التفرقـة بيـن عمـل المحكـم وعمـل القاضي يتفق عمل المحكم وعمل القاضي في الهدف، فالهدف من العملين واحد وهو توفير حماية للنظام القانوني إذا ما حدث اعتداء على أي قاعدة قانونية، بإصدار حكم من شخص محايد ملزم لطرفي النزاع.
بيد أن التحكيم يرتكز على عقد من عقود القانون الخاص وهو عقد التحكيم أي اتفاق التحكيم، بينما يعتبر القضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاثة، ولذلك يتدخل القضاء لمساعدة المحكم ويبسط القضاء رقابته على عمله حتى تتحقق الحماية القانونية اللازمة.
فأصل التحكيم الاتفاق وهو في نفس الوقت وسيلة لحل المنازعات، بينما أصل العمل القضائي سلطة القضاء باعتبارها إحدى سلطات الدولة الثلاث، وقد أوضحنا فيما تقدم طبيعة التحكيم وتحدثنا عن العمل القضائي البحت، ولا شك أن هناك فوارق بينهما.
فالتحكيم ينتمى إلى سلطان الإرادة متمثلا في اتفاق التحكيم، بينما العمل القضائي ينتمي إلى سلطان الدولة المتمثل في السلطة القضائية التي هي إحدى سلطاتها الثلاثة.
ويبدأ التحكيم بعقد من عقود القانون الخاص المسمى اتفاق التحكيم، بينما يبدأ العمل القضائي بصحيفة افتتاح الدعوى أو بطلب استصدار أمر من القاضي يمارس بمقتضاه سلطته الولائية.
كما أن خصومة التحكيم تختلف عن الخصومة القضائية، فإجراءات خصومة التحكيم تتميز ببساطتها وسرعتها وهي إجراءات تختلف في كثير من الجوانب عن إجراءات الخصومة القضائية.
ولكن دور المحكم يتفق مع الدور الذي يؤديه القاضي في تحقيق فاعلية القواعد القانونية، وحتى يتحقق هدف التحكيم في الواقع العملي بضمان فاعلية القواعد القانونية، فإن قضاء الدولة يتدخل لمساعدة المحكم ومراقبة التحكيم فهناك تعاون بين قضاء الدولة وهيئة التحكيم نتيجة لقصور سلطة المحكم وعدم علمه بالقانون أحياناً، وهذا التعاون يستهدف في النهاية ضمان تحقيق فاعلية القانون في المجتمع .
وهناك رقابة من المحاكم على أعمال التحكيم، وقد تحدث رقابة القضاء على أعمال المحكمين قبل صدور حكم المحكمين ، وقد تحدث رقابة القضاء على أعمال المحكمين بعد صدور حكم المحكمين.