المحكم وهيئة التحكيم / تمييز عمل المحكم عن عمل المُصلح / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / التفرقة بين التحكيم بالمعنى الفني الدقيق والتحكيم القضائي أو الصلح القضائي
التفرقة بين التحكيم بالمعنى الفني الدقيق والتحكيم القضائي أوالصلح القضائي
كذلك فإن التحكيم كقضاء خاص يساعد على التفرقة بين التحكيم بالمعنى الفني الدقيق والتحكيم القضائي أو الصلح القضائي والذي تعبر عنه المادة ١٢ من قانون المرافعات المدنية الفرنسية.
إذ تنص المادة ١٢ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد على أنه "للأطراف، بعد نشأة النزاع أن يطلبوا من القاضي الفصل في النزاع كمحكم مصالح مع ا الاحتفاظ بحقهم في الاستئناف، إلا إذا تم التنازل عنه صراحة" .
وتثير هذه المادة التي تعترف للقاضي بالفصل في المنازعة كمحكممصالح أوجه شبه بينها وبين التحكيم.
إذ يستمد القاضي سلطته في الفصل في المنازعة المعروضة أمامه، كمحكم مصالح من اتفاق الأطراف على العهدة إليه للفصل فيها بهذه الصفة، كما أن إرادة الأطراف هي التي تحدد له تلك السلطة ونطاقها. ولقد حرصت محكمة باريس الجزئية في حكمها الصادر في ٢٧ مايو ۱۹۸۷ على أن تأكد على ذلك المعنى وذلك بقولها إن منح الأطراف للمحكمة السلطة في أن تفصل في المنازعة المعروضة عليها كمحكم مصالح ، يفيد في التعبير عن إرادتهم في أن يفصل في النزاع ليس وفقاً للقواعد القانونية المعنية فقط، ولكن أيضاً في أن يفصل في المنازعة بحل عادل ومقبول من خلال إجراء المواءمة، إذا كان هناكمقتضى للقانون الواجب الإعمال على موضوع المنازعة بين الأطراف".
والواقع على الرغم من أوجه التشابه بينالقاضي المفوض بالقضاءكمحكم مصالح من قبل الأطراف والتحكيم، فإن هذا التحكيم القضائي لا يعدتحكيماً بالمعنى الاصطلاحي الدقيق. فالتحكيم هو قضاء خاص ولا يصدرالمحكم حكمه باسم الدولة بعكس القاضي الذي يجب عليه أن يصدر حكمهباسم الدولة حتى لو كان مخولاً من قبل الأطراف بأن يفصل فيكمحكم مصالح .
يترتب على ذلك أن القواعد المتعلقة بصحة اتفاق التحكيم سيما لضرورة أن يكون هذا الاتفاق مكتوباً لا يعمل بها .
وأيضاً لا يشترط أن يصدر القاضي حكمه في وقت محدد وعلى العكس من ذلك فإنه يتعين احترام القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائي ولا يمكن للأشخاص اختيار الشخص الذي يفصل في الدعوى.
ويترتب على ذلك أن الأحكام الصادرة عن القاضي المفوض بالفصل في الدعوى كمحكم مصالح لا تعد أحكاماً تحكيمية تخضع للنظام الخاص بالحكم التحكيمي وأنه هي أحكام قضائية لا تختلف في طبيعتها عن الأحكام القضائية الأخرى.