المحكم كان فرداً أم هيئة ، يتم تعيينهم من قبل طرفي النزاع ويتم تحديد اختصاصهم وكيفية ردهم ، واستقالتهم ، أو عزلهم .
في قانون المرافعات المدنية العراقي، لا يوجد ما يمنع طرفي النزاع من الاتفاق على أسماء المحكمين عند الاتفاق على شرط التحكيم، وطالما أن ذلك يحصل بإرادتهم الحرة دون إملاء من جهة ما ، فلهم اللجوء إلى فرد أو هيئة، وبغية عدم تعطيل قرارات التحكيم، فيكون العدد فرديا ، إذ يمكن أن يتفق كل طرف على تعيين محكم ثم يختار المحكمان المعينان المحكم الثالث، ولكن هذ الا يعني ان سبب كان الطريق ممهد امام الطرفين في هذه التسمية اذ قد يتشاحا ولا يتفقا ، لأي ـ وقد رسمت المادة (١/٢٥٦) من القانون المذكور ، طريقا لكيفية تعيين المحكم اذ جاء فيها: «لأي من الخصوم في اتفاق التحكيم مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع بعريضة لتعيين المحكم او المحكمين بعد تبليغ باقي الخصوم وسماع أقوالهم، وتقوم المحكمة المذكورة بعد تقديم الطلب، وبعد تدوين أقوال مقدمه، أو من يمثله قانوناً ، بخصوص الطلب بإصدار قرارها على ضوء ما تقدم، بالإيجاب أو الرفض». ومن المادة المذكورة يتبين الآتي:
١- يمكن ان يكون الطلب خارج الدعوى، أي ان دور المحكمة يقتصر فقط على تسمية المحكم أو هيئة التحكيم، ويتطلب الموضوع عند إصدار القرار من المحكمين عرض الموضوع على المحكمة، ممن له مصلحة بذلك لتصديقه، وبالتالي صيرورته قابلا للتنفيذ.
وأن دور المحكمة ينتهي بتعيين هيئة التحكيم ، وليس لها تصديق قرار المحكمين ، وبهذا قضي: «.. فأن فصل المحكمة في الدعوى ينتهي بتعيين هيئة المحكمين، ...، وبعد هذه المرحلة كان يجب إقامة دعوى بطلب تصديق قرار المحكمين ....»
2- تدعو المحكمة الطرف الثاني لاستطلاع رأيه حول الموضوع وهنا لابد من الإشارة إلى ان الغاية من الدعوة هو التحقق من قيام شرط التحكيم، أي ان المحكمة لا تدخل في اصل النزاع، ودورها هنا يكون قريبا من دورها في القضاء المستعجل.
٣- نصت الفقرة /٢ من المادة المذكورة ان قرار المحكمة، في تعيين المحكم او هيئة التحكيم، قطعيا ولا يقبل أي طريق من طرق الطعن، الا ان ذلك لا يحول دون حق المتضرر من التمسك بدفوعه امام محكمة الموضوع ان رفع إليها النزاع الأصلي.
٤- وعلى وفق الفقرة / ۲ آنفا يكون قرار رفض الطلب هو الخاضع للطعن، أي أن قرار التعيين لا يخضع للطعن، وهذا الاتجاه قد لا يحقق العدالة بمداها المطلوب، لأن المبدأ الذي سار عليه المشرع العراقي في قانون المرافعات المدنية العراقي، هو خضوع الاحكام والقرارات للطعن سواء بطريق التظلم، إن كان المطعون به من الاوامر الولائية، أو بطريق الطعن التمييزي .
5- إذا ما لجأت المحكمة إلى تعيين هيئة التحكيم، فأن كيفية تعيين المحكمين غير واضحة قانوناً، ويبدو أن المحكمة هي التي تنفرد في تعيين الهيئة، فرداً واحداً كان أم مجموعة، ويبدو خلية في هذا الأمر ، لعدم وجود أي دور لطرفي النزاع في تعيين هيلة التحكيم، وهذا يتطلب تعديل المادة (٢٥٦) من قانون المرافعات المدنية العراقي لحين تشريع قانون التحكيم، وأن يكون التعيين أفراد من المحكمة على وفق اتفاق الطرفين، فيما يتعلق بعدد الهيئة، وإن كان اتفاق الطرفين على أن تكون الهيئة أكثر من شخص واحد - ثلاثة -مثلاً- فهنا يحق لكل طرف تسمية محكمه وتنفرد المحكمة بتسمية المحكم الثالث إن لم يتفق المحكمان المعينان على التسمية.
وقد نصت المادة (۱۲/ ثانيا) من مشروع التحكيم العراقي على: في حالة وجود اتفاق على إجراءات تعيين المحكمين، تتخذ المحكمة المختصة الاجراء المناسب بناءً على طلب أحد الطرفين في أحدى الحالات الآتية:
أ- اذا لم يتصرف أحد الطرفين وفقا لما تقضيه الاجراءات المتفق عليها .
ب - اذا لم يتمكن الطرفان أو المحكمان من التوصل إلى الاتفاق المطلوب منهما وفقاً لهذه الاجراءات.
ت - اذا لم يقم طرف ثالث سواء أكان مؤسسة تحكيمية أم غيرها بأداء مهمة موكلة إليه في هذه الاجراءات وأياً كان الإجراء الذي تتخذه المحكمة على وفق الفقرة ثانياً غير قابل للطعن ونرى أن مثل هذا التوجه معيب ومخالف لأحكام دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ، الذي نصت المادة (۱۰۰) منه على: «يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن».
جاء في المادة ١٢ من المشروع ما نصه : لطرفي التحكيم حرية الاتفاق على تحديد الاجراء الواجب اتباعه في تعيين المحكم أو المحكمين ....». وفي حال عدم الاتفاق على تحديد هذا الاجراء من قبل طرفي النزاع، فأن البند (أولا) المادة المذكورة جاء، متضمناً، اعطاء الحق لكل طرف في تسمية محكمه وهذان المحكمان يختاران المحكم الثالث، أما في حالة عدم تسمية أي طرف لمحكمه، أو تسمية المحكم، إلا أن المحكمين لم يتفقا على تعيين المحكم الثالث وهذه حالة متوقعة الحصول، فإن المحكمة هي التي تتبنى التعيين، وهذا ما يتفق مع احترام إرادة الطرفين وحريتهما في الاتفاق.