم، فيتكبد المزيد من ضياع الوقت بعد انتهاء المهلة القانونية التي منحها المشرع للمحتكم ضده لتعيين محكمه بالإضافة إلى بذل المزيد من الجهد و المال؛ لذلك فإننا نرى أنه من الأخذ بالاتجاه الذي سار عليه المشرع الانجليزي والذي استوقفته هذه المسألة وقام بالتغلب عليها من خلال المادة 17 من قانون التحكيم الانجليزي لسنة 1996 بأن مكن الطرف الذي لم يتقاعس واختار محكمه من أن يعلن الطرف الآخر المتقاعس إعلاناً بأن يصبح المحكم الذي اختاره هو المحكم الوحيد، وفي حالة ما إذا لم يقم الطرف المتقاعس خلال سبعة أيام من تاريخ الإعلان السابق إبلاغه للطرف الآخر بأنه قام بالتعيين، فإنه يمكن له تعيين محكمه كما لو كان قد عُين من قبل الطرفين .

ب - اختيار المحكمين في حالة تعدد أطراف المنازعة:

   وتثار مشكلة أخرى عند عقد اتفاق ما بين – أكثر من طرفين - كأن يكون أطراف المنازعة ثلاثة أو أربعة ويطلب كل من الأطراف الثلاثة أو الأربعة تعيين محكم عنه، خاصة إذا كان هناك تعارض في المصالح بين الأطراف في هذا التحكيم.

   في الواقع أن محكمة النقض الفرنسية كانت قد أرست مبدأ هاماً أكدت فيه أن مبدأ المساواة بين الأطراف يتعلق بالنظام العام فلا يجوز التنازل عنه إلا بعد بدء النزاع، لذلك فإن رضا الأطراف مقدماً بما يتضمن التنازل عن أن يختاروا محكمهم يكون تنازلا غير جائز.

    وقد تصدت بعض مراكز التحكيم لهذه المشكلة حيث تنص المادة 8 مكرر من لائحة مركز القاهرة الإقليمي علي أنه عندما يتضمن التحكيم متعدد الأطراف طرفين مدعيين أو أكثر أو طرفين مدعي عليهما أو أكثر، فإنه إذا لم يتم الاتفاق بين الأطراف على تعيين المحكمين خلال خمسة وأربعين يوما من تاريخ إخطارهم بطلب التحكيم، يتولي المركز تعيين جميع المحكمين بناءً علي طلب أي من الأطراف وفي هذا الصدد أيضا يقوم المركز بتعيين واحد من المحكمين المعينين للعمل كرئيس هيئة التحكيم.

    وتنص المادة 9 من لائحة محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس I.C.C علي أنه إذا لم يتم اختيار المحكم المشترك ولم يتفق جميع الأطراف على  وسيلة لتكوين هيئة التحكيم جاز لمحكمة التحكيم أن تُعيّن جميع المحكمين وتحدد أمرهم - بما فيهم رئيس هيئة التحكيم - وفي هذه الحالة، للمحكمة أن تختار أي شخص تري أنه من الملائم أن يكون محكماً مع مراعاة نص المادة في تقديرها لهذه الملاءمة. 

    أما بالنسبة لقانون التحكيم في مصر فلم ينظم هذه المسألة، ونحن نرى أنه إذا تعددت أطراف المنازعة واشترك بعضهم في المصالح المتعلقة بالنزاع واشترك البعض الآخر في مصالح تتعارض مع الطرف الأول، فإنه علي كل مجموعة – من الأطراف - تشترك في مصلحة واحدة أن تختار محكماً واحداً عنهم، فمعيار اختيار المحكم في هذه الحالة يتعلق بالمصالح المشتركة بين الأطراف ولا يتعلق بعدد الأطراف فإن أختلفت الأطراف علي اختيار المحكمين بسبب تعارض مصالحهم فإنه علي الجهة التي يناط بها اختيار المحكمين – في حالة اختلافهم - أن تختار محكماً عن كل طرف، فإن رأت أن مصالح الأطراف - رغم تعددهم - وتجاوزهم طرفين إلى ثلاثة أو أربعة أطراف تنقسم إلى قسمين قامت بتعيين محكم عن كل مجموعة من الأطراف، تجتمع علي مصالح واحده، ولكن يجب علي تلك الجهة حال اختيارها محكم عن كل مجموعة أن تكون حذرةً في حالة اختلاف الأطراف خشية أن يتم تشكيل هيئة التحكيم علي وجهة مخالفة لإرادة الأطراف. ج - الفرق بين الاختلاف والامتناع عن اختيار المحكم الذي انقضت مدة ولايته

    عادة ما يحدث خلط ما بين حالة اختلاف الأطراف وحالة امتناعهم، أو امتناع أحدهم عن  اختيار المحكم الذي انقضت مدة ولايته إذ إنه:

    في الحالة الأولى: يبدو جلياً ثبات نية الأطراف في الالتجاء إلي التحكيم لحل منازعاتهم ولكن ما يعوق ذلك هو حدوث اختلاف حول اختيار المحكم الذي انقضت مدة ولايته، فالأطراف المتنازعة لم يرتضوا وسيلة أخرى غير التحكيم الذي اتفقوا عليه مسبقا كوسيلة لحل منازعاتهم، لذلك فلا سبيل لإنهاء هذه المشكلة سوى تطبيق المادة 21 من قانون التحكيم والتي تنص علي أنه «إذا انتهت مهمة المحكم بالحكم برده أو عزله أو تنحيه أو بأي سبب آخر وجب تعيين بديل له طبقاً للإجراءات التي تتبع في اختيار المحكم الذي انتهت مهمته»؛ ووفقا لذلك فإنه تتبع نفس الوسيلة في اختيار المحكم الذي انتهت مدة ولايته، فإذا لم يتيسر اتباع هذه الوسيلة - كأن لم يتفق الأطراف على اختيار المحكم البديل - فإنه يتم تطبيق المادة 17 من قانون التحكيم استناداً إلى أن المادة 21 تحكيم و التي تنص على اتباع نفس الإجراءات التي اتبعت في اختيار المحكم الذي انتهت مهمته - وليس الإجراءات التي اتبعت بالفعل في اختياره.

    أما الحالة الثانية: وهي تلك التي تتعلق بامتناع الخصوم أو امتناع احدهم عن المشاركة في اختيار المحكم - إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد - أو امتناع أحدهم عن اختيار محكمه - إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم - الذي انقضت مدة ولايته، إذ أن ذلك يُعد امتناعاً عن تنفيذ عقد التحكيم و انتفاء نية تنفيذ عقد التحكيم. 

   وعلي هذا الأساس فإنه إذا تُوفّى المحكم المختار من الأطراف المتنازعة أو زالت صفته - لأي سبب من الأسباب - دون إتمام مهمته ولم يتفق الخصوم علي المحكم الذي يحل محله لامتناع أحد الخصوم عن الاشتراك في اختيار ذلك المحكم، اعتبر ممتنعاً عن تنفيذ عقد التحكيم مما يبرر التجاء خصمه إلي القضاء صاحب الولاية العامة في الفصل في جميع المنازعات وهو الاتجاه  الذي انتهت إليه محكمة النقض .