قابلية الأحكام للطعن فيها او عدم قابليتها لذلك مسألة تتعلق بالنظام العام- اللجنة التي
تبت تسوية الخلافات التي تنشأ بين صاحب البضاعة ومصلحة الجمارك حول نوعها او منشئها
او قيمتها انشأ المشرع نظام تحكيم بغية حلها عن طريق حكمين، واذا اختلفا يرفع النزاع الى
لجنة ثلاثية-قرارات اللجنة جائز الطعن فيها امام القضاء.
(محكمة النقض- الدائرة المدنية والتجارية- الطعن رقم 10503 لسنة 62 قضائية-
جلسة الاثنين 26/6/2006)
...........
...........
وحيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن- في
أن الطاعن استورد رسالة قطع غيار ديزل من الهند، وإزاء الخلاف مع مصلحة الجمارك على
بند التعريفة الجمركي عرض الخلاف على لجنة التحكيم الجمركي التي أصدرت قرارها بتحديد
السعر استرشاداً بأسعار شركة كيروسكار مع منح نسبة خصم (حسم) قدرها 30% رفعت الى
40% مقابل فرق الجودة والشهرة بمعرفة لجنة التحكيم العالي، أقام الطاعن الدعوى رقم 35 لسنة
1994 مدني امام محكمة بور سعيد الابتدائية طعناً على هذا القرار بطلب الحكم بصفة مستعجلة
بوقف تسجيل خطاب الضمان رقم 266 لسنة 1993 المؤرخ 16/12/1993 والمسحوب على البنك العربي الافريقي الدولي بالقاهرة، وفي الموضوع اصلياً ببطلان قرار التحكيم الجمركي
واحتياطياً اعتبار القيمة الواردة بالفاتورة اساساً لتقدير الرسوم الجمركية، ندبت المحكمة خبيراً
وبعد ان اودع تقريره حكمت بعدم جواز نظر الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم
665 لسنة 35 ق امام محكمة استئناف الاسماعيلية "مأمورية بور سعيد" التي قضت بجلسة
15/8/1995 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم لسبب أبدته متعلقاً بالنظام العام، وإذ عرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث انه عن الدفع المبدى من النيابة فدفع سديد، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه
المحكمة – ان قابلية الأحكام للطعن فيها او عدم قابليتها لذلك مسألة تتعلق بالنظام العام وانه
يجوز للخصوم كما هو الشأن للنيابة العامة ولمحكمة النقض اثارة الأسباب المتعلقة بالنظام ولو لم
يسبق التمسك بها امام محكمة الموضوع او في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها
من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء
المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه او حكم سابق لم يشمله الطعن، وكان النص في
المادة 57 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 على أنه "اذا قام نزاع بين
الجمارك وصاحب البضاعة حول نوعها او منشئها او قيمتها أُثبت هذا النزاع في محضر يحال
الى حكمين يعين الجمرك احدهما ويعين الآخر صاحب البضاعة او من يمثله، واذا امتنع ذوو
الشأن عن تعيين الحكم الذي يختاره خلال ثمانية أيام من تاريخ المحضر اعتبر رأي الجمارك
نهائياً، وفي حالة اتفاق الحكمين يكون قرارهما نهائياً، فإذا اختلفا رفع النزاع الى لجنة مؤلفة من
مفوض دائم يعينه وزير الخزانة ومن عضوين احدهما يمثل الجمارك يختاره المدير العام
للجمارك والآخر يمثل غرفة التجارة يختاره رئيس الغرفة، وتصدر اللجنة قرارها بعد ان تستمع
الى الحكمين ومن ترى الاستعانة به من الفنيين، ويكون القرار الصادر من اللجنة واجب التنفيذ،
ويشتمل على بيان بمن يتحمل نفقات التحكيم"، يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –
على ان المشرع رغبة منه في تسوية الخلافات التي تنشأ بين صاحب البضاعة ومصلحة
الجمارك حول نوعها او منشئها او قيمتها انشأ نظام التحكيم بغية حل هذه الخلافات ودياً بأن
أوجب عرضها على حكمين تعين احدهما مصلحة الجمارك ويعين الثاني صاحب البضاعة،
ورتب جزاء على تخلف صاحب البضاعة عن تعيين الحكم الذي يختاره في خلال أجل معين هو
اعتبار قرار مصلحة الجمارك محل الخلاف نهائياً، واذا تم تعيين الحكم من قبل صاحب البضاعة واتفق الحكمان فإن قرارهما ايضاً يكون نهائياً، اما اذا اختلفا فيحال النزاع الى لجنة مشكلة من
مفوض دائم يعينه وزير الخزانة "المالية" ومن عضوين يمثل احدهما الجمارك والآخر غرفة
التجارة، ولا يمثل فيها مندوب يختاره صاحب البضاعة بما لا تعتبر معه هذه اللجنة هيئة تحكيم،
وإنما هي لجنة اسند اليها المشرع مهمة اعادة النظر في تقدير مصلحة الجمارك وتظلم صاحب
الشأن منه، ويكون قرارها واجب التنفيذ دون ان يعني ذلك سلب حق صاحب البضاعة في اللجوء
الى القضاء طعناً في هذا القرار، اذ ان قابلية القرار للتنفيذ لا تحول دون الطعن فيه امام القضاء
العادي بحسبانه صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، واي قيد يضعه
المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف الدستور- يعتبر استثناء وارداً على اصل عام فيجب
عدم التوسع في تفسيره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه – مؤيداً في
ذلك حكم الدرجة الأولى – على نهائية قرار اللجنة المشار اليها ورتب على ذلك قضاءه بعدم
جواز الطعن فيه امام القضاء فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة الى بحث اسباب
الطعن.
لذلـــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية الى محكمة استئناف الاسماعيلية
"مأمورية بور سعيد".
أمين السر (كمال عبد السلام)
رئيس النيابة (يوسف وجيه)
نائب رئيس المحكمة (يحيى ابراهيم عارف )
عضوية
مصطفى عزب
عطية النادي
حسن البدراوي
عبد السلام المزاحي