وفي بعض القوانين العربية، يجب تعيين اسماء احمد التحكيم. وهذه القوانين منتقدة على الأقل من جانب أنها عادت وناقضت نفسها، بالنص على أنه في حالة عدم تعيين المحكمين بالاتفاق، تعينهم المحكمة أو الجهة القضائية التي يكون من اختصاصها نظر النزاع. وهذا يعني أن تعيين المحكمين بالاتفاق في القوانين المذكورة، ليس ،وجوبياً، وإنما جوازي، وذلك خلافاً لظاهر النصوص وحرفيتها. وباستثناء القانون السعودي، فإن عمومية النصوص تؤدي إلى القول بتطبيقها على شرط ومشارطة التحكيم. أما في القانون السعودي، فيلاحظ أنه يجب إيداع وثيقة التحكيم التي يجب أن تحتوي على أسماء المحكمين، لدى الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع. فإذا لم تذكر أسماء المحكمين في الوثيقة، من الواضح أن تلك الجهة لن تعتمد الوثيقة أصلاً ونرى بأن المقصود بالوثيقة التي يجب إيداعها حسب القانون السعودي، مشارطة التحكيم ولا يشمل ذلك شرط التحكيم الذي يكون صحيحاً ونافذاً ولو لم يتم إيداعه.
وفي القانون اللبناني أيضاً، تنص المادتان (763 و 766) علـى وجـوب تضمين اتفاق التحكيم، تحت طائلة البطلان، أسماء المحكمين بأشخاصهم أو صفاتهم أو بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء والنص في القانون اللبناني منتقد أيضاً. فبالنسبة لشرط (بند) التحكيم بشكل خاص، يمكن القول بأن أكثر العمليات التحكيمية، إن لم يكن أغلبها ، تتم بموجب شرط تحكيم وليس مشارطة تحكيم حتى في الداخلية منها. وجرى العمل بالنسبة لشرط التحكيم، الاكتفاء بتسوية المنازعات الناجمة عن العقد بواسطة التحكيم، دون ذكر أي تفصيلات أخرى، لا بالنسبة للمحكمين ولا غير ذلك. وعليه، نرى تفسير الأوضاع الواردة في النص اللبناني تفسيراً واسعاً، بحيث تشمل أكبر قدر ممكن من الحالات التي يؤدي وجود أي منها، إلى صحة شرط التحكيم وعدم بطلانه. فمثلاً، اتفاق الأطراف على تعيين ثلاثة مهندسين أو محاميين ومهندس أو اثنين من الجنسية اللبنانية والثالث من أي جنسية عربية أخرى، كمحكمين يكفي للقول أن الأطراف اتفقوا على صفات المحكمين بما يفي بالغرض. وكذلك الأمر، فإن القول في شرط التحكيم بأنه يتم تعيين المحكم بالاتفاق، وفي حال عدم الاتفاق يعينه نقيب المحامين أو المهندسين أو رئيس الغرفة الابتدائية في بيروت، يفي بالغرض أيضاً. وغني عن البيان، أن من حق الأطراف تعديل هذا الاتفاق في أي وقت لاحق سواء قبل أو بعد وقوع النزاع وفق ما يرونه مناسباً.
وبالرغم مما ورد في المادة (763) على النحو المذكور الخاصة بشرط التحكيم، عاد المشرع اللبناني في المادة (764) إلى القول، بأنه إذا قامت عقبة في سبيل تعيين المحكم بفعل أحد الخصوم، أو لدى تطبيق طريقة تعيينه، فيطلب تعيينه من رئيس الغرفة الابتدائية. ولا يوجد لهذا النص مقابل بالنسبة لمشارطة التحكيم. ولكن نرى تطبيق حكمه عليها ، لعدم وجود مبرر معقول للتفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في هذا الشأن.
وفي قوانين أخرى مثل سوريا والعراق لا يشترط تسمية المحكمين باتفاق التحكيم، ولا يتأثر الاتفاق بعدم تسميتهم، سواء كان بصورة شرط أو مشارطة تحكيم. وفي حال الاختلاف على تعيين المحكم، تتولى ذلك المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، كما هو الحال في القوانين الأخرى .
وفي بعض القوانين العربية، إذا كان التحكيم بالصلح، فيجب ذكر اسم المحكم في اتفاق التحكيم، أو في أي اتفاق لاحق، بحيث لا يجوز التحكيم دون الاتفاق على المحكم ، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية هامة سنشير إليها بعد قليل والمبرر العملي لذلك، أن الطرفين يرغبان بالصلح، فلا بد أن يكون المحكم بالصلح موضع ثقتهما ولا يجوز ترك ذلك لأي جهة أخرى، سواء كان القضاء أو مؤسسة التحكيم في التحكيم المؤسسي. وبناءً عليه، يتوجب عليهما الاتفاق على أسماء المحكمين. ونرى جواز ذلك في أي وقت قبل إحالة النزاع إلى التحكيم. وفي هذه الحالة، لا يكون اتفاق التحكيم باطلاً، وإنما معلق على شرط وهو الاتفاق على المحكم بإرادة الطرفين معاً، وفي حال عدم تحقق الشرط، ينفسخ الاتفاق حكماً.
ولو كان التحكيم بالقانون، وتم تعيين المحكمين، فلا شك أنه يجوز للأطراف في أي وقت أثناء الإجراءات، تفويضهم بالصلح، ويكون ذلك صحيحاً وملزماً لهما.
ويترتب على التحكيم بالصلح في القوانين المذكورة، القول أنه إذا كانت هيئة التحكيم مكوّنة من أكثر من محكم، فيجب ذكر أسمائهم جميعاً في الاتفاق. وفي حال عدم اتفاق الطرفين على المحكم بالصلح ، فلا يجوز للمحكمة أو أي جهة أخرى ذات اختصاص تعيين المحكم، وإلا كان التعيين باطلاً .
وبناءً عليه ، إذا اتفق الطرفان على هيئة ثلاثية للتحكيم بالصلح، وعيّن كل منهما محكمه، واتفقا على تفويض هذين المحكمين بتعيين المحكم الثالث في حال نشوب النزاع، فإن الاتفاق باطل ولا يفي بمتطلبات النص القانوني. ومن باب أولى بطلان الاتفاق على التحكيم بالصلح، إذا كان التحكيم مؤسسياً، أي حيث يتفق الطرفان على إحالة النزاع إلى مؤسسة تحكيم دائمة، مثل مركز تحكيم القاهرة أو مركز دبي للتحكيم الدولي لتسويته عن طريق التحكيم بالصلح دون الاتفاق على أسماء المحكمين، ولو في مرحلة لاحقة على اتفاق التحكيم، حتى وقت النظر بالنزاع.
وإذا فوّض اتفاق التحكيم المحكمين بأن يحكموا بالقانون أو بالصلح دون ذكر أسماء هؤلاء المحكمين، يكون الاتفاق باطلاً بطلاناً جزئياً بالنسبة للتحكيم بالصلح، وصحيحاً بالنسبة للتحكيم بالقانون، ويجب على المحكمين الذين يعينون فيما بعد، الحكم على مقتضى القانون .
وإذا توفي المحكم بالصلح أو أحد أعضاء هيئة التحكيم بالصلح، سواء قبل بدء إجراءات التحكيم أو أثناءها، يبقى اتفاق التحكيم صحيحاً، ولكن يتوقف نفاذه على اتفاق جديد لتعيين محكم بدلاً عنه. فإذا لم يتفق الأطراف على ذلك، ليس للمحكمة أو لأي جهة أخرى ذات اختصاص تعيين المحكم البديل. وإذا وصل الأطراف إلى طريق مسدود في تعيين المحكم، يسقط اتفاق التحكيم، وتسقط تبعاً له كافة الإجراءات التي تمت في ظله .
وإذا اتفق الطرفان على المحكم بالصلح، وانقضت مدة التحكيم دون صدور الحكم ودون تجديد لهذه المدة، فإن ذلك يؤدي إلى انقضاء التحكيم، ويجب عندئذ العودة إلى القضاء، ذي الولاية العامة في تسوية المنازعات. ويطبق المبدأ ذاته على المحكم بالصلح الذي يعتزل التحكيم أو الذي لا يقوم بالمهمة الموكلة إليه. وكذلك الأمر فإن التحكيم بالصلح، يزول حتماً إذا حكم المحكم في موضوع النزاع، ورفضت المحكمة المصادقة على الحكم، لعدم جواز تعيين محكم بديل عنه .
ونرى تطبيق المبادئ السابقة، في الحدود الممكنة، في مختلف القوانين العربية بالنسبة للتحكيم بالقانون، إذا اتفق الطرفان على المحكم في اتفاق التحكيم. ففي هذه الحالة، يمكن القول بأن الطرفين لم يتفقا على التحكيم، إلا على أساس إجراء التحكيم من محكم بعينه دون غيره، ولولا ذلك لما أبرما اتفاق التحكيم. ويترتب على ذلك القول، بأنه إذا لم يقم المحكم بعينه بالتحكيم، أو لم يستمر به لأي سبب، مثل وفاته أو تنحيه أو رده أو عزله، فلا يجبر أي من الطرفين على الذهاب للتحكيم، استناداً لاتفاق التحكيم ذاته.
ويطبق ذات المبدأ ، أيضاً في حال انقضاء مدة التحكيم بالقانون دون حكم ، أو صدور قرار قضائي بإبطال الحكم أو عدم المصادقة عليه. وهذا كله ما لم يتبين من إرادة الطرفين غير ذلك. ومثاله تعيين المحكم المنفرد في اتفاق التحكيم، إلا أن المحكم يرفض المهمة الموكلة إليه، ولا يتفق الطرفان على تسمية بديل عنه. فيلجأ أحدهما إلى المحكمة المختصة لتعيين محكم بديل استناداً لاتفاق التحكيم، ولا يعترض الطرف الآخر على ذلك، وتعينه المحكمة فعلاً. في هذا الفرض ، يمكن القول أن الطرفين قصدا الاتفاق على التحكيم بصورة مطلقة، بغض النظر عن وجود المحكم المتفق عليه أصلاً بالاسم في اتفاق التحكيم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن القانون اللبناني نص على حالة واحدة من الحالات المذكورة، تتعلق بمشارطة التحكيم (العقد التحكيمي)، بقوله في المادة (766) بأنه إذا تم تعيين المحكم في العقد التحكيمي وهذا واجب أصلاً حسب المادة ذاتها، يعتبر هذا العقد ساقطاً إذا رفض المحكم المهمة الموكلة إليه. ونرى تطبيق المبدأ ذاته على البند التحكيمي إذا تم تعيين المحكم فيه، لعدم وجود مبرر للتفرقة من هذه الناحية بين شرط ومشارطة التحكيم.