يختلف تشكيل هيئة التحكيم عند تعدد المحكمين حيث يمكن أن تتخذ هيئة التحكيم أحد الأنواع التالية :
أولا: المحكم المنفرد :
قد يحال النزاع إلى التحكيم الذي يتكون من محكم واحد يعين باتفاق الأطراف أو بواسطة هيئة محايدة أو شخص ثالث مثل غرفة تجارة اتحاد تجاري أو رئيس جمعية قانونية .
ثانياً: هيئة التحكيم المكونة من اثنين
قد يتم الاتفاق بين أطراف التحكيم على أن يحال النزاع إلى هيئة تحكيم مكونة من محكمين اثنين، فيكون لكل طرف أن يعين محكماً، فإذا فشل أحدهما في تعيين محكمه فإن المحكم الطرف الآخر أن يستمر في التحكيم كمحكم منفرد بعد أن يعطي الطرف الآخر فترة زمنية (هي في القانون الإنجليزي سبعة أيام ) ليعين محكمه، ويكون حكم المحكم المنفرد في هذه الحالة ملزماً للطرفين .
إن المحكمين الإثنين في التحكيم التجاري لهم غالباً دور مزدوج، دور القاضي ودور المحامي معاً في شخص واحد، والمحكمان الإثنان قد يعينان محكماً مرجحاً أو فيصلاً Umpire في أي وقت بعد تعيينهما ويصبح هذا التعيين وجوبياً عند اختلافهما، وعلى أي حال، فإن للمحكمين أن يعينا المحكم الثالث ليس كمحكم مرجح بل كرئيس لهيئة التحكيم Chairman وفي مثل هذه الحالة يعتد بالغالبية في اتخاذ الحكم التحكيمي .
وفي هذا الشأن يقول القاضي ديبلوك Diplock.
أنه بمجرد اختلاف المحكمين وتعيين محكم فيصل Umpire فإنهما يكونان قد قاما بواجبهما Functus Officio كمحكمين ، فإذا حضرا المرافعة أمام المحكم المرجح، فإنهما يحضران كمحامين Advocates للأطراف التي عينتهما، لأن حضورهما بغير هذه الصفة لا يعطيهما حق مناقشة المحكم المرجح في الموضوع على الإطلاق.
ثالثاً: هيئة التحكيم المكونة من ثلاثة محكمين
وقد عالجت م ١٧٥ مرافعات مدنية وتجارية كويتي الوضع الذي يتخلف فيه الأطراف عن تعيين محكمهم ، فقالت بأنه إذا امتنع أحد الخصوم عن تعيين محكمة أو لم يكن الخصوم قد اتفقوا على تعيين محكمهم أو امتنع محكم أو أكثر من المتفق عليهم عن العمل أو اعتزل أو عزل أو حكم برده أو قام مانع من مباشرته للعمل (كالموت (مثلا) ولم يكن هناك اتفاق بين الخصوم في هذا الشأن عينت المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناءً على طلب أحد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له، ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن .
وما يجري عليه العمل في محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية أن الأطراف المتخاصمة إذا اختارت التحكيم فإن المحكمة تعين محكماً أو أكثر أو تترك للأطراف تعيين محكم عن كل منهم وتتولى هي تعيين المحكم الثالث المرجح ويجوز كذلك أن يقدم الأطراف الخصوم للمحكمة اسم محكم وحيد أو أسماء ثلاثة محكمين.
رابعاً: تشكيل هيئة التحكيم في التشريع الكويتي:
كانت المادة ۱۷۷ مرافعات الملغاة بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩٥ تنص على أنه :
« يجوز لوزارة العدل أن تشكل هيئة تحكيم أو أكثر تنعقد في مقر المحكمة الكلية أو أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة، وتكون رئاستها لمستشار أو قاضي تختاره الجمعية العمومية للمحكمة المختصة وعضويتها لاثنين من التجار أو ذوي التخصصات الأخرى يتم اختيارهما من الجداول المعدة في هذا الشأن وذلك وفق القواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل ويقوم بأمانة سر الهيئة أحد موظفي المحكمة الكلية».
وأخيراً صدر القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩٥ الخاص بالتحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية فنص في المادة الأولى منه على أنه: «تشكل بمقر محكمة الاستئناف هيئة تحكيم أو أكثر من ثلاثة من رجال القضاء واثنين من المحكمين، يختار كل من أطراف النزاع - ولو تعددوا - أحدهما من بين المحكمين المقيدين بالجداول المعدة لذلك بإدارة التحكيم بمحكمة الاستئناف أو من غيرهم، وفي حالة عدم قيام أي من طرفي التحكيم بذلك خلال عشرة أيام التالية باختيار محكمة تعين الإدارة المذكورة المحكم صاحب الدور بجدول المحكمين المتخصصين في موضوع النزاع لعضوية الهيئة، وتكون رئاسة الهيئة لأقدم الأعضاء من رجال القضاء على أن يكون بدرجة مستشار، ويقوم بأمانة السر أحد موظفي محكمة الاستئناف وتعقد الهيئة جلساتها بمقر محكمة الاستئناف أو في أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة ويصدر تعيين المحكمين من رجال القضاء قرار من مجلس القضاء الأعلى وذلك لمدة عامين من تاريخ صدوره».
والواقعع من أمر أن الواقع العملي قد كشف عن عدم فعالية الأحكام المتضمنة في المادة ۱۷۷ (الملغاة) من قانون المرافعات حيث وضح:
أ ـ عدم إقبال المتقاضين على عرض منازعاتهم عليها، فقد وقر في الأذهان أن إجراءات التحكيم الاختياري عموماً والقضائي منها خصوصاً قاصرة عن أن تحقق الهدف منها وهو سرعة الفصل في منازعات التحكيم وذلك نظراً لما تستغرقه إجراءات اختيار المحكمين ابتداءً من وقت وجهد وما يترتب على طلب رد أي من المحكمين من وقف لإجراءات التحكيم ريثما يتم الفصل نهائياً في هذا الطلب وما يؤدي إليه اعتزال أو تنحي أي من المحكمين بعد إقفال باب المرافعة وبدء المداولة من تعطيل للفصل في النزاع حتى يتم اختيار محكم جديد وإعادة المرافعة أمامه .
ب - تردد المتقاضين في اللجوء إلى التحكيم بحسبانه قضاء من درجة واحدة نظراً لما ينطوي عليه ذلك من مخاطرة تتمثل في عدم إمكان تدارك ما يقع في حكم المحكمين من أخطاء قانونية إلا من خلال دعوى البطلان المبتدأة والتي قد لا تتوافر أسبابها في جميع الحالات، كما أن القضاء ببطلان حكم المحكمين بما يترتب عليه من إلغاء كافة إجراءات التحكيم التي تمت والعودة بطرفي التحكيم إلى الوضع الذي كانا عليه قبل بدء تلك الإجراءات من شأنه إهدار ما بذل في اتخاذ هذه الإجراءات من وقت وجهد.
ولتلافي هذه العيوب جاءت المادة الأولى من القانون الجديد الخاصة بتشكيل هيئة المحكمين، وهي هيئة يميزها ما يأتي:
أنها تتشكل في جميع الأحوال من خمسة أعضاء، ثلاثة من رجال القضاء واثنان من المحكمين يختاران من قبل أطراف التحكيم، فكل طرف ـ وإن تعدد أفراده - يختار واحداً، غالبة العنصر القضائي في التشكيل.
أجازت المادة لكل من طرفي التحكيم اختيار محكمة من بين المحكمين المقيدين بالجداول المعدة لذلك بإدارة التحكيم بمحكمة الاستئناف أو من غيرهم دون تقييده في ذلك بأي قيد، وذلك يتيح لكل من طرفي التحكيم اختیار محكمة بحرية كاملة .
في حالة تقاعس أي من طرفي التحكيم عن اختيار محكمة خلال العشرة أيام التالية لتكليفه بذلك من إدارة التحكيم تعيين تلك الإدارة المحكم صاحب الدور من بين المحكمين المتخصصين بموضوع النزاع لعضوية الهيئة .
في حالة تقاعس أي من طرفي التحكيم عن اختيار محكمة خلال العشرة أيام التالية لتكليفه بذلك من إدارة التحكيم ، تعين تلك الإدارة المحكم صاحب الدور من بين المحكمين المتخصصين بموضوع النزاع لعضوية الهيئة .