المحكم وهيئة التحكيم / المحكم - هيئة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 8 / مبنى المشاركة التي تجريها البنوك الاسلامية هو تحمل الارباح والخسائر معاً
الاستثمار المباح شرعاً يقوم على تحمل مخاطر العمل وتشغيل رأس المال بالسوية بين أطراف هذا الاستثمار جميعاً.
(هيئة تحكيم خاصة- التحكيم رقم 3 لسنة 1987- تاريخ 20 أغسطس 1987)
...........
...........
وحيث ان التحكيم الماثل يستند اساساً الى نص المادة (18) من القانون رقم 48 لسنة 1977
بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري التي تنص على أن:
(يفصل مجلس الادارة بأغلبية اعضائه بصفته محكماً إرتضاه الطرفان في كل نزاع ينشأ بين
أي مساهم في البنك وبين مساهم آخر سواء كان شخصاً طبيعياً او اعتبارياً. وذلك بشرط ان يكون النزاع ناشئاً عن صفته كمساهم في البنك، ولا يتقيد مجلس الادارة في هذا الشأن بقواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي.
اما اذا كان النزاع بين البنك وبين احد المستثمرين او المساهمين او بين البنك والحكومة او احد الأشخاص الاعتبارية العامة او إحدى شركات القطاع العام او الخاص او الأفراد فتفصل فيه نهائياً هيئة من المحكمين معفاة من قواعد الاجراءات عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي.
وفي هذه الحالة تشكل هيئة التحكيم من محكم يختاره كل طرف من طرفي النزاع، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلام احد طرفي النزاع طلب احالة المنازعة الى التحكيم من الطرف الآخر، ثم يختار المحكمان حكماً مرجحاً خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتعيين آخرهما،ويختار الثلاثة احدهم لرئاسة هيئة التحكيم خلال الأسبوع التالي لإختيار الحكم المرجح، ويعتبر اختيار كل طرف لمحكمه قبولاً لحكم المحكمين واعتباره نهائياً.
وفي حالة نكول أحد الطرفين عن إختيار محكمه أو في حالة عدم الاتفاق على إختيار المحكم المرجح او رئيس هيئة التحكيم في المدد المحددة في الفقرة السابقة، يعرض الأمر على هيئة الرقابة الشرعية لتختار المحكم المرجح او الرئيس حسب الأحوال.
وتجتمع هيئة التحكيم في مقر البنك الرئيسي وتضع نظام الاجراءات التي تتبعها لنظر النزاع، وفي إصدار قرارها، ويجب ان يتضمن هذا القرار بيان طريقة تنفيذه وتحديد الطرف الذي يتحمل مصاريف التحكيم، ويودع قرار هيئة التحكيم الأمانة العامة لمجلس ادارة البنك.
ويكون حكم هيئة التحكيم في جميع الأحوال نهائياً وملزماً للطرفين وقابلاً للتنفيذ، شأنه شأن الأحكام النهائية وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في باب التحكيم في قانون المرافعات.
وفي جميع الأحوال تخضع قرارات مجلس الادارة وأحكام هيئة التحكيم الصادرة طبقاً لهذه المادة لأحكام الباب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية).
وحيث ان مبنى العلاقة التي ثار بشأنها النزاع الماثل هو عقد المشاركة المبرم بين المحتكم والمحتكم ضدها بتاريخ 18/5/1981م وحيث ان هذا العقد قد نص في البند الثاني منه على ان تكون حصة الطرف الأول فيه (البنك المحتكم) هي نسبة 8,70% من التكلفة الاستثمارية للفندق وتقدر بمبلغ 2830500 ريال سعودي وحصة الطرف الثاني (الشركة المحتكم ضدها) بنسبة 2,29% من التكلفة الاستثمارية للفندق وتقدر بمبلغ 1169500 ريال سعودي. ونص في البند الثالث على ان حصة الطرف الثاني تتمثل في قيمة الأعمال التي تمت بالمشروع.
وحيث ان العقد نفسه قد نص في البند الرابع على ان تكون حصة الطرف الثاني فيه مقابل أعمال الادارة والعمل الخاص بالمشروع 25% من صافي ارباح المشروع وعلى ان توزع باقي الأرباح بنسبة حصة مشاركة كل من الطرفين.
وحيث ان العقد المنوه عنه قد حدد طريقة سداد حصة البنك المحتكم في المشاركة بأن أوجب سدادها على خمسة أقساط سنوية قيمة كل منها 566100 ريال سعودي يبدأ أولها في نهاية عام 1402هـ ويستحق الأخير منها في نهاية عام 1406هـ ومجموع هذه الأقساط هو المبلغ المحدد لمشاركة البنك المحتكم في تمويل المشروع.
وحيث انه من المقرر ان العقود التي نشأت صحيحة ملزمة يجب ان يلتزم اطرافها بتنفيذ جميع ما إشتملت عليه، وأنها تطبق كما يطبق القانون لأن العقد يقوم مقام القانون في تنظيم العلاقة التعاقدية فيما بين المتعاقدين. وهذا هو المعنى الذي قصد اليه المشرع المصري حين نص في المادة 147 من القانون المدني على أن (العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله الا بإتفاق الطرفين او للأسباب التي يقررها القانون). (السنهوري، الوسيط، ج 1 ص 624).
وحيث انه من المقرر – كذلك- ان العقود يجب تنفيذها طبقاً لما اشتملت عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية /م( 148 مدني).
وحيث أنه من مقتضى ما تقدم لزوم الفصل في النزاع الماثل بين طرفين على اساس نصوص العقد، وعلى اساس ماتم تنفيذه من التزامات الطرفين وفي حدود ما يوجبه التنفيذ بحسن نية.
وبإعمال هذه الأصول على وقائع النزاع يتبين ان بنك فيصل الاسلامي المصري قد نفّذ التزامه بالتمويل تنفيذاً جزئياً بأن سدد من حصته المحددة في العقد مبلغ2300484 ريالاً سعودياً بدلاً من مبلغ 2830500 ريال سعودي. ومن ثم فقد سددت الشركة المحتكم ضدها اربعة اقساط قيمة كل منها 566100 ريال سعودي فبلغ مجموع ما سددته 226400 ريال سعودي وبقي للبنك في ذمتها مبلغ 36084 ريالاً سعودياً عرضها عليه بنك قناة السويس بتاريخ 2/7/1986، فأجاب البنك المحتكم على هذا العرض بخطاباته المؤرخة 28/7/1986 و 28/8/1986 متمسكاً بطلب سداد 566100 ريال سعودي وفقاً لنص البند الخامس من العقد المبرم بينه وبين الشركة المحتكم ضدها.
وهذا الذي طالب به البنك لا يقوم على أساس من صحيح الأعمال لنصوص العقد، لأنه وإن كان نص البند خامساً من العقد يحدد الأقساط السنوية عدداً ومقداراً وتواريخ استحقاق فإن هذا التحديد لم يأتِ الا نتيجة للإتفاق على كون حصة البنك هي مبلغ 2830500 ريال سعودي. فإذا أدى البنك وفاء بحصته في المشاركة مبلغاً أقل من هذه الحصة، فإنه من البديهي ان ينقص التزام الشركة المحتكم ضدها قبله بمقدار ما نقص من حصته في التمويل. وهذا هو عين ما قالت به الشركة المحتكم ضدها وأقر به البنك في النهاية في مذكرته المؤرخة 2/7/1987 المقدمة الى هذه الهيئة. ومن ثم فإن المبلغ المستحق للبنك عن نصيبه في المشاركة هو مبلغ 36084 ريالاً سعودياً وليس 566100 ريال سعودي.
وحيث إنه عن طلب البنك حصته في أرباح عام 1405هـ وتقديره اياها بمبلغ 75677 ريالاً سعودياً، فإن هذا التقدير ينبغي النظر اليه في ضوء نص العقد في البند الرابع منه على طريقة توزيع الربح، وذلك بأن يخصم (يحسم) من الربح الصافي نسبة 25% تستحق للشركة المحتكم ضدها نظير اعمال الادارة، ويوزع الباقي بنسبة مشاركة كل من الطرفين في تمويل المشروع. وإعمال هذا النص من نصوص العقد تبين منه ان نصيب البنك في ارباح 1405هـ هو في حقيقته مبلغ 30706 ريالات سعودية، تستحق للبنك عن نصيبه من ارباح سنة 1405هـ، وقد أقرت الشركة المحتكم ضدها بحق البنك في هذا المبلغ.
وحيث انه عن نصيـب البنك في أرباح عام 1406هـ فإنه لم يحدده، اذ لم يكن قد اطلع على ميزانية الأرباح والخسائر عن تلك السنة حتى تقديم طلب التحكيم، وعندما قدمتها الشركة المحتكم ضدها الى الهيئة الموقرة تبين منها ان ارباح تلك السنة هي مبلغ 62,133244 ريالاً سعودياً يخص البنك المحتكم منها بإعمال نصوص العقد المشار اليها آنفاً مبلغ 26019 ريالاً سعودياً.
وحيث انه عن طلبات التعويض المبداة من كل من الطرفين فإن الهيئة ترى انها لا محل لها، اذ لم يقع خطأ يسبب ضرراً يوجب تعويض اي من الطرفين، وإنما ثار نزاع محاسبي حول المستحقات المترتبة على تنفيذ عقد المشاركة، الأمر الذي لا يعد – من جانب اي من الطرفين- خطأ موجباً للمسؤولية ومرتباً للحق في التعويض.
وحيث انه عن الطلب المبدى من البنك المحتكم في المذكرة التكميلية المقدمة للهيئة بجلسة 2/8/1987 والمتمثل في استبعاد نسبة الادارة المحددة في العقد للشركة المحتكم ضدها تأسيساً على إنخفاض العائد وتدني نسبة التشغيل، فإن الهيئة وإن كانت ترى ان نسبة التشغيل المبينة بالأوراق لا تتفق ومكان الفندق الكائن بمكة المكرمة، الاّ انها لا يفوتها ان مبنى المشاركة التي تجريها البنوك الاسلامية – وبنك فيصل الاسلامي المصري في مكان الريادة منها جميعاً – هو تحمل الأرباح والخسائر معاً، والا لأصبحت العقود التي تتضمن مشاركة – ان هي اقتصرت على المشاركة في الربح- عقوداً محل نظر شرعي لقيام الاستثمار المباح شرعاً على تحمل مخاطر العمل وتشغيل رأس المال بالسوية بين اطراف هذا الاستثمار جميعاً. ولذلك فإن الهيئة ترى هذا الطلب حرياً بعدم القبول متعيناً الالتفات عنه.
وحيث انه تبين مما تقدم ان الشركة المحتكم ضدها لم تجحد البنك المحتكم اياً من حقوقه التي يوجبها العقد المبرم بينهما له. وأنها أقرت قبل التحكيم وفي أثنائه بهذه الحقوق.
وحيث ان البنك المحتكم طالب في دعواه ومذكرات الحاضر عنه بأكثر مما يوجبه له العقد الموقع بينه وبين الشركة المحتكم ضدها الأمر الذي يجعل هذه الطلبات خليقة بالرفض ويقصر استحقاقه على نصيبه من التمويل الفعلي وقدره 36084 ريالاً سعودياً ونصيبه في إجمالي صافي الربح الناتج من المشاركة والبالغ قدره 13,30214 ريالاً سعودياً فإن الهيئة ترى انحصار التزام الشركة المحتكم ضدها في سداد هذين المبلغين.
وحيث إن طلبات البنك في النزاع الماثل كانت تشتمل على ثلاثة مطالب تبين للهيئة انه تجاوز ما هو حق له في اثنين منها، على حين كان الثالث غير محدد وهو المطلب الخاص بما عساه يكون مستحقاً من أرباح عن عام 1406هـ.
وحيث ان الميزانية الخاصة بتلك السنة المبينة لحساب ارباحها وخسائرها كانت تحت يد الشركة المحتكم ضدها منذ 1/11/1986 ولم تقدمها الى البنك ولم تخطره بحقه في ارباحها الا في جلسة 2/7/1987 امام هيئة التحكيم.
وحيث ان المادة 184 من قانون المرافعات تقضي بأن يحكم على الخصم المحكوم عليه بمصاريف الدعوى وحيث ان المادة 186 من قانون المرافعات تجيز للمحكمة الزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها او بعضها في حالات معينة من بينها حالة ما اذا كان (قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى او بمضمون تلك المستندات) وهذه هي الحالة الماثلة من احتفاظ الشركة المحتكم ضدها بميزانية عام 1406هـ من 1/11/1986 حتى 2/7/1987 دون اخطار البنك بها او ايقافه على مضمونها.
وحيث ان الهيئة تقدر مصروفات التحكيم بمبلغ الف جنيه مصري واتعاب المحكمين بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه لكل منهم.
لذلــك حكمت الهيئة بإنحصار مستحقات البنك المحتكم لدى شركة مصر للسياحة المحتكم ضدها في مبلغ 13,66298 ريالاً سعودياً وألزمت البنك بثلثي مبلغ المصاريف والأتعاب والشركة المحتكم ضدها بثلث مبلغ المصاريف والأتعاب.
أمين السر العضو العضو رئيس الهيئة
علي عباس حلمي أ. ماهر مهدي محمد د. محمد سليم العوا د. انور اسماعيل الهواري