المحكم وهيئة التحكيم / المحكم - هيئة التحكيم / الكتب / التحكيم في المواد التجارية الإدارية والمدنية / الطعن الفوري في قرارات هيئة التحكيم الصادرة بشأن اختصاصها مع توفير بعض الضمانات الإجرائية
سبقت الإشارة إلى أنه بالنسبة للنظم القانونية وإن أجمعت على أن للقضاء الكلمة الأخيرة في الفصل في مسائل الاختصاص من خلال الرقابة على حكم التحكيم، فإنها - مع ذلك - قد تباينت فيما بينها حول سلطة المحكم في الفصل بصفة أولية في المنازعات المتعلقة باختصاصه، هل يملك المحكم سلطة الفصل في المنازعات التي تثور بشأن اختصاصه في بداية الدعوى أو أثناء نظرها، أم يتعين الالتجاء إلى القضاء للفصل في تلك المسائل والأمر بإنهاء التحكيم؟أمام تجاذب الاتجاهين بين الطعن في قرارات هيئة التحكيم الصادرة بشأن اختصاصها بشكل فوري، وبين تأجيل تلك الرقابة لما بعد صدور الحكم التحكيمي على أساس الطعن في ذلك عند الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي الدولي، كان لابد من إيجاد حل وسط للموازنة بين هذه الاعتبارات والمصالح المختلفة، وذلك من خلال السماح للأطراف باللجوء إلى القضاء للطعن في قرارات هيئة التحكيم الصادرة بشأن اختصاصها الطعن الفوري في قرارات هيئة التحكيم الصادرة بشأن اختصاصها مع توفير بعض الضمانات الإجرائية "يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في أي دفع من الدفوع المشار إليها في الفقرة (2) من هذه المادة - الدفوع المتعلقة بعدم اختصاص هيئة التحكيم - إما كمسألة أولية وإما في حكم التحكيم الفاصل في الموضوع. وإذا قررت هيئة التحكيم في قرار تمهيدي أنها مختصة، فلأي من الطرفين خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانه بذلك القرار، أن يطلب من المحكمة المحددة في المادة التحكيم". 6أن تفصل في الأمر، ولا يكون قرارها هذا قابلا للطعن، وإلى أن يبت في هذا الطلب لهيئة التحكيم أن تمضي في إجراءات التحكيم وتصدر حكم2010، فقد حدث فإنه بموجب التعديل الجديد للقانون النموذجي لسنةتغيير في هذا المقتضى، حيث أصبحت الفقرة الثالثة من المادة التعديل الأخير التي عرضت المادة 16، تنص على ما يلي: 23 وفق 3 - يجوز لهيئة التحكيمية أن تفصل في أي دفع من الدفوع المشار إليها في الفقرة 2 إما كمسألة أولية وإما بالبت في وجاهته.ويجوز لهيئة التحكيم أن تواصل إجراءات التحكيم وأن تصدر قرارا بصرف النظر عن أي طعن في اختصاصها لم تفصل فيه المحكمة بعد".
فالملاحظ من خلال النص القديم من القانون النموذجي في المادة 3/16 السابقة، قد استهدف تقييد هذه الرقابة بثلاثة ضمانات إجرائية حتى لا تستخدم كوسيلة للمماطلة من جانب الطرف السيئ النية: ا - تحديد فترة زمنية يجوز فيها اللجوء إلى المحكمة وجعل مدتها 30 يوما من تاريخ إعلان القرار. ب - عدم قابلية قرار المحكمة للطعن فيه. ج تمتع هيئة التحكيم بسلطة تقديرية لمواصلة إجراءات التحكيم وإصدار الحكم النهائي رغم عدم بت المحكمة في الطلب. أما في إطار المادة 323 المعدلة، فالملاحظ أن القانون النموذجي قد خفف من هذه الضمانات بالنسبة للنقطة الأولى والثانية، بحيث ألغى المدة الزمنية التي يمكن من خلالها اللجوء إلى القضاء من أجل الطعن في قرار هيئة التحكيم. كما أنه لم يمنع الطعن في قرار الهيئة التحكيمية، وذلك عندما تضمن عبارة البصرف النظر عن أي طعن في اختصاصها". وبالمقابل، فقد حافظ على السلطة التقديرية لهيئة التحكيم بل وأعطاها سلطة واسعة عند النظر في دفوعها طبقا لما هو مشار إليه في الفقرة 2 من هذه المادة، إما كمسألة أولية وإما عند البت في الموضوع"، مع تقرير مواصلتها لإجراءات التحكيم وإصدار الحكم التحكيمي، حتى ولو لم يكن القرار في الحكم المطعون قد صدر.، فعلى الأقل يقر بوجود قرار تمهيدي أو جزئي من خلاله تقرر الهيئة التحكيمية مدى اختصاصها، كما مكن للطرف مقدم الدفع مدة زمنية وهي 30 يوما تبدأ من تاريخ إعلانه بقرار الهيئة من خلالها يمكن تقديم الدفع حول اختصاص الهيئة التحكيمية، حتى لا يبقى الباب مفتوحا لإثارة الطعن في أي وقت من شأنه عرقلة إجراءات التحكيم وفي التعليق على ذلك، تذهب الدكتورة فاطمة صلاح الدين للقول كنا نفضل لو أن القانون النموذجي وكذلك قانون التحكيم المصري، كان قد أوجب على هيئة التحكيم أن تفصل في الدفوع المتعلقة باختصاصها بأحكام جزئية قبل الفصل في الموضوع، وذلك لإتاحة الفرصة للأطراف للطعن في هذا القرار فور صدوره دون السير في إجراءات التحكيم وانتظار الحكم المنهي للخصومة.وأمام هذا الجدل القائم حول مدى إمكانية الطعن أمام القضاء في قرارات هيئة التحكيم الصادرة بشأن اختصاصها، بين مؤيدي الطعن البعدي في هذه القرارات وبين مؤيدي الطعن الفوري المحظ أو أولائك الذين يحبذون الطعن الفوري في هذه القرارات لكن مع ضرورة توفير بعض الضمانات الإجرائية، فقد ارتأينا وضع تقييم للمسألة بما لا يؤثر سلبا على الخصوصية والمغزى الحقيقي من إسناد الاختصاص للهيئة التحكيمية عوض قضاء الدولة وهذا ما سنتعرض إليه من خلال المطلب الموالي.